الأربعاء 2017/05/24

آخر تحديث: 18:22 (بيروت)

صفقات ترامب الفلسطينية..قبل الصفقة الكبرى

الأربعاء 2017/05/24
صفقات ترامب الفلسطينية..قبل الصفقة الكبرى
AFP ©
increase حجم الخط decrease

أنهى الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولة شملت السعودية وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، من دون أن تتضح ماهية خطته الرامية إلى تحريك عملية السلام، ما جعل نشاط وسائل الإعلام، والصحف على وجه التحديد، محصوراً في إطار التصريحات العلنية التي أدلى بها ترامب.

صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في عددها الصادر، الأربعاء، أشارت إلى أن شخصيات أميركية ومسؤولين في الامم المتحدة ترى أن هدف زيارة ترامب هو التقارب مع السعودية، والتوصل إلى حل يرضي الفلسطينيين. وعنونت على صدر صفحتها الأولى: " ترامب لرئيس تكتل المعارضة الإسرائيلية: أنا مُصر حتى النهاية على التوصل لاتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

أما صحيفة "إسرائيل اليوم"، فتحدثت عن تبدد المخاوف الإسرائيلية من إمكانية تعرض اسرائيل لضغوط أميركية، وقالت أن ترامب لم يشترط تحسن العلاقات الإسرائيلية الأميركية بتحسن العلاقات مع الدول العربية، فيما كان الضغط من طرفه على الفلسطينيين فقط، بحسب الصحيفة.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إلى أن مبعوث ترامب الخاص سيصل إلى اسرائيل والأراضي الفلسطينية الخميس المقبل، لتطبيق سياسية ترامب المتعلقة بعملية السلام.

أما صحيفة "هآرتس"، فعنونت "ترامب ذهب حتى النهاية من أجل احتلال قلوب الإسرائيليين". ونقلت عن "شخصية أميركية رفيعة"، إن "الرئيس ترامب يريد تحديد خطوط عريضة متفق عليها لعملية السلام".

وذهبت القناة العاشرة الإسرائيلية إلى الإستنتاج المؤلم للفلسطينيين، فقالت إن ترامب لم يذكر الدولة الفلسطينية، ولا حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

وتبدو استنتاجات وتلخيصات الصحافة الإسرائيلية في معظمها غير جديدة، فقد كان هذا واضحاً وجلياً في تصريحات ترامب السابقة، غير أن الجديد الوحيد الذي ظهر من هذه الزيارة هو إقرار الرئيس الأميركي بصعوبة الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، عندما قال "إن هناك إمكانية للوصول الى اتفاق رغم الصعوبة". وشكّل هذا الأمر تنازلاً طفيفاً عن حماسته الكبيرة ازاء الوصول إلى حل للصراع برعايته وفي ظل غطاء سياسي واقتصادي ستوفره الولايات المتحدة للعملية السلمية الجديدة التي ينوي إطلاقها.

وفي ما بدا التفاؤل من جميع الأطراف سيد الموقف، ذلك أنها تجد في المناخ الحالي فرصة ذهبية للوصول إلى اتفاق سياسي وسط اجماع عربي بضرورة حل القضية الفلسطينية، إلا أن أحداً لا يعرف بعد تفاصيل وماهية الجُهد السياسي الأميركي حول هذا الموضوع.

وبحسب المصادر، فإن ترامب طلب من نتنياهو خطة سياسية يقبلها الفلسطينيون، ثم طلب الأمر نفسه من رئيس السلطة محمود عباس، بالترافق مع سماعه من رجال اقتصاد فلسطينيين ومن مؤسسات مجتمع مدني حول متطلبات المجتمع الفلسطيني بالأرقام والوقائع، وكذلك من  المستويات الإسرائيلية لمعرفة احتياجات إسرائيل، تمهيداً للخروج بصيغة نهائية للخطة.

في المقابل، ينظر اليمين الإسرائيلي بزعامة رئيس الوزراء بعين حذرة إلى العهد الجديد تحت قيادة ترامب، ولم تُخفِ إسرائيل تفاجؤها بين الفينة والأخرى بخطوات ومواقف الرئيس الجمهوري. ورغم العلاقة الاستراتيجية بين تل ابيب وواشنطن، إلا أن هذا لا يمنع الخلاف على الآلية في ما يتعلق بالعديد من الملفات، وتعتبر المبادرة السياسية الجديدة مثار قلق اسرائيلي، لكن في الوقت نفسه يحرص اليمين على عدم التصادم مع ترامب، فلا يمكن لنتنياهو أن يلجأ إلى الكونغرس كما كان يفعل في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

ولذلك، يحاول اليمين الإسرائيلي أن يُفجر المفاوضات قبل إطلاقها رسمياً، وذلك عبر الاشتراط باعتراف القيادة الفلسطينية باسرائيل كدولة يهودية قبل أي حل، وكذلك الحديث عن "التحريض الفلسطيني".

مصدر مطلع على محادثات ترامب وعباس، قال لـ"المدن"، إن الرئيس الأميركي لم يناقش قضايا جوهرية كثيرة مع عباس خلال لقائهما في بيت لحم، الثلاثاء، وقام ترامب بإطلاع عباس على نتائج لقائه بالمسؤولين الإسرائيليين ومستقبل عملية السلام، فالجوهر حسب ما ذكره المصدر قد نوقش في زيارة محمود عباس الى البيت الأبيض في وقت سابق.

ويضيف المصدر، ترامب أبلغ نظيره الفلسطيني أنه سيعلن عن مبادرة سياسية تقوم على اعادة الجانبين لطاولة المفاوضات لمدة تتراوح بين 12 و18 شهراً، يجري خلالها محاولة التوصل لمجموعة صفقات تقود إلى الصفقة الكُبرى.

وبحسب المصدر، فإن الصفقات التي يراها ترامب في سياق عقليته كرجل أعمال: (صفقة حول قضية الاستيطان، صفقة الأمن، صفقة الحدود، صفقة اللاجئين، صفقة القدس، صفقة المياه)، سيتم مناقشتها بعملية تراتبية وليس بالتوازي، حتى لا يؤثر الخلاف على مسألة معينة على مسار القضية الأخرى، وبالتالي يمنع هذا الأسلوب انفجار المفاوضات على غرار ما كان يحدث في المرات السابقة عندما كانت تُناقش كل هذه الامور دفعة واحدة.

وترى أوساط سياسية أن تحريك العملية السلمية حاجة أميركية بامتياز، وتهدف من خلالها إلى السيطرة على الأوضاع، ومنع الانفجار في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي الحيلولة دون استثمارها كحجة من قبل "الإرهاب الدولي"، فالأميركيون مهتمون بعملية سلمية بصرف النظر عن نتائجها، وهم يعرفون أنه من الصعوبة بمكان إقناع إسرائيل بإعطاء دولة للفلسطينيين، وأنه من دون ذلك لن يكون حل جذري وحاسم للصراع.

في المقابل، لا يوجد لدى عباس أي خيار إلا الموافقة، لأن عدم الموافقة تعني العزلة وعباس يريد تقليل الخسائر وتغيير وجهة نظر السياسة الأميركية، في وقت تعتقد فيه القيادة الفلسطينية أنها نجحت بالفعل في تعديل بعض المواقف لترامب ولو قليلاً. كما أن خطة ترامب المنتظرة ستحمل جوانب اقتصادية من شأنها ان تنعش الاقتصاد الفلسطيني عبر إقامة مشاريع في المناطق المصنفة "ج"، علاوة على استعادة زخم الدعم المالي الدولي للسلطة الفلسطينية والذي تناقص بشكل كبير في السنوات الأخيرة، من مُنطلق أن تجدد هذا الدعم وتكثيفه لصالح السلطة من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة ما، تسميها واشنطن ومعها قادة عرب بـ"قوى التطرف" في الشارع الفلسطيني.

ولا يخفى أن الدعم المالي كان مُحفزاً كبيراً للسلطة الفلسطينية بل ولحماستها لصفقة ترامب، فهي من جهة لن تخسر شيئاً لأنها ستصر على حدود عام 1967، وسيتراجع زخم الاستيطان خلال المفاوضات المأمولة، ومن جهة أخرى سوف تنتعش اقتصادياً بشكل غير مسبوق وفقاً لوعود الإدارة الأميركية الجديدة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها