الأربعاء 2017/05/31

آخر تحديث: 07:57 (بيروت)

باريس: "بوتين، طال انتظار القذافي لك"

الأربعاء 2017/05/31
باريس: "بوتين، طال انتظار القذافي لك"
AFP ©
increase حجم الخط decrease

أثارت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى باريس، الاثنين، واستقباله في قصر فرساي العريق من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استياء المعارضة الروسية، ومواطنين فرنسيين.

ونظّم معارضو بوتين تظاهرة في باريس، شارك بها عدد من كبار زعماء المعارضة الروسية، احتجاجاً على استقبال الرئيس الفرنسي لـ"القاتل والسفاح". وحمل المتظاهرون لافتات حملت إحداها صورة بوتين إلى جانب الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي، كُتب عليها بالروسية "بوتين، طال انتظار القذافي لك".

وأفاد أحد المواقع الروسية المعارضة، أن تظاهرة الإحتجاج هذه، التي نظمها المواطنون الفرنسيون، سارت تحت شعار "أوروبا الموحدة ضد سياسة بوتين". ودعوا الرئيس الفرنسي لتذكير بوتين "بضرورة التوقف عن خرق حقوق الإنسان في روسيا، وخرق روسيا للقانون الدولي بحق البلدان الأخرى". ونقل الموقع عن "راديو الحرية"، أن ذوي الأوكرانيين المعتقلين في  السجون الروسية، دعوا ماكرون لإثارة قضية هؤلاء في المحادثات مع بوتين.

رئيس تحرير موقع "نيوزادر" الإلكتروني الروسي المعارض ألكسندر كوشنير، أخذ على الرئيس الفرنسي قوله "إن التحدث إلى روسيا أمر ضروري حتماً، لأن ثمة سلسلة من القضايا الدولية لن تُحل دون حوار صعب معها. وسأكون متطلباً في العلاقة مع روسيا". وذكًر كوشنير، على حسابه في "فايسبوك"، بقول السناتور الأميركي جون ماكين عن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، أثناء زيارته الأخيرة إلى واشنطن إنه ليس هناك لـ"دمية القاتل والسفاح هذا ما يفعله في المكتب البيضاوي". ويبدو أن الرئيس الفرنسي لا يرى، بحسب كوشنير، أي تناقض منطقي بين "صعوبة " الحوار مع السفاح، واستضافة السفاح عينه في قلعة الديموقراطية الليبرالية (قصر فرساي).

ومما يذكر أن زيارة بوتين إلى باريس تم توقيتها بمناسبة إقامة معرض في قصر فرساي بمناسبة الذكرى 300 لزيارة القيصر الروسي بطرس الأكبر إلى باريس عام 1717. واعتبر المعارض المعروف بيتر بيونتكوفسكسي، أنه من المعيب إقامة معرض في قصر فرساي في ذكرى زيارة بطرس الأكبر لباريس، وهو المعروف أيضاً بالإغتصاب والقتل وتقطيع الرؤوس، وأنه هو الذي قتل ابنه، ولي العهد البالغ من العمر 15 عاماً تحت التعذيب.

في المقابل، كان لمركز "كارنيغي-موسكو" رأي آخر حول استضافة بوتين في قصر فرساي. فقد رأى في تقييم له أن دعوة بوتين إلى قصر فرساي هو بمثابة إعلان الرئيس الفرنسي نفسه زعيماً جديداً لأوروبا الغربية. ولم يتم اتخاذ القرار بالزيارة في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين فحسب، بل في إطار علاقة فرنسا بالغرب والإتحاد الأوروبي. ويحاول ماكرون أن يثبت بذلك قدرته على التحدث إلى "الفتية السيئين"، ورسم خطوط حمراء لهم، والفرز بين المهام البراغماتية والأولويات القيمية.

ويرى المركز، أن استقبال ماكرون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قصر فرساي في زيارة عمل، قد ألغى إمكانية المحادثات الرسمية في قصر الإليزيه. ويكون الجانب الفرنسي قد عبر بذلك عن رغبته في الإحتفاظ بمسافة معينة مع الضيف الأجنبي وسياسته. ويؤكد مركز "كارنيغي" في تحليله، أن المفاوضات كانت من أكثر المفاوضات توتراً، وأكثرها إنتاجية، في الوقت عينه. فلم يسبق لأحد أن أنتقد وسائل الإعلام الروسية بمثل هذه القسوة بحضور بوتين، بسبب البروباغندا والكذب. وفي الوقت عينه، لم يسمح أحد لنفسه من الزعماء الغربيين أن يذهب بعيداً إلى هذا الحد في ظل سياسة الإحتواء. وازدواجية ماكرون الجيوبوليتيكية هذه قد ترتد على روسيا خيراً، أو قد تفضي إلى أزمات جديدة لها.

وقد أثارت دعوة بوتين إلى قصر فرساي ردات فعل متناقضة لدى النخبة السياسية الفرنسية، حسب المركز. فالجمهوريون، المنافسون لماكرون في الإنتخابات النيابية المقبلة، لا يسعهم امتداح هذه الخطوة، وإن كان كثيرون منهم يؤيدون عودة العلاقات مع موسكو. أما الإشتراكيون، فقد وصفوا ماكرون بأنه "فيون الجديد"، وانتقدوه لاستعداده للإنحناء أمام الدب الروسي. وقالوا إن مكان بوتين ليس في قصر فرساي، بل هو في لاهاي.

أما موسكو فقد أرادت من خلال الزيارة زيادة الضغط على كييف بشأن اتفاقات مينسك، والحصول على الإعتراف بأنها تطبق كل التزاماتها في هذا الخصوص على أفضل وجه. وفي الشأن السوري كانت تريد موسكو لو تحظى بقبول فرنسا الإنضمام إلى الإئتلاف المناهض لـ"الدولة الإسلامية"، الذي تتزعمه، لكن بشروط الشريك الأصغر. لأن منطق موسكو يقوم على أنها هي الوحيدة التي تمتلك تفويضاً قانونياً من دمشق لخوض العمليات الحربية في سوريا.

والجدير بالذكر، أن زيارة بوتين لفرنسا لم تترافق مع إعادة الدولة الفرنسية للقوى الأمنية المولجة حماية السفارة الروسية في باريس. فالسفارة الروسية هناك، هي السفارة الوحيدة التي سحبت الدولة الفرنسية القوى الأمنية من حولها في الخريف الماضي، على قول صحيفة "إزفستيا" الروسية الأسبوع الماضي، ولم تعدها سوى لفترة قصيرة أثناء التفجيرات في سان بطرسبورغ ومقتل السفير الروسي في تركيا، وعادت وسحبتها من جديد بذريعة الحاجة لهذه القوى في مكافحة الإرهاب في فرنسا.

أما في ما يتعلق بالإعلام الروسي الموالي للكرملين وموقفه من زيارة بوتين إلى فرنسا، فقد وصفه بدقة مراسل "فرانس 2" في موسكو، كما نقلت عنه إحدى قنوات التلفزة الروسية. وقال المراسل إنه ما إن تم الإعلان عن لقاء بوتين مع ماكرون في باريس، حتى توقفت هذه الأجهزة فجأة عن السخرية من الرئيس الفرنسي الفتي، وغدت ترى فيه "الأمل في عودة عظمة فرنسا السابقة"، مع الإشتراط، بالطبع، بتحسين العلاقات مع روسيا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها