الإثنين 2017/03/27

آخر تحديث: 15:03 (بيروت)

مهجرو الوعر: عين على جرابلس.. وعين على إدلب

الإثنين 2017/03/27
مهجرو الوعر: عين على جرابلس.. وعين على إدلب
كان من المقرر أن تخرج الدفعة الثانية، السبت، إلا أنها أرجئت إلى صباح الإثنين (المدن)
increase حجم الخط decrease
توجهت صباح الإثنين، الدفعة الثانية من أهالي ومقاتلين حي الحمصي نحو مدينة جرابلس شرقي حلب على الحدود السورية-التركية. ويخرج في الدفعة الثانية عدد مماثل للدفعة الأولى، نحو 1500 شخص، إلى الوجهة ذاتها، وذلك استكمالاً لتنفيذ الاتفاق المبرم بين "لجنة التفاوض" في الوعر وممثلي النظام، في 13 آذار/مارس برعاية روسية. ويقضي الاتفاق بخروج "من يريد من الحي"، مقابل دخول قواتٍ روسية وسورية و"إعلان السيطرة على الحي" بعد حصار دام لأكثر من 3 سنوات.

وكان من المقرر أن تخرج الدفعة الثانية، السبت، إلا أنها أرجئت إلى صباح الإثنين، وتغيرت وجهتها من إدلب شمالاً إلى مدينة جرابلس، وذلك بسبب "المخاطر المرصودة" على طريق مصياف-طرطوس الذي سوف تسلكه الحافلات، وما يحيط به من قرى علوية موالية للنظام.

وقال مصدر من "لجنة التفاوض" في الوعر، لـ"المدن"، إن تحذيرات عديدة وصلت إليهم من فصائل عسكرية في إدلب، توضح "مخاطر" الطريق، وإن معلومات مسربة حصلوا عليها من ضابط لدى أحد أجهزة النظام الأمنية تؤكد بأن "كميناً" يرصد الخارجين من الوعر، ستنفذه المليشيات الموالية للنظام وبعلمه، لأخذ أهالي الوعر أسرى ومقايضتهم بأسرى لدى المعارضة.

وأشارت "التحذيرات" إلى أن "الكمين" يأتي كردة فعل من قبل موالين للنظام بسبب الخسائر الكبيرة أمام تقدم المعارضة شمالي وشمال غربي مدينة حماة، والتي خلفت أعداد كبيرة من القتلى والأسرى، وسيطرة المعارضة على قرى علوية، كان سكانها قد أخلوها، وتحولت إلى خطوط اشتباك.

وأكد ممثلو النظام في اجتماعهم مع "لجنة التفاوض" في الوعر بحضور ممثل روسي، أن الطرقات أمنة. وقال عضو "لجنة التفاوض" من الوعر، لـ"المدن"، أن الروس أكدوا مراراً على أن طائرة من دون طيار سترافق سير الحافلات، وبأنها سترد على أي مصادر لإطلاق النار تستهدف الحافلات.

وبالرغم من تلك "التطمينات الروسية" إلا أن "لجنة الوعر" كانت مصرة على تأجيل خروج الدفعة الثانية حتى تأمين الطريق بشكل كامل، وتأكدها من ذلك، مستندة في ذلك على ما واجهته الدفعة الأولى، الأسبوع الماضي، من مشاكل أمنية في الطريق إلى جرابلس.

أحد الخارجين في الدفعة الأولى، قال لـ"المدن"، إن الحافلات تعرضت إلى إطلاق نار من مصدر قريب، لا يبعد عنها كثيراً، وذلك في ساعات الليل الأولى ما بين أثريا-خناصر شمال شرقي حماة، على الطريق المتجه إلى شرق حلب.

وأثناء مطالبة "لجنة تفاوض" الوعر بالتأجيل، تحدث الممثل الروسي عن ضرورة تحديد الإثنين لخروج الدفعة الثانية، ووجهتها جرابلس، على أن تستكمل الدفعات الأخرى في مواعيدها، مع مطلع كل أسبوع، وتكون الوجهة إدلب في الدفعة الثالثة من أجل المحافظة على تنفيذ الاتفاق.

ويرى متابعون وناشطون سوريون، أن الرسائل التحذيرية التي انطلقت من إدلب، تحمل في طياتها مآرب تخص جهات سياسية ومن خلفها الداعمين لها. فأشار البعض إلى أن المراد من تلك التحذيرات هو الدفع بأكبر عدد من الخارجين من الوعر، وفي مقدمتهم المقاتلين، منهم نحو مدينة جرابلس، من أجل الانضمام إلى قوات "درع الفرات" التي تدعمها تركيا، من أجل زجهم في المعارك القادمة على ضفاف الفرات، في مواجهة مسلحي حزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي وتنظيم "الدولة الإسلامية".

وهنا، يُشار إلى البيان الذي أصدره "مجلس محافظة إدلب الحرة"، عن عدم قدرة المحافظة على استقبال المزيد من المُهجّرين قسرياً، في مطلع أيلول/سبتمبر 2016، أي بعد نحو أسبوعين من إعلان بدء عمليات "درع الفرات" في 24 آب/أغسطس.

أسباب "مجلس محافظة إدلب الحرة" ربطت دعوتها آنذاك بالظروف المتعلقة بإمكانيات البنية التحتية في إدلب وعدم قدرتها استيعاب أعداد المهجّرين، وإلى عدم إمكانية توفير الاحتياجات الأساسية لهم، في وقت يعاني فيه أهالي المحافظة من "شحٍ إغاثي".

ومن جانب آخر، يعيش أهالي الوعر في الحيرة والقلق، أثناء اختيار كل عائلة لوجهتها في التهجير القسري، ما بين؛ جرابلس وإدلب وريف حمص الشمالي، المُحددة ضمن بنود الاتفاق. وتركزت طلبات الأهالي على تحديد جرابلس وجهة لهم في الدفعة الأولى، باعتبارها أشبه "بمنطقة عازلة" تحيّدهم عن القصف الجوي، وتؤمن لهم حيزاً من الاستقرار. وقد تقلصت أعداد الأهالي الراغبين في وصول جرابلس، في الدفعة الثانية، لما تعرضت له الدفعة الأولى من مخاطر على الطريق، وما وجدته من واقع معيشي لم يكن في حسبانها. واستغرقت رحلة وصول الدفعة الأولى إلى جرابلس أكثر من 24 ساعة، كما أن الأهالي وُضِعوا في مخيمات لم يتم إعدادها بشكل كامل، ولم يجدوا منازل للإيجار، وسط ارتفاع كبير في أسعار المعيشة.

خيار التهجير إلى إدلب، يُفضله الكثير من أهالي الوعر، فهي الوجهة التي قد تمكنهم من الوصول إلى تركيا، عبر طرق غير شرعية. لتأتي التحذيرات، مساء الجمعة، وتبعث في قلوب الأهالي "الخوف" من انتقام المليشيات واعتراضها الحافلات، على غرار ما جرى في حلب، منتصف كانون الأول/ديسمبر 2016 حين جرى اختطاف سيارات تقل مدنيين مُهجّرين من حلب الشرقية، على الرغم من التعهدات الروسية بحماية القافلات.

ويُعد خيار "ريف حمص الشمالي" الأقل إقبالاً لدى أهالي الوعر، إلا لدى العائلات التي لديها بقية من أفرادها في بلدات وقرى الريف الشمالي. ويشهد ريف حمص الشمالي حصاراً تجاوز عامه الثالث. وكان مدير أوقاف حمص عصام المصري، كان قد قال عبر قناة تلفزيونية رسمية، أثناء توقيع اتفاق الوعر، إن "المصالحات" ستطال بلدت الريف الشمالي عقب الوعر، وتساءل: "ماذا ستحقق لكم جرابلس؟".

ومن المنتظر خروج دفعة في مطلع كل أسبوع، من الوعر، لمدة تتراوح ما بين 6 إلى 8 أسابيع، ستقل عشرات الآلاف من المدنيين برفقة مقاتلي المعارضة، ضمن "سياسة التهجير القسري" التي يتبعها النظام بعد حصاره وتجويعه وقصفه للمدن والأحياء السورية.

وأقبل نحو 500 شخص، من حي الوعر، من بينهم موظفون سابقون وطلبة جامعات ومقاتلون من المعارضة، خلال الأسبوع الماضي، لإجراء "عملية التسوية"، من أجل البقاء في الحي أو ضمن أحياء مجاورة تخضع لسيطرة النظام في حمص، إذا ما قرر النظام إخلاء الوعر بالكامل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها