الثلاثاء 2017/05/30

آخر تحديث: 12:49 (بيروت)

تهويد القدس في نهاياته:إسرائيل تبني مدينة تحت الارض

الثلاثاء 2017/05/30
تهويد القدس في نهاياته:إسرائيل تبني مدينة تحت الارض
AFP ©
increase حجم الخط decrease
في الوقت الذي يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحريك العملية السلمية واستئناف المفاوضات التي تقود لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، جاء اجتماع الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، الأحد، في نفق أسفل حائط البراق بمحاذاة المسجد الأقصى في قلب القدس القديمة، ليُعلن عن استراتيجية الحكومة اليمينية الرامية إلى تهويد المدينة ارضاً ومسكناً وحتى المناهج المدرسية للمقدسيين، في تحدٍ واضح لحل الدولتين، ولأي تسوية سياسية من شأنها أن تقسم القدس.

وكتب نيتنياهو في أعقاب اجتماع حكومته على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "اتخذت خلال اجتماع الحكومة سلسلة من القرارات المهمة لتعزيز عاصمتنا القدس".

وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية طارق رشماوي لـ"المدن" إن الحكومة تعتبر اجتماع نتنياهو ووزرائه في هذا المكان الحساس دينياً والواقع في القدس الشرقية، استفزازاً للفلسطينيين والعرب معاً، وخاصة في اليوم الثاني لشهر رمضان المبارك، معتبراً أن هذا الاجتماع الإسرائيلي باطل قانونياً، كونه يُعقد في قسم من القدس قد تم احتلاله عام 1967، كما أنه يقوض الجهود الرامية إلى تهيئة المناخات لإطلاق المبادرة السياسية للإدارة الاميركية الجديدة.

وأضاف رشماوي أن الحكومة الفلسطينية بدأت بالتواصل مع الجهات العربية لمطالبة المستويات الدولية السياسية والقانونية بإجراءات من شأنها أن تردع إسرائيل عن اتخاذ خطوات تمس بواقع المدينة المقدسة، بما فيها نية الإحتلال اجبار طلبة المدارس المقدسية على المنهاج الإسرائيلي بشكل يخالف الشرعية الدولية. وبيّن رشماوي أنه إذا بقي المجتمع الدولي صامتاً إزاء المنحى الخطير الذي حصل وسيحصل فإن هذا يعني إمعاناً أكبر من اسرائيل في تجاوز قرارات الشرعية الدولية.

خبير الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية في جمعية "الدراسات العربية" في القدس خليل تفكجي، اعتبر أن اختيار اسفل حائط البراق مكاناً لجلسة الحكومة الإسرائيلية، فيه رسالة للعالم مفادها "بأن التاريخ اليهودي موجود في هذا المكان"، وهي عبارة استخدمها نتنياهو مطلع أيار/مايو في رده على قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) والذي جدد اعتبار اسرائيل محتلة للقدس.

وبخصوص ما تم الإعلان عنه من مشاريع تهويدية على هامش الاجتماع المذكور وخاصة (تل فريك والمصاعد)، أوضح تفكجي لـ"المدن"، أنها عبارة عن مصادقة لقرارات سابقة كانت مُجمدة، ولمّا وجد نتنياهو المناخ المناسب، وحصل على ضوء أخضر ضمني من ترامب، عاد ليصادق على هذه المشاريع ويمضي فيها قدماً. وأكد تفكجي أن تلك الممارسات ستغير الطابع العربي والإسلامي للمدينة المقدسة، ما يعني أن اسرائيل تقول بعدها للعالم: "لا أحد يمنعني من فعل أي شيء في هذه المدينة لأنها لي ومن حقي".

وحذّر تفكجي من أن "تهويد القدس بات في خواتمه، ولدى اسرائيل الامكانات اللازمة ولديها برنامج وإستراتيجية وأموال من اجل ذلك، فيما لا الجانب الرسمي الفلسطيني والعربي يفعل شيئاً لحماية المدينة وتعزيز صمود سكانها الفلسطينيين، بل يكتفي بالمراقبة والكلام الإعلامي، فلا يدفع مالاً ولا يبذل جهداً لحماية المدينة من التهويد. إذاً، على ماذا نعول لحماية القدس؟".

عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" واصل أبويوسف، قال لـ"المدن"، إن اجتماعاً للجنة التنفيذية برئاسة محمود عباس سيُعقد مساء الثلاثاء، من أجل مناقشة العديد من القضايا والمستجدات السياسية، وأن اجتماع حكومة نتنياهو الخطير قرب حائط البراق سيكون على جدول الأعمال، لتدارس ما يُمكن فعله لردع اسرائيل عن أي خطوات تجعل من المستحيل الحديث عن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.

وأكد أبو يوسف أن الرسالة الواضحة التي أرسلها نتنياهو ووزراؤه من قلب القدس القديمة تكمن في تجسيد ما تقوله اسرائيل في الإعلام على ارض الواقع وهو أن "القدس عاصمة موحدة لإسرائيل".

وإلى جانب المشاريع التهودية والإستيطانية الإسرائيلية، فإن اسرائيل تبذل منذ احتلالها فلسطين جهوداً كبيرة لتغيير الرواية التاريخية وتحريفها، فتقوم بحفر أنفاق سرية أسفل القدس القديمة بحثاً عن هيكل سليمان وما يثبت أحقية اليهود بالأرض المقدسة.

ويقول خبراء الآثار في القدس إن هناك انفاقاً "نعرف بها ويسمح لأي سائح المرور بها، وهناك انفاق لا نعرفها ولكن الانهيارات في الشوارع أو البيوت المقدسية تظهر أن هناك شيئاً ما يجري تحت الأرض".

وبحسب ما ذكر خبراء وباحثون لـ"المدن"، يوجد نفقان أساسيين، أما الأنفاق الأخرى فهي عبارة عن تفرعات لها؛ النفق الاول يمتد حوالى 450 متراً من الحائط الغربي لمنطقة البراق ويمتد طولياً من الاتجاه الجنوبي الى الشمالي. وفي هذا النفق يوجد مدينة تحت الأرض، إذ يجد السائح الأجنبي الرواية اليهودية المُحرفة، ويشاهد احجاراً داخل المكان يصل وزنها الى 750 طناً، وهي أحجار من الفترة القديمة، كما توجد بوابة ضخمة مغلقة، لا يُعرف ماذا تُخفي خلفها.

أما النفق الثاني ينطلق من منطقة سلوان ويصل حتى حائط البراق، ويزعم الجانب الإسرائيلي أن مدينة داود التاريخية كانت قبل ثلاثة آلاف سنة.

وبينما تتعاظم المخاوف على المسجد الأقصى من الانهيار نتيجة الحفريات التي تجري أسفل الأرض، يرى تفكجي أنه لا يوجد حتى الآن دليل ملموس أو أي خيط على وجود أنفاق وحفريات أسفل الأقصى، حيث يعتقد أن المسجد لا يزال بعيداً عن الحفريات كما أن قبة الصخرة المشرّفة مقامة على صخرة، الأمر الذي يجعلها متماسكة وقوية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها