الثلاثاء 2017/05/09

آخر تحديث: 16:52 (بيروت)

جولة جديدة يكسبها الأزهر ضد نظام السيسي

الثلاثاء 2017/05/09
جولة جديدة يكسبها الأزهر ضد نظام السيسي
AFP ©
increase حجم الخط decrease

نزع رئيس مجلس النواب المصري علي عبدالعال فتيلاً لأزمة يمكن تصنيفها بأنها الأكبر في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وذلك بعد تراجعه عن تمرير قانون "إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها"، الذي قدّمه النائب المثير للجدل محمد أبوحامد.

وأعلن عبدالعال، ليل الاثنين، استبعاد القانون "لعوار دستوري"، وأكد أن الموضوع أغلق تماماً واعتباره صفحة وطويت، لا حديث فيها من قريب أو بعيد بعد اليوم، لينهي أزمة أثارت جدلا وبلبلة واسعة النطاق في المجتمع المصري.

وبالنظر إلى تفاصيل ومواد القانون (ترفق "المدن" نصّه كاملاً)، لا يبدو أن الهدف من ورائه فقط محاولة الإطاحة بشيخ الأزهر أحمد الطيب إثر خلافه المتصاعد مع السيسي، بل القضاء على التعليم الأزهري في مصر، وإعادة تشكيل الهيئات والمؤسسات الأزهرية كلجنة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية والمكتب الفني لشيخ الأزهر، وطريقة اختيار شيخ الأزهر، ومحاسبته وعزله.

أحد الأسباب غير المعلنة لصدام السيسي مع الطيب، هو ما نسبته مصادر إلى إدراك المشيخة مؤخراً لدور الإخوان والتيار الإسلامي العام في "الدعوة الإسلامية"، باعتبارها حصناً اجتماعياً وقيمياً أمام الانهيارات المجتمعية المتوالية، وانتشار حالات التطرف واعتناق "الأفكار التكفيرية والإلحادية"، مع غياب الضوابط الاجتماعية والدينية، وهو ما دفع المشيخة مؤخراً لإجراء مراجعات حول دور الإخوان الدعوي.

ويستهدف القانون محاسبة شيخ الازهر ووضع عقوبات جزائية له لأول مرة، ويستهدف أيضاً وقف إنشاء المعاهد الأزهرية لمدة 15 عاماً، والاكتفاء بـ4 آلاف معهد حالياً فقط، وضم المعاهد الباقية إلى وزارة التربية والتعليم، وهي معاهد مبنية في نسبتها الأكبر بالتبرعات والجهود الذاتية، ورفع سن القبول في الصف الأول الابتدائي إلى 12 عاماً، في حين أنه 6 سنوات في وزارة التعليم، وهو ما يعني عملياً أن الطالب الأزهري سيكون في عامه الأول، في حين أنهى نظيره  المرحلة الابتدائية كاملة.


ويستهدف القانون أيضاً في إخضاع الهيئات الأزهرية كاملة، سواء الموجودة حالياً أو التي يقترحها القانون، للسلطة التنفيذية، حيث أطلق يد رئيس الجمهورية في اختيار هيئة كبار العلماء، وتوزيع صلاحيات شيخ الأزهر وتقسيمها على العديد من الجهات التنفيذية، بينها وزير الأوقاف ومفتي الديار المصرية، ونقيب الأشراف وشيخ مشايخ الطرق الصوفية والمجلس القومي للمرأة، والمجلس الأعلى للجامعات، لتكون المحصلة النهائية اختيار الرئيس 15 عضواً من ترشيح شيخ الأزهر في مقابل 36 عضواً مرشحين من الجهات التنفيذية الأخرى، ما يجعل الأغلبية داخل هيئة كبار العلماء للسلطة التنفيذية.

سحب المشروع جاء ليمنح الطيب انتصاراً مؤقتاً يضاف لسلسلة انتصاراته في مواجهة النظام، والتي بدأت منذ إصدار الطيب لبيانه الأول عقب أحداث "مذبحة الحرس الجمهوري" والتي خلفت 60 قتيلاً من أنصار الإخوان المسلمين المعتصمين في ميدان رابعة العدوية. ودان بيان الطيب وقتها العنف الممارس ضد المعتصمين، وطالب بالتحقيق فيه وإعلان النتائج أولا بأول على الشعب المصري، وهدد بالاعتكاف في بيته حتى يتحمل الجميع مسئوليتهم عن وقف إراقة الدماء، وهو التهديد الذي نفذه بالفعل، بعد فض اعتصام رابعة، حين ترك القاهرة وذهب إلى ديوان عائلته في الأقصر، المعروف بـ"الساحة الطيبية".

مشروع القانون مثل أيضاً شرخاً كبيراً في البرلمان، إذ أعلن أمين اللجنة الدينية للمجلس عمر حمروش، أن القانون يأتي في ظل هجمة غير مبررة على الأزهر الشريف، والهدف منه هو النيل واستهداف الشيخ الطيب، قبل أن يعلن حوالى 200 نائب عزمهم زيارة الطيب لإعلان دعمهم ورفض القانون، وهي زيارة ألغيت بعد تراجع عبدالعال عن القانون، فيما دعت شخصيات لها حضور قبلي واجتماعي في الصعيد لتدشين "ائتلاف الدفاع عن الطيب" وسط تداول لبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي صحف مصرية، منسوبة لقبائل وعائلات الصعيد، هددت بأقصى درجات التصعيد في حال الإطاحة بالطيب.

ولعل الأهم من كل ذلك، أن سحب القانون مثّل هزيمة أخرى للنظام، تخصم من رصيده بشدة في الوقت الذي يستحضر فيه المصريون أجواء الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2018، فهل يلجأ السيسي لتبريد الأجواء ومصالحة خصومه، أم يستمر في الصدام ما يعطي الفرصة لمناوئيه لتكوين تكتلات ضده؟

النص الكامل لمشروع قانون "إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها":


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها