الإثنين 2017/04/24

آخر تحديث: 12:13 (بيروت)

الأسيرة المحررة لينا الجربوني لـ"المدن": سأُرفع صوت الأسرى..وأُكمل دراستي

الإثنين 2017/04/24
الأسيرة المحررة لينا الجربوني لـ"المدن": سأُرفع صوت الأسرى..وأُكمل دراستي
"المدن" حاورت الأسيرة المحررة لينا الجربوني (انترنت)
increase حجم الخط decrease
شكلت مشاركة المرأة الفلسطينية في الثورة الفلسطينية مشهداً اعتيادياً بمختلف أشكاله في عهد الإنتداب البريطاني لفلسطين، والإحتلال الإسرائيلي فيما بعد، فرأيناها شهيدة وجريحة وأسيرة  نتيجة قتالها إلى جانب أحزاب علمانية أو يسارية وحتى اسلامية.

ولعل حكاية عميدة الاسيرات الفلسطينيات لينا الجربوني، 43 عاماً، والتي تحررت من سجون الإحتلال الإسرائيلي قبل أيام قليلة، تُعتبرُ مثالاً قوياً من بين أمثلة تتعدد في حالة النضال الفلسطيني. لينا ابنة قرية عرابة البطوف، فر ريف مدينة عكا داخل الخط الأخضر، اعتقلها الاحتلال في 18 أبريل/نيسان 2002، وحكم عليها بالسجن 17 عاماً، بتهمة تقديم مساعدات لفصائل المقاومة في تنفيذ عمليات فدائية ضد أهداف للاحتلال، والانتماء إلى "حركة الجهاد الإسلامي".

"المدن" إلتقت الأسيرة المحررة لينا الجربوني، فاستعرضت سنوات الأَسْر الخمس عشرة، وأبرز صنوف العذاب التي واجهتها في السجن، مروراً بأبرز الرسائل التي نقلتها من زميلاتها الأسيرات إلى المستويين الشعبي والرسمي، وكيف رأت الواقع خارج السحن بعد كل هذه السنين؟ وماذا ستفعل بعد تحررها؟

مرّت 15 سنة وأنت بين جدران السجن بتهمة مساعدة المقاومة، ليُطلق عليكِ لقب عميدة الأسيرات الفلسطينيات، ماذا تشعرين وقد تحررتِ الآن من قيد السجّان؟

بصراحة ينتابني شعور مختلط بين الفرحة والحزن.. الفرحة والسعادة لأنني بين اهلي واحبائي، فيما أنا حزينة جداً لأنني تركت ورائي وخلفي 35 اسيرة في سجن هشارون، و18 اسيرة في سجن الدامون، وثلاث اخريات ما زلن يقبعن في مراكز التحقيق التابعة للإحتلال. اسأل الله أن يكرمهن بالفرج القريب والعاجل لهن ولكافة الاسرى والمعتقلين في سجون الإحتلال.

كيف تركتِ زميلاتك الأسيرات، وهنا أتحدث، طبعاً، عن 56 أسيرة؟ هل لك أن تصفينَ لنا واقع الأَسْر الذي يعشن به؟


واقع الأسرى عموماً مرير وصعب وقاس جداً، ولأجل ذلك شرع الأسرى، الاثنين الماضي، بخوض اضراب عن الطعام تحت عنوان معركة "الحرية والكرامة" من أجل تحسين ظروف اعتقالهم، وادعوا الله ان يؤيدهم بنصره.

تزامن خروجك من الأسر مع انطلاق معركة الحرية والكرامة الذي يخوضها اكثر من ألف اسير بقيادة مروان البرغوثي، ماذا تقولين بهذا الصدد؟

الأسرى يخوضون الإضراب من أجل تحقيق مطالب مشروعة، ومن حق الاسير ان يتمتع بها لانها انسانية بحتة، فمثلاً، هم يطالبون بزيادة مدة زيارة اهاليهم وذويهم لهم لأكثر من 45 دقيقة، لأن عائلاتهم تقطع مسافات طويلة فقط لتراهم مدة قصيرة. هذا إن علمنا أن هناك أسرى ممنوعون أمنياً من الزيارة، وادارة سجون الإحتلال تسمح لذويهم بزيارتهم فقط مرة كل 6 اشهر أو مرة في السنة الواحدة. لذا هذا مطلب منطقي، كما هو حال المطلب المتعلق بالأسرى المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة القابعين في سجن الرملة فمن حق هذه الشريحة ان تمضي ما تبقى من حياتها بين اهلها.

وماهو دور الاسيرات في هذا الاضراب؟ بمعنى آخر، ما هو شكل مشاركتهن به؟

تلقينا منذ اللحظة الأولى، قراراً من قادة الحركة الأسيرة بضرورة استثناء الأسيرات من خوض هذا الإضراب، نظراً لأن معظمهن حديثات العهد في المعتقلات والسجون الإسرائيلية. ولكن دور الأسيرات في هذه المعركة سيتمثل بشروعهن بخطوات تضامنية ومساندة للإضراب؛ مثل ترجيع وإعادة ثلاث وجبات من الطعام على مدار يومين كل اسبوع.

هل لك أن تحدثينا عن حياتك انت وبقية الأسيرات في سجون الاحتلال، كيف كان يمضي يومُكن؟

بدايةً، الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي يتسلح بمعنويات عالية وارادة قوية، والوقت بالسجن يمر وفق جدول مُنظم ومرتب، حيث يمتلئ بالدورات التدريسية والتعليمية والتثقيفية. فنحاول جاهدين ان نستغل وقتنا ويكون يومنا ممتلئاً بكل معنى الكلمة.

ونواظب أيضاً على الرياضة يومياً في الصباح الباكر. كما ويكون في برنامج يومنا بالسجن فقرات متعلقة بالدُعابة والترفيه كوسيلة للانتصار على السجان وظروف الاعتقال، حيث لدينا يوم خاص نسميه "يوم ترفيهي" كل سبت، إذ تقوم الأسيرات بعرض مسرحيات ترفيهية، اضافة إلى مسابقات رياضية وألعاب ترفيهية، وهكذا.

كم يبلغ عدد الأسيرات في القسم الواحد بالسجن؟

في السابق كان "القسم 11" في سجن "هشارون" يتسع لـ44 اسيرة، ولكن تم نقلنا في ما بعد الى قسم اصغر هو "2" وتوجد فيه 32 اسيرة، فيما تنام ثلاث اسيرات على الأرض بسبب عدم توفير مصلحة السجون أسرّة لهن.

كيف تتابع الأسيرات الاخبار الفلسطينية والعربية التي تحصل في الخارج؟

معظم الاخبار نتابعها عن طريق الاذاعات المحلية الفلسطينية التي يصل بثها إلينا في السجن الذي كُنا نقبع فيه، والفضائية الوحيدة التي توفرها لنا مصلحة سجون الاحتلال هي قناة "العربية"، لكن اهتمامها بالشأن الفلسطيني قليل جداً ولا تسد رمقنا. ولذلك كانت الإذاعات المحلية الوسيلة الوحيدة لمعرفة ما يحصل في الخارج يومياً فنتابع بعض البرامج الاخبارية وتلك الخاصة بالاسرى على أثيرها.

كنا نتفاعل مع ما يجري في الوطن العربي وفلسطين، كنا نهتم جداً وكنا نتألم. ورغم التنوع الفكري والسياسي والمناطقي للاسيرات، إلا أننا كُنا نحرص على عدم التصادم والتجادل، فالاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية. صحيح، نختلف ولكن نحن في النهاية في سجن احتلالي ويجب ان نتوحد ولا يوجد مجال للتصادم والإختلاف.

تعرضتِ خلال سجنك لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي، ووُضعت في العزل الانفرادي، وتفاقم وضعك الصحي جراء الإهمال الطبي، حدثينا عن ذلك؟

بصراحة لا احب أن اتذكر تلك الأيام العصيبة. السنوات الأولى من اعتقالي كانت صعبة جداً علينا وكنا في معتقل الرملة في البداية ومع سجينات متهمات بقضايا جنائية.

واضطررنا الى خوض اضراب عن الطعام وقتها لفصلنا عن الجنائيات، وفي ذلك الحين تم اقتحام القسم الذي نقبع فيه اكثر من مرة من قبل قوات "الماتسادا"، فكانت الظروف صعبة، ولكن عندما انتقلنا الى سجن "هشارون" تحسن الحال اكثر لفصلنا عن باقي السجينات الجنائيات.

الاحتلال رفض إطلاق سراحك رغم إدراج إسمك في صفقات متعددة لتبادل الأسرى، آخرها صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، إلى أي مدى شكل ذلك ايامها وقبل اقرار الاسماء النهائية شداً للأعصاب بالنسبة لك وباقي الأسيرات؟

في بداية الاعلان الأولي للأسماء التي شملتها صفقة شاليط، تلقت جميع الأسيرات الاخبار بالتكبير والتهليل، ولكن عندما عقد المؤتمر الصحفي وتم اعلان الأسماء النهائية التي سيُفرج عنها، تناقصت فرحتنا وبدأنا نسأل عمن تم استثناؤه، إذ أنه تم الاعلان عن 27 اسيرة ستشملهن الصفقة في حين كان عدد الأسيرات الكلي يبلغ وقتها 36 اسيرة.

مضت ايام قليلة على تحررك من أسرك، كيف ترين الواقع خارج السجن بعد 15 عاماً، هل تغير؟ وإلى أي مدى؟

حقيقة، حتى هذه اللحظة مصدومة من الانطباع الأول، وجدتُ كثيراً من الأمور قد تغيرت، رغم توقعي أن تغييراً وتقدماً قد حصل خلال فترة اعتقالي إلا أنني لم أتوقع أن يكون حجم التغيير إلى هذا الحد وبهذا التسارع، فالتغيير مثلما طال البناء ومساحة قريتي التي باتت أكبر، وهو ما شكّل افكار الناس وعلاقاتهم الإنسانية.

كإمرأة شاركت في أعمال ضد الاحتلال ولقاء ذلك تم أسرها، كيف تقيمين دور المرأة الفلسطينية في الحالة النضالية الفلسطينية بين الأمس واليوم؟، هل هو في تراجع أم يسير الوتيرة نفسها؟

حجم مشاركة المراة الفلسطينية هو ذاته ويسير بنفس الوتيرة منذ بدايات الثورة الفلسطينية، ولكن الثقافة لديها حول النضال ليست كما السابق، فقد اختلفت وتغيرت كثيراً.

ختاماً، النضال متنوع وشامل ولا يقتصر على شكل معين دون آخر، ماذا ستفعل لينا الجربوني بعد تحررها؟

ان شاء الله ستكون قضية الأسرى في سجون الإحتلال الإسرائيلي دائماً في بالي وسأعمل على ايصال صوتهم للجميع، وأما على الصعيد الشخصي، فإنني سأكمل دراستي وتعليمي. وحتى الآن هذان الهدفان هما الساميان.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها