الأحد 2017/03/05

آخر تحديث: 14:09 (بيروت)

النظام يتوسع.. إلى غربي حلب

الأحد 2017/03/05
النظام يتوسع.. إلى غربي حلب
العمليات العسكرية لمليشيات النظام لم تحقق تقدماً ثابتاً بسبب الهجمات المقابلة من طرف المعارضة (المدن)
increase حجم الخط decrease
لم يتوقع النظام يوماً أن يحقق كل هذا التقدم في الريف الحلبي الذي خرج عن سيطرته منذ أكثر من أربع سنوات، ولا أن يصل إلى أقصى الشمال الشرقي من سوريا، براً، حيث مكامن الطاقة، مروراً بمناطق يسيطر عليها حلفاؤه من "قوات سوريا الديموقراطية". النظام بات يقدم نفسه كأقوى طرف بإمكانه التحكم بالصراع على مناطق تنظيم "الدولة الإسلامية". تطورات جاءت بعدما بسط النظام سيطرته الكاملة على أحياء مدينة حلب الشرقية أواخر العام 2016. حينها كان يبحث فقط عن تمدد بري خارج المدينة يضمن بقاءه فيها، ويحافظ على أمن قواته من أي هجمات قد تشنها قوى المعارضة المسلحة.

وضمنت روسيا التي تسلمت قيادة العمليات العسكرية، والتخطيط الحربي كاملاً في ريف حلب، مطلع العام 2017، لمليشيات النظام هدوء جبهاتها مع المعارضة شمالي وغربي مدينة حلب، بموجب اتفاق "وقف إطلاق النار" برعاية روسية–تركية. وتفرغت المليشيات بعد ذلك لهجوم بري واسع باتجاه مناطق "الدولة الإسلامية" في ريف حلب الشرقي، وكانت أهداف العملية تنحصر في الوصول إلى مصادر المياه التي تغذي حلب، وحجز مقعد مبكر في معركة الرقة إلى جانب القوى الأخرى. لكن ما جرى كان أكثر مما اشتهى النظام وحلفاؤه.

العمليات العسكرية السهلة للنظام في ريف حلب الشرقي والتي اتبعت فيها روسيا سياسة الأرض المحروقة، جعلت النظام يشعر بوجود فائض من القوة البشرية والحربية، دفعته إلى إشغال جبهات جديدة في ريف حلب ضد المعارضة المسلحة في مختلف جبهات حلب الجنوبية والشمالية، وفي الأطراف الغربية. كذلك أغراه انقسام المعارضة التي خرجت من اقتتال بيني أسفر عن ابتلاع فصائل اسلامية جهادية لفصائل متعددة من الجيش الحر.

ويهدف النظام إلى السيطرة على الضواحي القريبة من الأحياء الغربية لمدينة حلب؛ الراشدين وخان العسل وباقي الكتل والتجمعات العمرانية الحديثة، والتي لا تزال في مرمى نيران المعارضة. على الأقل، يعمل النظام على إشغال المعارضة كي لا تفكر بأي هجوم، إلى أن تنتهي عمليات النظام العسكرية شرقي حلب، في مرحلتها الأولى، أي الوصول إلى الخفسة على ضفة الفرات الشرقية.


خريطة ضواحي حلب الغربية والشمالية 5 اذار 2017 (LM)

محاولات النظام ليست بجديدة، بل بدأت منذ مطلع شباط/فبراير 2017، لكنها شهدت تصاعداً خلال الساعات الـ72 الماضية، من حيث التمهيد الناري العنيف، المدفعي والصاروخي، ودخول الطيران الحربي على خط العمليات العسكرية. المقاتلات الروسية شنّت أكثر من 100 غارة جوية استهدفت مواقع المعارضة في الراشدين الرابعة والخامسة والمنصورة وجبل المعارة وقبتان الجبل وخان العسل والبحوث العلمية وجمعية الزهراء وعندان وحريتان وحيان، وباقي الكتل والجمعيات السكنية القريبة من المحاور الشمالية الغربية لمدينة حلب.

ونجحت القوات المهاجمة، وهي في الغالب من مليشيات "لواء الباقر" و"لواء القدس" و"حزب الله" والمليشيات العراقية والأفغانية، في كسر دفاعات المعارضة على أكثر من محور، مستندة إلى القصف المتواصل على مدار الساعة، الذي تركز بشكل أساسي على خطوط المواجهة الأولى. لكن العمليات العسكرية لمليشيات النظام لم تحقق تقدماً ثابتاً بسبب الهجمات المقابلة من طرف المعارضة، التي سرعان ما استعادت زمام المبادرة في أكثر من موقع؛ في جمعية الزهراء والراشدين والمنصورة وسوق الجبس، وغيرها من مواقع الاشتباك المباشر التي شهدت أعنف المعارك بين الطرفين.

وعلى الرغم من اتساع رقعة الجبهات التي فتحتها مليشيات النظام في جبهات حلب الغربية والشمالية الغربية، إلا أنها لم تكن بذلك الزخم المعهود منها، وفي الوقت نفسه لم يكن للغارات الروسية الأثر الكبير الذي عادة ما تخلفه في دفاعات المعارضة. وقد يكون ذلك بسبب قلة الغارات مقارنة ببنك الأهداف المطلوب تغطيتها، لإيقاف وتعطيل مصادر النيران "المعادية"، وتفجير مستودعات ذخيرتها المتقدمة.

قائد غرفة عمليات "الراشدين" النقيب أمين ملحيس، قال لـ"المدن"، إن الخطة الروسية الرئيسية، تقضي بمحاصرة ضواحي حلب الشمالية، التي تضم عندان وحريتان وحيان وبيانون وكفر حمرة، والمناطق المحيطة بها، من خلال التوغل في منطقة الضواحي انطلاقاً من جمعية الزهراء والسيطرة على المنصورة والراشدين الشمالية والوصول إلى التلال القريبة من المعارة وشويحنة. وتحاول مليشيات النظام في الوقت نفسه تأمين مواقعها في أطراف المدينة، عبر التمدد غرباً في الراشدين الخامسة والرابعة، اللتين تعتبران مفتاح السيطرة على خان العسل والمناطق القريبة منها.

وأشار النقيب أمين إلى أن فصائل متعددة تتصدى لمليشيات النظام في جبهات الضواحي الغربية والشمالية الغربية، أبرزها "هيئة تحرير الشام" و"فيلق الشام" و"فرقة الصفوة" و"الفوج الأول" و"جيش إدلب الحر" و"الفرقة 23"، وهي قادرة على الصمود لفترة طويلة على الرغم من إيقاف الدعم العسكري عنها بما يتضمنه من ذخائر وعتاد حربي. أمين أكد أن المعارضة باتت تصنع أنواعاً مختلفة من الذخائر، وهي قادرة على سدّ حاجاتها في الحد الأدنى.

مليشيات النظام أشعلت مزيداً من محاور القتال، ليل الأحد، في جبهات ريف حلب الجنوبي، في خان طومان وخلصة، وغيرها من الجبهات على الجانب الأيمن من الطريق الدولي حلب–دمشق. وشنّ الطيران الحربي الروسي عدداً من الغارات الجوية بالقنابل الفوسفورية والعنقودية استهدفت مواقع المعارضة المسلحة، وبلدات مثل أم الكراميل. ومن المتوقع أن تُصعّد مليشيات النظام خلال الأيام القليلة القادمة من قصفها المدفعي والصاروخي في الضواحي الشمالية والغربية لحلب، وتشن هجمات برية متفرقة في محيط المدينة وريفها الجنوبي، لتعمل على تشتيت المعارضة التي ستكتفي بالتصدي للهجمات من دون التفكير بأي عملية هجومية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها