الثلاثاء 2017/04/25

آخر تحديث: 12:39 (بيروت)

قلعة المضيق:أكثر من معبر بين النظام والمعارضة

الثلاثاء 2017/04/25
قلعة المضيق:أكثر من معبر بين النظام والمعارضة
لكل حاجز منها "تسعيرة" خاصة، ما يُضاعف أسعار البضاعة لمرات على الطريق، قبل وصولها مناطق المعارضة (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أصدرت "الهيئة الإسلامية للقضاء" التابعة لـ"الهيئة الإسلامية لإدارة المناطق المحررة"، قبل يومين، قراراً يسمح بإدخال المواد الغذائية والخضار والفواكه القادمة من مناطق سيطرة النظام، عبر بلدة قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي، بعدما كانت قد منعت إدخالها في 17 نيسان/إبريل.

"الهيئة" بررت قرار منع إدخال الخضار والفواكه القادمة من مناطق سيطرة النظام عبر معبر السقيلبية إلى قلعة المضيق، بالحد من ممارسات حواجز النظام، التي يُديرها عناصر "الدفاع الوطني" من القرى الموالية القريبة في سهل الغاب، وابتزاز الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية وقطع تبديل السيارات، بعدما وصلت تسعيرة مرور الشاحنة الواحدة عبر أحد حواجز النظام إلى 500 ألف ليرة سورية. لكن إلغاء القرار جاء استجابة لمطالب الأهالي بعد ارتفاع أسعار الخضار بشكل جنوني، إذ وصل سعر حبة البندورة الواحدة إلى 100 ليرة سورية في أسواق مدينة إدلب، وجرة الغاز إلى 11500 ليرة (الدولار 540 ليرة). وترافق ذلك مع فقدان المواد الغذائية في سوق قلعة المضيق، الذي يعد السوق الرئيس للخضار القادمة من الساحل السوري والمناطق الوسطى باتجاه الشمال السوري.

وتنتشر في ريف حماة الشمالي عشرات الحواجز العسكرية لمليشيات النظام بعضها يتبع للفروع الأمنية، وأخرى أقامها "الدفاع الوطني" في القرى الموالية، وتفرض جميعها رسوم مرور على المركبات القادمة والذاهبة إلى مناطق المعارضة، من دون تفتيش البطاقات الشخصية للركاب، بل ما يحملونه من مبالغ مالية. ولكل حاجز منها "تسعيرة" خاصة، ما يُضاعف أسعار البضاعة لمرات على الطريق، قبل وصولها مناطق المعارضة.

وأصبحت قلعة المضيق صلة وصل بين مناطق المعارضة والنظام، ومعبراً حيوياً لا يضاهيها سوى بلدة سرمدا الحدودية القريبة من معبر باب الهوى التي تعد أكبر أسواق الشمال السوري للبضائع والسيارات القادمة من تركيا، ومركزاً لمحلات الصرافة.

وتأسست "الهيئة الإسلامية لإدارة المناطق المحررة"، بعد تحرير مدينة إدلب من قوات النظام في العام 2015، وتتبع لها هيئات متعددة في مجالات القضاء والأمن والأوقاف والتعليم والدعوة والإرشاد والخدمات العامة. وتسيطر "حركة أحرار الشام" على الحواجز المسؤولة عن دخول الشاحنات إلى قلعة المضيق، ويفصل بين آخر حاجز لـ"الأحرار" وقوات النظام مسافة 400 متر على طريق قلعة المضيق–السقيلبية، وهو الطريق التجاري بين النظام والمعارضة الذي تدخل عبره المواد الغذائية وقطع غيار المركبات. كذلك يعد طريق عبور المدنيين باتجاه مدينة حماة وبالعكس، خاصة الموظفين منهم، ممن يذهبون بشكل دوري لقبض رواتبهم الشهرية من مدينة حماة.

وتسود في قلعة المضيق هدنة غير معلنة بين حواجز النظام المتواجدة في القلعة المشرفة على البلدة التي يُطلق عليها أهالي المنطقة اسم "الحابوسة"؛ وهي منطقة أثرية توجد بها بعض المنازل، هجرها أهلها لوجود ثكنة عسكرية للنظام. في حين تتواجد المعارضة داخل بلدة قلعة المضيق وفيها حواجز لـ"جيش النصر" و"أحرار الشام". ورغم المسافة القريبة التي تفصل بين قوات النظام والمعارضة في تلك المنطقة، والتي لا تزيد عن 400 متر، يسود جو من الهدوء تتخلله بعض عمليات القنص أو استهداف مليشيات النظام للبلدة من معسكر جورين وحاجز النحل في سهل الغاب، في حال استهدفت المعارضة تلك المعسكرات خلال العمليات العسكرية في ريف حماة.

وحول الأهمية التجارية لقلعة المضيق، قال الناشط الإعلامي وسيم الأعرج، لـ"المدن"، إن عدد سكان قلعة المضيق والنازحين إليها لا يتجاوز 20 ألف شخص، ومع ذلك يتواجد في البلدة حوالي 100 ألف شخص يومياً يأتون للتسوق من سوق الخضار، الذي يعتبر أكبر أسواق الخضار في الشمال، وفيه تباع الخضار القادمة من مناطق النظام، ومنها تتوزع على أسواق المناطق المحررة. كما تنتقل المنتجات الواردة من الشمال السوري كالخوخ والمشمش والكرز والرمان والقمح، والمواد الغذائية الأخرى القادمة من تركيا، إلى مناطق النظام في ريف حماة الشمالي، عبر تجار مهمتهم نقل البضائع بين الجهتين.

الأعرج أوضح أن قلعة المضيق تعتبر آخر نقاط سيطرة المعارضة وبوابة عبور المواد إلى مناطق النظام، في حين تعتبر بلدة السقيلبية في سهل الغاب الخاضعة لسيطرة النظام، والتي تبعد عن قلعة المضيق مسافة 4 كيلومترات بوابة عبور البضائع القادمة إلى المناطق المحررة.

ومن الجهة الشمالية الغربية لقلعة المضيق، على طريق قرية باب الطاقة، توجد صوامع الحبوب والتي تسيطر عليها "حركة أحرار الشام"، وهي أحد مراكز الحركة التجارية بين مناطق النظام والشمال، وتعد مركزاً لتخزين الوقود القادم من حماة. ويعمل التجار على تخزين المحروقات في الصوامع، مقابل بدل مالي تتقاضاه "الحركة" لحفظ المحروقات في الصوامع بسبب بنيتها الإسمنتية المقاومة للقصف، وكذلك لقرب قلعة المضيق من حماة، مقارنة بالمنطقة الأخرى في الريف الشمالي الشرقي. وكانت قرية أبو دالي التي تبعد عن قلعة المضيق حوالي 35 كيلومتراً، هي بوابة عبور الوقود إلى الشمال السوري، وكذلك الوقود المتجه من مناطق سيطرة "داعش" إلى مناطق النظام، لكن وعورة الطريق وسيطرة "هيئة تحرير الشام" عليها، وسوء المعاملة التي يواجهها سائقو الحافلات والتجار، دفع الكثيرين منهم للتحول إلى قلعة المضيق.

وفضلاً عن اعتبار قلعة المضيق معبراً تجارياً، فقد اعتمدت كمعبر بشري للمهجّرين من محيط العاصمة دمشق، وكذلك اعتمدتها المنظمات الدولية كنقطة عبور للقوافل الإنسانية التي تحمل المواد الغذائية والطبية، وتنقل الجرحى. كذلك هي نقطة لتهريب المطلوبين للنظام القادمين من مناطق سيطرته، إذ يتولى عناصر "الدفاع الوطني" نقل المطلوبين وإيصالهم إلى آخر حاجز للنظام بالقرب من البلدة، مقابل مبالغ تصل حتى 1600 دولار، ومنها إلى المناطق المحررة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها