الأحد 2017/04/16

آخر تحديث: 15:41 (بيروت)

حلايب وشلاتين: أزمة تنتظر حلاً بين السيسي والبشير

حلايب وشلاتين: أزمة تنتظر حلاً بين السيسي والبشير
AFP ©
increase حجم الخط decrease

جاء نقل التلفزيون المصري لصلاة الجمعة من منطقة حلايب وشلاتين، المتنازع عليها بين مصر والسودان، كآخر خطوة في سلسلة التصعيد المستمر بين الجارتين اللدودتين منذ شهور. وعرض التلفزيون صوراً لعناصر من الجيش المصري، والقوات الجوية، في الصفوف الأولى للجامع، في رسالة لا يخطىء أحد في تفسيرها.

وعلى الرغم من "التضامن الكامل لحكومة وشعب السودان" مع مصر، كما قال الرئيس السوداني عمر حسين البشير في اتصاله الهاتفي الأخير لتعزية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بضحايا حادثتي تفجير كنيستي طنطا والاسكندرية، إلا أن ساكناً لم يتحرك في المياه الراكدة بين الطرفين، انتظاراً لزيارة وزير الخارجية المصرية سامح شكري إلى السودان خلال الأيام المقبلة.


زيارة شكري التي تم تأجيلها في وقت سابق بذريعة "سوء الأحوال الجوية"، تحمل عنوان الحوار من أجل الحفاظ على المصالح المشتركة الممتدة عبر التاريخ، كون السودان امتداداً طبيعياً للأمن القومي المصري، وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية المصرية. وتعوّل القاهرة عليها من أجل حلحلة العديد من الملفات العالقة بين الطرفين، وأبزرها النزاع حول حلايب وشلاتين، والتأييد السوداني لبناء سد النهضة الأثيوبي، الذي تخشى مصر أن يُنقص حصتها في مياه النيل.


وأسباب الخلافات بين الطرفين عديدة ومرتبطة بسياقات كثيرة، أبرزها الخلاف المتجدد على تبعية المثلث الحدودي حلايب وشلاتين، الخاضع لسيطرة مصر حالياً، والذي شهد مناوشات مسلحة في السابق، بين قوات مصرية وسودانية تسببت في مقتل عسكريين سودانيين اثنين، وإصابة سبعة مصريين، إثر محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أثيوبيا 1995، لتسيطر مصر على المنطقة الحدودية كاملة.


قبل محاولة الاغتيال بنحو سنتين، اعترف مبارك في خطاب له في القوات البحرية، أن مصر أرادت "معاكسة ونرفزة" السودان، فأرسلت سرية من قوات المظلات إلى حلايب، معتبراً أن لا حلول تتضمن التنازل عنها لأنها ملك الشعب، في الوقت الذي تؤكد فيه السودان تبعية حلايب لها، اعتماداً على الوضع الحدودي إبان "الحكم الثنائي" الذي خضعت فيه لحكم مشترك من بريطانيا ومصر، قبل استقلالها.


وخلال الأيام الماضية، اتخذت الأزمة منحى تصعيدياً مع دخول وزير الدفاع السوداني على الخط، وحديثه في البرلمان السوداني عن أنهم يمارسون ضبط النفس إزاء مضايقات واستفزازات الجيش المصري للقوات السودانية، انتظاراً لحل المشكلة بين السيسي والبشير.


أبرز محطات الخلاف بين مصر والسودان على المستوى الشعبي كان ما عرف إعلامياً باسم "مذبحة مصطفى محمود" عام 2005، بعد هجوم قوات الأمن المركزي المصري على لاجئين سودانيين، اعتصموا في حديقة ميدان مصطفى محمود في المهندسين أمام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية، قبل أن تدهم أجهزة الأمن المصرية الاعتصام بخراطيم المياه، والغاز المسيل للدموع، والهراوات والعصى الكهربائية و4 آلاف جندي وضابط، لتخلّف 27 قتيلاً، معظمهم من النساء، وعدداً كبير من الجرحى، توفي معظمهم لاحقاً، وهو ما تسبب وقتها في غضب سوداني كبير وإدانة حقوقية واسعة.


بحسب مصدر مصري، تحدث لـ"المدن" وتحفظ على ذكر اسمه، فإن الخلاف الآني بين الطرفين بدأ منذ نحو عامين بمشاركة السودان، في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، والتملص المصري من المشاركة فيه وهو ما سبب نقلة نوعية في علاقة السودان بدول الخليج، وتوتراً في علاقتها مع إيران، وصلت إلى طرد السفير الإيراني من الخرطوم عقب إعلان المملكة قطع علاقتها الديبلوماسة مع طهران، على خلفية إعدام الشيخ السعودي الشيعي نمر باقر النمر، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات المصرية السعودية تراجعاً بسبب المواقف المصرية والانحيازات الإقليمية وعلى رأسها الموقف في سوريا، وكذلك أزمة تيران وصنافير بين مصر والسعودية، وهو ما دفع السودان إلى إثارة ملف حلايب وشلاتين، مدعومة بالتقارب مع الخليج، الذي شهد تطوراً ملحوظاً وصولاً إلى تدشين مناورات عسكرية سعودية سودانية مشتركة.


وتمثل السودان، محطة مهمة للعديد من قيادات وطلاب الإخوان المسلمين الفارين والمطلوبين في مصر، حيث تنشط هناك تجمعات إخوانية كبيرة، إما للاستقرار بشكل نهائي، أو كمحطة استقرار مؤقت قبل السفر لدول أخرى، كما تعد الحدود المصرية السودانية نقطة مهمة للراغبين في السفر إلى سوريا، عبر سلوك طرق التهريب الممتدة عبر الصعيد بين مصر والسودان.


وفي فبراير/شباط الماضي اتهم الرئيس السوداني القاهرة بدعم حكومة جنوب السودان بالسلاح والذخائر، والتعامل العدائي من مؤسسات مصرية مع السوداني، وهو اتهام جاء بعد نحو 4 شهور من تكريم السيسي للبشير في احتفالات حرب أكتوبر/تشرين الأول والتي تقلد فيها البشير وسام نجمة الشرف المصري.


الخلافات التي عادة ما كانت تجري على الحدود وصلت إلى الأروقة الدولية في مجلس الأمن أيضاً، حيث اعتبرت الخرطوم أن مصر أيدت استمرار فرض العقوبات الدولية على السودان خلال جلسة لمجلس الأمن، الأمر الذي نفته مصر، الجمعة، واعتبره السودان "أمراً غريباً، وانعكاساً للخلافات الطفيفة" بين البلدين، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء السودانية الرسمية.


بتوتر العلاقات بين مصر والسودان، بالإضافة إلى توتر العلاقات مع بعض الفرقاء الليبيين، حيث لا تخفي مصر انحيازها لحفتر، وتصاعد العمليات الإرهابية في سيناء شرقاً، ووصول العمليات الإرهابية إلى الداخل المصري وقلب الدلتا، وارتفاع منسوب الغضب عند المصريين، يتساءل المصريون أي جبهة جديدة سيفتحها النظام للمشاغبة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها