الجمعة 2017/03/24

آخر تحديث: 14:11 (بيروت)

متاعب روسيا..من سوريا الى الشيشان

الجمعة 2017/03/24
متاعب روسيا..من سوريا الى الشيشان
المشاكل الروسية في سوريا، لا يبدو أنها تتعلق فقط بقوات النظام (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
خلال لقاء مع المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، في موسكو، الأربعاء، قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، إنّ روسيا تجري اتصالاتها مع المعارضة المسلحة "لمعرفة موقفها من الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف"، بالتزامن مع التصعيد العسكري في أحياء دمشق الشرقية. وأضاف لافروف: "على كل من يهتم بتثبيت وقف إطلاق النار في سوريا، على نحو فعلي، المشاركة في عملية التفاوض عوضاً عن السخط". واعتبر لافروف أنّ الوضع الحالي يشكل "لحظة حاسمة" للتوصل إلى حل للأزمة السورية، وشدّد على ضرورة تثبيت "التقدم الهش" لمسار التفاوض.

اللغة الروسية اللينة تجاه المعارضة، ودعوتها للتفاوض، كانت مفاجئة، إذ أن موسكو بدأت تتحسس إمكانية خروج الوضع في سوريا عن سيطرتها، وسط تصاعد لهجتها ضد قوات النظام، واتهامه بالتقصير وانعدام المسؤولية.

وعلى غير العادة، نشرت "روسيا اليوم" مقالاً من صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، تهاجم فيه قوات النظام، وتقر فيه بالهجوم العنيف لقوات المعارضة في أحياء دمشق الشرقية، الذي بدأ في 19 آذار/مارس. ويشير المقال إلى أن قوات المعارضة استخدمت في هجومها أنفاقاً جرى إعدادها مسبقاً، وتمكنت من زرع عبوات ناسفة، بالقرب من مواقع قوات النظام، فضلاً عن استخدامها للسيارات المفخخة خلال هجومها.

وأشار المقال إلى إن قوات "الحرس الجمهوري" صمدت في مواقعها "رغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها"، على جبهات جوبر والقابون وكراجات العباسيين. وأضافت: "غير مفهوم ماذا كانت تفعل وحدات الاستطلاع والاستخبارات العسكرية، ولماذا تمكنت أعداد كبيرة من التشكيلات المسلحة، مع آلياتها، التسلل والتقدم إلى العاصمة؟ لماذا تبين وجود أنفاق في دمشق تم إعدادها مسبقا من قبل المسلحين، وعلى ما يبدو فقد كانت أنفاقا كبيرة؟".

"هذه الحقائق المورَدة يصعب أن نحمِّل المسؤولية عنها للخبراء العسكريين الروس، الذين يؤكد بعض منهم أن عدم رغبة السوريين (قوات النظام) في التحرك على وجه السرعة، والمصحوب دائما بكلمة بُكْرة (غدا) يستحيل التغلب عليه؛ ما يجعل إجراء استطلاع شامل للكشف عن الأنفاق ضرباً من الخيال".

وأقر المقال بهروب قوات النظام من مواقعها خلال المعارك والمواجهات، كما قال إن ضباط النظام يفهمون بصعوبة بالغة معنى الانضباط العسكري وضرورة تنفيذ المهمات القتالية.
"يجب القول هنا إن مجموعة من الخبراء والمستشارين العسكريين الروس في سوريا تعمل على جميع مستويات البنية العامة للقوات المسلحة وفي مقرات قيادة الأركان، وفي إدارات الإمدادات ومع القوات العسكرية على الأرض". وأن تصدي قوات النظام للهجوم حدث "من دون شك بفضل الدور الذي لعبه هنا المستشارون العسكريون الروس. إذ إن الجنرالات السوريين ليسوا قادرين على اتخاذ القرارات بأنفسهم في الظروف التي تتطلب التغيير الحاسم في الوضع الناشئ. ولكن النجاح، الذي أحرزه السوريون على أرض المعركة هذه المرة، مدينون به على الأرجح لمقاتلي الشركات العسكرية الخاصة الروسية".

إلا أن أدلة جمعتها "وكالة رويترز" أشارت إلى أن القوة الروسية العاملة في سوريا، منيت منذ أواخر يناير/كانون الثاني بخسائر في صفوفها تزيد أكثر من ثلاث مرات على عدد القتلى الرسمي، وذلك في حصيلة تبين أن القتال في سوريا أصعب وأكثر كلفة مما كشف عنه الكرملين. ووفقا للوكالة، فقد قتل 18 روسيا كانوا يقاتلون في صفوف قوات النظام السوري منذ 29 يناير/كانون الثاني الماضي، وهي فترة تزامنت مع اشتباكات عنيفة لاستعادة مدينة تدمر من أيدي مقاتلي "الدولة الإسلامية". وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في وقتها مقتل خمسة من جنودها، ولم تذكر شيئا عن أي عمليات برية روسية واسعة لاستعادة المدينة.

وانكشف عدد القتلى في مقابلات مع أقارب وأصدقاء القتلى والعاملين في المقابر، ومن خلال تقارير إعلامية محلية عن تشييع جنازات، وكذلك ما جمعته مجموعة من المدونين الاستقصائيين يطلق عليها اسم فريق استخبارات الصراعات. ولم يكن أغلب القتلى من الجنود النظاميين الروس بل من مدنيين روس يؤدون مهام عسكرية بعقود خاصة بأوامر من القادة الروس، ولم تعترف موسكو رسميا بوجود هؤلاء المتعاقدين في سوريا.

المشاكل الروسية في سوريا، لا يبدو أنها تتعلق فقط بقوات النظام، إذ أعلن المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو، الخميس، استدعاء القائم بأعمال السفارة الروسية سيرغي بانوف، في أنقرة. وقال أوغلو إن "ذلك جاء على خلفية استشهاد جندي تركي إثر إطلاق نار، الأربعاء، من مناطق سيطرة تنظيم وحدات حماية الشعب شمالي سوريا، والذي تدعمه روسيا".

أوغلو أكد أن أنقرة عبّرت للقائم بالأعمال عن قلقها البالغ من الحادث، وأن روسيا تتحمل مسؤولية الإشراف على وقف إطلاق النار في تلك المنطقة ومنع وقوع خروقات للهدنة.
وطالبت الخارجية التركية باتخاذ الخطوات اللازمة لإغلاق مكتب حزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي في موسكو، الذي تتهمه تركيا بأنه نظير حزب "العمال الكردستاني" التركي، وتصنفه "إرهابياً".

كما أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن انزعاج بلاده من الاهتمام الذي تظهره روسيا وأميركا بكل من مليشيا "وحدات حماية الشعب" وحزب "الاتحاد الديموقراطي" وحزب "العمال الكردستاني". وعبّر وزير الدفاع التركي فكري إيشق، عن أسفه لصور جنود روس في سوريا يضعون على أذرعهم اشارات مليشيا "وحدات حماية الشعب"، مشددا على أن تركيا لا تقبل أي نوع من التعاون بين الولايات المتحدة أو روسيا مع هذه المليشيا.

من جهة آخرى، قالت روسيا، الجمعة، إن ستة من جنودها قتلوا "أثناء تصديهم بنجاح" لهجوم شنه مسلحون على منشأة عسكرية في الشيشان. وقال الحرس الوطني الروسي في بيان له، إن مجموعة من "اللصوص المسلحين" هاجمت منشأة عسكرية، تحت ستار من الضباب، في الساعات الأولى من صباح الجمعة. وأضاف أن معركة بالأسلحة وقعت وأصيب عدد من الجنود الروس بالإضافة إلى القتلى الستة. وأشار إلى أن ستة من المهاجمين قتلوا أيضاً.

وعلمت "المدن"، إنه وبعد سلسلة الهجمات التي شهدتها جمهورية الشيشان الروسية، منذ مطلع العام 2017، وكان أكبرها في 17-18 شباط/فبراير، والتي استمرت ليومين، تحدثت الصحافة الروسية صباح الجمعة عن هجوم جديد لـ"المقاتلين" على ثكنة لـ"الحرس الوطني الروسي" في وسط بلدة ناورسكايا، التي تبعد حوالي 50 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من العاصمة غروزني.

الجبهات الروسية المشتعلة في غير مكان، بدأت تتسبب بضغط حاد على موسكو. فنفت روسيا، الجمعة، اتهاماً أميركياً بأنها تمدُّ مقاتلي "حركة طالبان" في أفغانستان بالسلاح، ووصفته بأنه "كذب"، قائلة إن الاتهام محاولة من واشنطن للتغطية على فشل سياساتها هناك.

وكان قائد القوات الأميركية في أوروبا، قد قال الخميس: "لاحظت في الآونة الأخيرة زيادة في النفوذ الروسي من ناحية الارتباط وربما حتى الإمدادات لطالبان".

من جهة أخرى، اتهم الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو، روسيا بالمسؤولية عن قتل النائب الروسي السابق دنيس فورنينكوف، في كييف، الخميس، ووصف الحادثة بأنها عمل إرهابي تقف وراءه موسكو. وقال بوروشينكو إن "عملية القتل الغادرة في وسط كييف للنائب الروسي السابق تندرج في إطار إرهاب الدولة الذي تمارسه روسيا التي اضطر النائب إلى مغادرتها بسبب قناعاته السياسية". ووصف الرئيس النائب الروسي بأنه "كان أحد أبرز شهود العدوان على أوكرانيا ودور الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش في دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا".

المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف نفى سريعا اتهامات كييف ووصفها "بالسخيفة"، معربا عن "الأمل في العثور على المجرم والجهات المخططة للاغتيال". وكان فورونينكوف قد فر من روسيا إلى أوكرانيا العام الماضي وساعد السلطات الأوكرانية في إعداد قضية خيانة ضد الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي حصل فورونينكوف على الجنسية الأوكرانية بعدما أدلى بشهادة ضد يانوكوفيتش الذي أطاحت به انتفاضة مؤيدة لأوروبا في وسط أوكرانيا في فبراير/شباط 2014 ولجأ إلى روسيا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها