الجمعة 2017/02/03

آخر تحديث: 15:23 (بيروت)

القصف على القابون: أبعد من "تقرير" الأنفاق

الجمعة 2017/02/03
القصف على القابون: أبعد من "تقرير" الأنفاق
RFS ©
increase حجم الخط decrease
تعرض حي القابون الدمشقي لأربع غارات جوية، بصواريخ شديدة الانفجار، الخميس، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين، وإصابة آخرين بجروح، في خرق لـ"وقف إطلاق النار" من جهة، وأيضاً للهدنة المبرمة بين النظام والمعارضة في الحيّ منذ العام 2014، من جهة ثانية.

القصف جاء بعد ثلاث سنوات على دخول المعارضة في الحي في هدنة مع الحرس الجمهوري، تقضي بـ"وقف إطلاق النار" بين الطرفين. وبحسب مصادر "المدن"، فالقصف جاء على خلفية "نشر تقرير مصور لإحدى القنوات الإعلامية المعارضة (أورينت)، تناول موضوع الأنفاق ونقل معالم واضحة في محيطها، ليأتي الرد من طيران النظام ويستهدف الحيّ".

مصدر "المدن" قال، إن "التقرير المصوّر كان خطأً كبيراً، وهو بمثابة إثارة للنظام، فالحي في وضع هدنة ووقف إطلاق النار، والنظام ينتظر حجّة يتذرع بها لقصف المناطق السكنية، وحتى الواقعة في المناطق المهادنة".

ولكن التصعيد في حي القابون الدمشقي، يحمل أبعاداً أكبر من قضية "تصوير"، إذ سبقت القصف معارك قبل ثلاثة أيام، على محورين؛ عند مدخل الحي الرئيسي، ومن جهة الأوتستراد الدولي، وسط ترويج الصفحات الموالية في مواقع التواصل الاجتماعي، أنه قد "حان وقت القابون بعد إنهاء ملف وادي بردى وتهجير ثواره"، بحسب المصدر.

مصدر عسكري معارض قال لـ"المدن"، إن "سياسة النظام السوري الأخيرة ترمي إلى وأد المناطق الثائرة في دمشق وريفها، واحدة تلو الأخرى، وعمليات التصعيد الأخيرة في الحي تشير إلى أنه قد يكون الحلقة القادمة في مسلسل التهجير".


(المصدر: LM)

وبحسب المصدر، فالحي يشهد اشتباكات متقطعة منذ أواخر كانون الثاني/ يناير، وختمها النظام بغارات هي الأعنف منذ ثلاث سنوات. وتتواجد في الحي الفرقة الأولى مشاة من الجيش الحر، و"جيش الفسطاط" ومجموعات صغيرة أخرى. تقدم قوات النظام في الحي، إذا تمّ، سيحقق أهدافاً متعددة: ضمّ القابون إلى سلسلة المناطق التي يطالها التهجير، واستكمال الحصار والضغط على الغوطة الشرقية عبر عزل برزة والقابون عنها نهائياً، وتأمين أوتستراد دمشق-حمص، وتأمين محيط "أكاديمية الشرطة".

وإذا كان النظام يهدف فعلياً إلى تطبيق سياسة "التهجير القسري" في حي القابون، فإن ذلك قد يكون أصعب مما يتوقع؛ فموقع الحي "الاستراتيجي" يميزه عن كل المناطق التي تعرضت للتهجير في وقت سابق. فالحيّ يبعد 4 كيلومترات عن مركز العاصمة دمشق، ويقع إلى شمالها الشرقي، ويمثل نقطة وصل بين دمشق الواقعة تحت سيطرة النظام، والغوطة الشرقية، أهم معاقل المعارضة وآخرها في ريف دمشق. كما أن الحي مطلٌّ على أوتستراد دمشق-حمص الدولي .

مصدر عسكري معارض قال لـ"المدن"، إنه "إذا بادر النظام إلى شنّ حملة عسكرية على الحي، فإن المعارضة سترد بحملة مماثلة على العاصمة، وتستهدف نقاطاً لقوات النظام تقع في مرمى نيرانها، وهو ما لا يريده النظام، لاسيما أن العاصمة لم تتعافَ من آثار الحملة على وادي بردى".

وكان النظام قد شنّ حملة عسكرية على وادي بردى، شمال شرقي دمشق، منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، بهدف الضغط على المعارضة وإخراجها من المنطقة، لتأمين نبع الفيجة، مصدر المياه الرئيسي في دمشق، والذي يزودها بأكثر من 60 في المئة من حاجتها المائية. عملية النظام ضد الوادي انقلبت عليه، وتسببت بخلق أكبر أزمة مياه عاشها سكان العاصمة دمشق منذ اندلاع الثورة السورية، ما أدى إلى حالة إرباك وسخط في صفوف المدنيين. ما يعني أن أي أي عملية عسكرية جديدة للنظام، قد تنعكس نتائجها مباشرة على العاصمة، ستخضع إلى دراسة ومراجعة.

ورغم الآراء التي تستبعد أن تعود لغة "النار" إلى حي القابون، إلا أن النظام يمارس سياسة "العصا والجزرة"، فمصير المناطق الخارجة عن سيطرته، هو التصعيد العسكري، ما لم تقبل بشروط "المصالحة" التي يفرضها النظام.

وكان مجلس محافظة ريف دمشق، التابع للنظام، قد عقد اجتماعاً في منتصف كانون الثاني/ يناير، والتقى عدداً من "لجان المصالحة" في قرى وبلدات الغوطة الشرقية، بحضور ممثل "مركز التنسيق الروسي للمصالحات" إيغور رتيشينوك. وأكد محافظ ريف دمشق، في تصريحات لوسائل إعلام موالية، أن "الأيام القليلة القادمة ستشهد عملية مصالحة وتسوية في إحدى بلدات الغوطة الشرقية أو أكثر".

وكان حي القابون الدمشقي، قد تمتع خلال الأعوام الثلاثة الماضية باستقرار نسبي، تخللته بعض الخروق، لعلّ أعنفها كان استهداف النظام لمدرسة ابتدائية في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 راح ضحيتها أكثر من 15 طفلاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها