الأحد 2017/05/07

آخر تحديث: 18:08 (بيروت)

مصر:سباق الانتخابات الرئاسية بدأ مبكراً

مصر:سباق الانتخابات الرئاسية بدأ مبكراً
AFP ©
increase حجم الخط decrease

جاءت دعوة مؤسس "التيار الشعبي" المصري، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية حمدين صباحي، لتشكيل "جبهة وطنية" موحدة تتوافق على مرشح للانتخابات الرئاسية عام 2018، كمن ألقى حجراً في مياه ساكنة، نتيجة الجمود الذي يعاني منه المشهد السياسي في مصر.

وقال صباحي خلال مؤتمر إعلان اندماج حزبي "الكرامة" و"التيار الشعبي" في "تيار الكرامة"، قبل يومين، إنه "آن أوان التغيير ومواجهة سلطة فاشلة، لأن نظام (الرئيس المصري عبدالفتاح) السيسي بات خطراً على الدولة المصرية (...) النسخة الأكثر سوءاً لنفس السياسات التي ثار عليها المصريون في 25 يناير (كانون الثاني)".


دعوة صباحي جاءت لتكشف أن السيسي ومناهضيه يسيرون في مسارين متوازيين نحو الانتخابات الرئاسية المقبلة. فالرئيس المصري المدرك لانخفاض شعبيته وتراجعها الحاد بعد 3 سنوات من إدارته للبلاد، يعتزم الترشح لولاية ثانية، وخصومه، على كثرتهم وعدم اتحادهم، ينتظرون هذه المناسبة كفرصة للخلاص منه، مدعومين بالسخط الشعبي المتصاعد ضده.


بحسب معلومات لـ"المدن"، فإن السيسي لم يبد اهتماماً باعتراضات وتقارير وصلته عن رفض داخلي وخارجي لترشحه لولاية ثانية، والاكتفاء بولاية واحدة مع ضمان خروج لائق له كقائد لـ"ثورة 30 يونيو/حزيران" أنقذ مصر بعد أن أسقط حكم الإخوان، وهي اعتراضات رفضها السيسي جميعها وقرر السير على خطى مبارك الذي استمر في الحكم 30 عاماً، لكن الفارق في حالة السيسي أنه لن يستطيع الترشح بالتوافق نفسه الذي حصل عليه عام 2014.


على الرغم من عدم إعلانه الترشح رسمياً، إلا أن شواهد عديدة تؤكد نوايا الرجل الإقدام على ذلك، آخرها ما قاله في مؤتمر الشباب الثالث في الاسماعيلية أواخر الشهر الماضي، حين خاطب المصريين قائلاً: "استحملوا سنة كمان، وبعد كدا فيه انتخابات (...) اختاروا ما شئتم، وربنا يعين ويوفق اللي ييجي"، وهي الجملة التي عكست وفق قراءة الساحة السياسية المصرية نية السيسي للترشح مجدداً.


في طريقه للرئاسة يحاول السيسي عرقلة خصومه، مستغلاً إمساكه بمقاليد الحكم وسيطرته الظاهرية على مؤسسات الدولة، عن طريق دعوات تعديل الدستور من نواب في البرلمان يخضعون في ولاءاتهم للأجهزة المحسوبة عليه، فبعد دعوات تعديل الدستور التي انطلقت في فبراير/شباط الماضي، لزيادة فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، التفافاً على النصوص الدستورية التي تمنع تعديل المواد المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية، طرحت دعوة برلمانية أخرى، بإعطاء حق انتخاب الرئيس لأعضاء البرلمان فقط، بعيداً عن الانتخابات الشعبية، وهي كلها دعوات تستهدف قطع الطريق على منافسي السيسي المحتملين، وضمان استمراره في سدة الحكم.


وعلى الرغم من نجاحه في بسط هيمنته ونفوذه على مؤسسات الدولة المصرية منذ تعيينه كوزير للدفاع إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، إلا أن معارك بسط الهيمنة والنفوذ خلقت الكثير من خصوم له، بدءاً من معركته مع الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي العام، وكذلك صدامه مع رجالات نظام مبارك، وانتهاء بإقراره لقانون السلطة القضائية قبل أيام، برغم معارضة كل الهيئات القضائية له، مروراً بالأوضاع الاقتصادية السيئة وارتفاع الأسعار المتواصل للسلع والخدمات، وتراجع مستوى معيشة المصريين، وصدامه مع نقابات الأطباء والمحامين والصحافيين وشيخ الأزهر، وفشله في محاربة الإرهاب الذي انتقلت عملياته من سيناء لوادي النيل بتفجير كنائس في القاهرة والاسكندرية وطنطا.


وفي المقابل، لا يبدو خصوم السيسي جاهزين للتوحد ضده وإسقاطه، أو حتى منافسته، فالخلافات بين رفقاء يناير اتسعت هوّتها وأصبح جسرها صعباً يتطلب تتازلات من جميع الأطراف، لكن يبقى الأمل معقوداً على شخص من خارج الدائرة التي طوّقت البلاد منذ 25 يناير/كانون الثاني.


يبرز الفريق سامي عنان، رئيس الأركان السابق، والفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي الحاصل على المركز الثاني بمواجهة مرسي، كمرشحين محتملين دائماً لمواجهة السيسي؛ عنان سبق وأعلن ترشحه في انتخابات 2014 قبل أن ينسحب "إعلاء للمصلحة العليا للبلاد"، ويبدو عنان مرشحا مفضلاً للعديد من القوى السياسية المحسوبة على الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان المسلمين، الذين تتواتر معلومات عن تواصل بين الطرفين، علماً أنهما يحرصان على نفيه.


وبحسب معلومات "المدن"، فإن أطرافاً محسوبة على نظام مبارك استطلعت آراءَ حول ترشيح قائد عسكري سابق  خارج ثنائية عنان-شفيق لانتخابات 2018. تلك الشخصية تولّت قيادة أحد الجيوش الميدانية، قبل أن يتم ترقيتها لمنصب رئيس الأركان. وتقول المصادر إن هذه الشخصية تحظى بدعم إقليمي، وكذلك دعم شخصي من أسرة الرئيس الأسبق حسني مبارك.


من المدنيين لا يبدو أن هناك من هو قادر على منافسة السيسي، بدءاً من طارق العوضي المحامي في قضية "تيران وصنافير"، مروراً بخالد علي، وحمدين صباحي، وعبدالمنعم أبو الفتوح، وصولاً إلى شخصيات مثل المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي وإن حصل على تعاطف وقبول شعبي بعد إطاحة السيسي به، إلا أنه لن يكفيه للوصول إلى الرئاسة.


وأمام تلك الوقائع، يبدو السؤال حول احتمال إجراء الانتخابات الرئاسية في 2018 من عدمها قائماً، مع رغبة السيسي وحلفائه المستمرة في تعديل الدستور، وذلك إن حصل يعني تذليل كل العقبات أمامه للفوز بولاية ثانية، وفتح الاحتمالات أيضاً على انفجار شعبي على غرار ما حصل عام 2011.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها