الإثنين 2017/04/10

آخر تحديث: 14:15 (بيروت)

برزة: محاولة اغتيال تُصعّد التوتر الداخلي بين الفصائل

الإثنين 2017/04/10
برزة: محاولة اغتيال تُصعّد التوتر الداخلي بين الفصائل
لا يمكن فصل محاولة الاغتيال عن سياق الأحداث في أحياء دمشق الشرقية وغوطتها (انترنت)
increase حجم الخط decrease
في زحمة ما تتعرض له أحياء دمشق الشرقية، والغوطة الشرقية، من قصف ومحاولات اقتحام لمليشيات النظام، شهد حيّ برزة الدمشقي، الأحد، محاولة اغتيال قيادي في "اللواء الأول" بدمشق، أبو وديع، ما أدى إلى أصابته إصابة خطيرة.

ووقعت محاولة اغتيال أبو وديع، على طريق الكازية، في برزة، عندما انفجرت عبوة ناسفة بسيارته، وتعرض لإصابة بالغة في قدميه. ووفق ما قاله لـ"المدن" المكتب الإعلامي لـ"اللواء الأول"، فأبو وديع، قائد "كتيبة فرسان العاصمة" في برزة، التابعة لـ"اللواء الأول"، كان أحد المشاركين في معارك اقتحام دمشق الأخيرة، والعاملين على صدّ محاولات اقتحام مليشيات النظام لبساتين برزة. وكان أبو وديع مشاركاً في الحراك السلمي للثورة، منذ بدايتها.

وعلى عكس ما قاله المكتب الإعلامي لـ"اللواء الأول" لـ"المدن"، عقب محاولة الإغتيال، واتهام النظام بالمسؤولية عنها، صدر الإثنين، بيان عن "اللواء"، قيل إنه مزور، يتهم "جيش الإسلام" بالضلوع فيها. وبغض النظر عن صحة البيان أو تزويره، فإن اتهام "اللواء" لـ"جيش الإسلام"، كان قد سبقه اتهامه لـ"فوج قاسيون" التابع لـ"اللواء"، ليل الأحد، قبل أن يتهم "هيئة تحرير الشام" بالوقوف خلف العملية.
وأشار نشطاء إلى أن عناصر "اللواء الأول" نفذوا مساء الأحد حملة اعتقالات في حي برزة، وداهموا مقرات لبعض الفصائل الصغيرة المعارضة، وسط أنباء عن عمليات ترحيل نفذها "اللواء الأول" بحق شباب من الغوطة متواجدين في برزة. مصدر من الغوطة الشرقية قال لـ"المدن": "لست متأكداً من أن عمليات الترحيل تمت بالفعل ولكن هناك مطالبات من شباب الغوطة المقيمين في برزة بالخروج منها".

مدير المكتب الإعلامي في "اللواء الأول" كان قد قال لـ"المدن"، إن "الفاعل لا يزال مجهولاً"، مشيراً إلى أن "النظام السوري وراء تلك العملية، وله أجندته الخاصة، وهو المستفيد الأكبر من إثارة الفتن بين الفصائل"، وجاء كلامه رداً على ما قيل عن أن محاولة اغتيال أبو وديع كانت نتيجة خلافات داخلية بين فصائل المعارضة، أو حتى ضمن كتائب "اللواء الأول".

مصدر محلي قال لـ"المدن": "لا تخلو مناطق الثوار في كل سوريا من خلافات صغيرة أو كبيرة، ولكن النظام متهمٌ بتغذية هذه الخلافات، أو خلقها أحياناً". وأضاف أن "النظام فشل في تحقيق ما يصبو إليه بعد 50 يوماً من حملته على أحياء دمشق الشرقية، وغير مستبعد أن يلجأ إلى إثارة الفتن داخلياً".

لا يمكن فصل محاولة الاغتيال عن سياق الأحداث في أحياء دمشق الشرقية وغوطتها، خاصة حي برزة الذي يشهد أحداثاً مفصلية. فالحيّ تحول من شريان للغوطة الشرقية تدخل من خلاله البضائع والمواد الغذائية عبر الأنفاق، إلى معتمد على الغوطة، منذ نحو 30 يوماً، بعدما منعت حواجز مليشيات النظام دخول المواد الغذائية من دمشق إلى برزة.

واشتدّت معاناة المدنيين في حي برزة، بكثافته السكانية الكبيرة، بعدما تمكن النظام من فصل برزة عن حيي القابون وتشرين، وتعرض الحي للقصف المتواصل من مليشيات ومقاتلات النظام وحلفائه.

فصائل المعارضة العسكرية العاملة في برزة تؤكد استمرارها في التصدي لمليشيات النظام، ونفي المكتب الإعلامي لـ"اللواء الأول" أي بوادر "مصالحة" مع النظام في الحي، إلا أن ذلك ليس مستبعداً بحسب ما قاله مصدر عسكري معارض لـ"المدن". وأضاف المصدر "الحديث عن مصالحة مع النظام في برزة ليس مجرد تخمينات أو توقعات، وإنما هو حاصل، وهناك تواصل من قيادات في "اللواء الأول" مع العقيد قيس فروة بالحرس الجمهوري".

وبحسب المصدر: "اللواء الأول هو القوة الأكبر في برزة، بينما الفصائل الأخرى لها نقاط رباط، وإذا ثبتت مفاوضات النظام واللواء الأول فإن برزة آيلة إلى النظام". وذكر المصدر أن الشروط المطروحة لـ"مصالحة برزة" هي تسليم المنشقين العسكريين عن النظام إلى ثكناتهم، وبقاء المطلوبين لـ"الخدمة الإلزامية" في برزة للعمل مع "اللجان الشعبية" التابعة للنظام، وخروج العسكريين رافضي "المصالحة" إلى إدلب.

وأكد المصدر أن الفصائل في برزة مجمعة على الخروج أو "الهدنة"، بما فيها "هيئة تحرير الشام"، باستثناء "جيش الإسلام" و"أحرار الشام".

وبالعودة إلى الوراء قليلاً، اتهمت فصائل معارضة في آذار/مارس، "اللواء الأول" التابع لـ"الجبهة الجنوبية"، بإفشال معركة مرتقبة للمعارضة على تخوم دمشق، بالتزامن مع معركة "يا عباد الله اثبتوا" التي أطلقها "فيلق الرحمن" من جوبر لوصله بحي القابون الدمشقي. وقال ناشطون، آنذاك، إن "جيش الإسلام" كان يجهز قوة مكونة من 3000 آلاف مقاتل لدخول دمشق إلا أن "اللواء الأول" نصب الحواجز أمامهم، وأوصل معلومات للنظام، الذي استعدّ بدوره وأفشل الاقتحام.

وجاء ردّ "اللواء الأول" على الاتهامات الموجهة إليه، في تصريحات أدلى بها مدير مكتبه الإعلامي لوسائل إعلامية، بأن "غياب التنسيق بين الفصائل وإرسالها لعشرات المقاتلين فقط بعد أن كان مقرراً إرسال 5000 آلاف مقاتل هو السبب".

وفي سابقة أخرى، اتهم "جيش الإسلام" "اللواء الأول" بمنع عناصره من الدخول إلى بساتين برزة ومدينة حرستا للالتفاف على قوات النظام في ضاحية الأسد، ضمن معركة "الله غالب" التي أطلقها في أيلول/سبتمبر 2015. وكان رد "اللواء الأول" حينها بأن من منع "جيش الإسلام" هم أهالي وفلاحو بساتين برزة.

وبين اتهامات هنا وهناك، والحديث عن "المصالحة" من عدمها، يترقب أهالي أحياء دمشق الشرقية والغوطة الشرقية المعارك الجارية، وما ستؤول إليه، لا سيما أن المصير مشترك، والآثار ستنعكس على الجميع، بشكل مباشر أو غير مباشر. فالحصار الذي فرضه النظام على الغوطة الشرقية منذ أيلول 2012، وهدنة أحياء برزة والقابون عام 2014 جعلت من الأحياء الدمشقية شرياناً يغذي الغوطة الشرقية ويكسر حصارها. واليوم بعد حملة النظام العسكرية على أحياء دمشق وحصاره له تسجل الغوطة الشرقية ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية وشحّاً في بعضها.

وفي هذه الأثناء، تتعرض أحياء دمشق الشرقية لقصف من مليشيات النظام، طال شارع الحافظ في حي برزة، ودمّرَ مسجداً في حي تشرين، باستخدام "الخراطيم المتفجرة"، فضلاً عن القذائف المدفعية والهاون، وغارات جوية. و"الخراطيم المتفجرة" هي أنابيب مطاطية من النوع الذي تستخدمه عربات الإطفاء، يتم حشوها بـ"TNT"، وتطلقها كاسحات ألغام روسية من طراز "UR-77"، بشكل لولبي، ولها قدرة تدميرية هائلة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها