السبت 2017/05/20

آخر تحديث: 11:15 (بيروت)

أين المكيدة في اتفاق الخفسة بين "قسد" والنظام؟

السبت 2017/05/20
أين المكيدة في اتفاق الخفسة بين "قسد" والنظام؟
كثيرون من الأهالي يعتبرون الاتفاق مكيدة للإيقاع بهم (سمارت)
increase حجم الخط decrease
من المتوقع أن تنسحب مليشيات النظام من بلدة الخفسة، بالقرب من نهر الفرات شرقي حلب، ابتداءً من السبت، بعد اتفاق توصلت إليه مع "قوات سوريا الديموقراطية"، بحضور وجهاء من البلدة وريفها. الاتفاق عُقدَ في بلدة العريمة شرقي منبج، الأربعاء، وينص على انسحاب مليشيات النظام من الخفسة، وعدد من المزارع القريبة منها لصالح "قسد"، على أن تحتفظ مليشيات النظام بمحطات ضخ المياه القريبة، لإدارتها وصيانتها بشكل دوري.

وسبق هذا الاتفاق تظاهر المئات من نازحي أبناء بلدة الخفسة وريفها إلى مناطق "قسد" في محيط منبج، الثلاثاء والأربعاء، بالقرب من خط التماس بين النظام و"قسد" جنوبي منبج. وبتشجيع من "قسد" طالب المتظاهرون مليشيات النظام بالخروج من قراهم، والسماح لهم بالعودة إليها ليتمكنوا من جني محاصيلهم الزراعية. وهاجم المتظاهرون حاجزاً لمليشيات النظام جنوبي قرية خان الحمر، ولم يصطدم الطرفان، ولم يحدث أي اشتباك، بحسب ناشطين محليين، لأن عناصر النظام كانوا قد أخلوا الحاجز قبل وصول المتظاهرين إليه.

مليشيات النظام كانت قد سيطرت على الخفسة في 7 آذار/مارس 2017، خلال الهجوم البري الواسع الذي شنته ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريف حلب الشرقي. وللبلدة قيمة كبيرة بالنسبة للنظام بسبب قربها من محطات ضخ مياه الشرب، التي تدفع مياه الشرب إلى مدينة حلب. ويزيد عدد سكان الخفسة والقرى التابعة لها عن 100 ألف نسمة. وتسببت المعارك حينها بتهجير 70 في المئة من السكان، ممن لجأوا إلى مناطق سيطرة "قسد" شمالاً؛ في بلدات مزرعة الحديدي والحديدي وجب حمد وجب الخميس وتل الأسود وتل الحمر، وأقاموا فيها على شكل تجمعات سكنية مؤقتة في الخيام، والقليل منهم حالفه الحظ ووجد مسكناً.


(المصدر: LM)

ويشتكي أبناء الخفسة من حملة السرقة التي طالت معظم بيوتهم وممتلكاتهم الخاصة بعد دخول مليشيات النظام إلى مناطقهم، كذلك صودرت أعداد كبيرة من المواشي التي يشتهرون بتربيتها. ويطالب نازحو البلدة وريفها، النظام، بالإفراج عن عشرات العائلات التي اعتقلتها قواته، ويتهمون المليشيات (مع كتائب مسلحة محلية شكّلت في ما بعد ومؤلفة من الموالين للنظام) باعتقال العائلات التي وشت بها الكتائب الموالية "الشبيحة"، وكذلك بقتل العشرات من أبناء البلدة ممن ظلوا فيها. ويتحدث النازحون عن حملات التجنيد في صفوف المليشيات، وحالات خطف للنساء على الحواجز المنتشرة بكثرة في المنطقة، ومنع الأهالي من العودة إلى بيوتهم.

قسم كبير من أهالي الخفسة لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، على خلاف قرى وبلدات أخرى سيطر عليها النظام في ريف حلب الشمالي، منذ مطلع العام 2017. ربما لأن قسماً كبيراً من أبناء البلدة وريفها كانوا يوالون المعارضة، وهم على عداء مع النظام قبل سيطرة تنظيم "الدولة" عليها مطلع العام 2014. ومن كبرى العشائر التي تعرف بمعارضتها للنظام هي عشيرة الغانم، بالإضافة إلى عشائر محلية أخرى ترفض العودة إلى الديار في ظل سيطرة النظام، وذلك خوفاً من الاعتقال والأعمال الانتقامية ضدها، وتجنيد شبابها في صفوف المليشيات، كما حصل مع قسم كبير ممن بقوا في بيوتهم أثناء دخول مليشيات النظام.

تشجيع "قسد" للنازحين من أبناء الخفسة على التظاهر ومطالبة النظام بالعودة بعد انسحابه الجزئي من البلدة، لم يطمئن شريحة واسعة من أبناء العشائر، وكثيرون منهم يعتبرونها مكيدة للإيقاع بهم. فهناك مئات المطلوبين للاعتقال بينهم، ولم تتمكن "قسد" من تسليمهم لمليشيات النظام، التي طالبت بهم أكثر من مرة. ولم تتمكن "قسد" من الاستفادة منهم، عبر تجنيدهم في صفوفها، وكل محاولاتها لإغرائهم باءت بالفشل.

مصادر خاصة من المنطقة، قالت لـ"المدن"، إن الاتفاق إذا ما طُبّق فعلاً، فهو عبارة عن صفقة بين النظام و"قسد"، بحيث يستفيد منه الطرفان؛ "قوات سوريا الديموقراطية" ترغب بالتخلص من العبء الكبير الذي يشكله هؤلاء النازحون إلى مناطق سيطرتها في ريف منبج الجنوبي، وهي لا تريد السماح لمكون عربي جديد بدخول منبج ومناطق شرقي الفرات، وتحديداً إذا كان من صفات هذا المكون الطبيعة العشائرية المتماسكة التي تثير مخاوفها، وربما يشكل خطراً عليها مستقبلاً. أما النظام فسيستفيد من تجنيد آلاف الشباب في صفوف مليشياته، ويقضي على التكتل العشائري المعارض. ويقول آخرون إن مسألة انسحاب النظام من الخفسة أمر مستحيل، وذلك لأهميتها وحساسية موقعها بالقرب من محطات ضخ مياه الشرب.

وتعتبر ناحية الخفسة، بالقرب من نهر الفرات، منطقة زراعية خصبة، وفيها مساحات لا بأس بها من السهول المروية بقنوات الري والسواقي القادمة من الفرات. وهو ما جعل سكانها من أبناء العشائر من الميسورين مادياً. فالبلدة مكسب اقتصادي ومائي للطرف الذي يسيطر عليها، ولن يكون من السهل على النظام التخلي عنها إلا إذا كان الاتفاق عبارة عن خدعة، والساعات القادمة ستكشف عن إمكانية انسحاب النظام من البلدة، كما النوايا التي يخفيها الطرفان حول الاتفاق المزعوم.

وليس بعيداً عن الخفسة، تمكنت مليشيات النظام، الجمعة، من السيطرة على بلدتي القواص والحمرا، في المحاور جنوبي مطار الجراح. وقُتل 20 عنصراً من تنظيم "الدولة"، على الأقل، في قصف جوي روسي. واستهدف الطيران المروحي مواقع التنظيم. واستهدف التنظيم بسيارة مفخخة تجمعاً لمليشيات النظام في بلدة المزيونة، وفجر دبابة في بلدة الحمرا، وقتل نحو 15 من عناصر النظام بينهم قادة ميدانيون مثل المقدم أحمد إبراهيم، والنقيب صالح فايز ديبو.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها