الجمعة 2017/02/24

آخر تحديث: 12:19 (بيروت)

بعد الباب، ما هي وجهة "درع الفرات"؟

الجمعة 2017/02/24
بعد الباب، ما هي وجهة "درع الفرات"؟
المعارضة السورية سيطرت على مدينة الباب ومحيطها، شرقي حلب، بعد أعنف المعارك مع "الدولة الإسلامية" (انترنت)
increase حجم الخط decrease
استكملت قوات "درع الفرات"، المكونة من فصائل الجيش السوري الحر مدعومة بقوات خاصة تركية، سيطرتها الكاملة على مدينة الباب ومحيطها، بعد تطهيرها بلدتي بزاعة وقباسين، من تنظيم "الدولة الإسلامية".

المعارضة السورية سيطرت على مدينة الباب ومحيطها، شرقي حلب، بعد أعنف المعارك مع "داعش"، منذ انطلاق "درع الفرات" في 24 آب/أغسطس 2016. وخسرت "درع الفرات" نحو 20 جندياً من القوات الخاصة التركية، ومثلهم من الجيش الحر، في معركة الباب الأخيرة، بالإضافة إلى عشرات الأليات الثقيلة والأسلحة. وتجاوزت مدة معركة تحرير الباب، 100 يوم، حتى اعتقد البعض أنها عقدة لن تستطيع قوات الجيش الحر حلّها، ما دفع الجيش التركي لإرسال ما يزيد عن 6 آلاف عنصر، بعتاد حديث، لإنهاء الفصل الأخير منها.

التنظيم المهزوم في معركة الباب، لجأ كعادته إلى المفخخات، فقتل ما لا يقل عن 50 شخصاً، صباح الجمعة، نتيجة انفجار عربة مفخخة في مقر "المؤسسة الأمنية" في قرية سوسيان من ريف حلب الشمالي، بالقرب من بلدة الراعي. واستهدف الهجوم المقر الذي تجمّع فيه مدنيون وعسكريون بغرض الذهاب إلى مدينة الباب لتفقد ممتلكاتهم.

وبعد السيطرة على مدينة الباب وبلدتي قباسين وبزاعة، أصبحت قوات "درع الفرات" على أسوار بلدة تادف، والتي تتجمّع قوات النظام جنوبها. ولم يعد يفصل بين الطرفين سوى تادف، والتي شهدت بدورها اشتباكات بين "درع الفرات" و"داعش" على أطرافها.

وبعد إنتهاء المرحلة الثالثة التي تكللت بالسيطرة على منطقة الباب وما حولها، فأمام "درع الفرات" خيارات متعددة، تنتظر الموقف الأميركي منها، ومن القوات المتواجدة في الشمال السوري، والمتمثلة بـ"قوات سوريا الديموقراطية" و"درع الفرات" وقوات النظام والمليشيات الشيعية.

وأهم الخيارات المطروحة على الطاولة الآن، هي مشاركة "درع الفرات" في السيطرة على مدينة الرقة، بعد تقديم مقترحين لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومبعوثه إلى تركيا، عبر إيجاد صيغة مشتركة بين الأتراك والأميركيين، تتيح دخول الجيش الحر مدعوماً بقوات خاصة تركية وعربية وأميركية إلى مدينة الرقة، عبر مدينة تل أبيض على الحدود، جنوبي تركيا.

وليس خافياً أن تركيا عملت على تهيئة الوضع العسكري لإحتمال مماثل، عبر تجهيزها قوات من الجيش الحر في معسكرات خاصة على الأراضي التركية. العملية تقتضي تقدم تلك القوات مسافة 50 كيلومتر، باتجاه الرقة، والسيطرة عليها. وكانت "قسد" قد أعلنت انطلاق عمليات "غضب الفرات" بغرض "تحرير الرقة"، إلا أن تلك المليشيات الكردية لا تحظى بقاعدة شعبية في الرقة التي يُمثّل العرب أكثر من 70 في المئة من سكانها.


(المصدر: LM)

الخيار الثاني المحتمل، أمام "درع الفرات"، يتضمّن التقدّم والسيطرة على بلدتي تادف ومسكنة وعلى مدينة الطبقة، والتوجه بعدها إلى الرقة، في طريق يمتد لأكثر من 150 كيلومتراً. خيار يبدو صعباً للغاية، خاصة أن خاصرة "درع الفرات" ستكون مكشوفة بشكل كبير لـ"داعش" المنتشر في البادية، وسيتصدى حتماً لتلك القوات بالمفخخات والانتحاريين.

الخيار الثالث، هو التوجه إلى مدينة منبج، وطرد قوات "قسد" منها، وشق الطريق عبر مناطق سيطرتها باتجاه الرقة، وهو خيار قد يواجه رفض الإدارة الأميركية. إلا أن السيناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين، رئيس "لجنة الدفاع" في الكونغرس، في زيارته الأخيرة إلى تركيا، والقامشلي وعين العرب "كوباني" في سوريا، قدّم عرضاً إلى الأتراك، يتضمّن ترتيب خروج "قسد" من منبج، مع المحافظة على ثكنة سدّ تشرين، التي تعتبر قاعدة عسكرية أميركية-بريطانية، بحسب وسائل إعلام تركية.

إلا أن التصرفات الأميركية في الشمال السوري، تبدو غير مفهومة، خاصة بعد تسليمها أسلحة ثقيلة ومتوسطة لـ"سوريا الديموقراطية"، وما تبع ذلك من تجهيزات عسكرية لـ"قسد" في محيط مدينة منبج؛ من حفر الخنادق والدفع بقوات كبيرة إلى داخل المدينة، وتغيير القيادات العسكرية الحالية، وجلب قياديين من القامشلي. الأمر الذي ينذر بمواجهة عسكرية مقبلة بين حلفاء واشنطن وأنقرة.

قياديون عسكريون في "درع الفرات" أشاروا إلى أن الخيار الأخير، مطروح بقوة بين فصائل الجيش الحر والقوات التركية. القيادي في "فيلق الشام" الملازم أول عبدالإله طلاس، قال لـ"المدن"، إن "استكمال عمليات درع الفرات سيكون بشكل حتمي إلى منبج. ولن يمنعنا أحد من السيطرة عليها، سلمياً أو بقوة السلاح". ويؤكد طلاس، أن "هذه التحركات مدروسة وهي ضمن مشروع درع الفرات، وما أن تنتهي السيطرة على منبج، هناك تحرك نحو تل أبيض شرقاً أو إلى الرقة".

قائد "الفوج الأول" النقيب سعد الدين أبو الجزم، وهو من أبناء منبج، قال لـ"المدن" إن "مهمتنا الحالية هي تنظيف مدينة الباب من الألغام ومخلفات داعش، ومن ثم الانتقال لطرد قوات قسد من مدينة منبج، كخيار حتمي".

وأما الخيار الرابع أمام "درع الفرات"، فهو الانكفاء في المناطق التي سيطرت عليها شمال شرقي حلب، وتأمينها بشكل جيد، واستعادة السيطرة على مدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها شمال غربي حلب. كما أن تأسيس "جيش وطني" لاستكمال المرحلة العسكرية والسياسية المقبلة في سوريا، يبدو قائماً في خيار كهذا، في حال حصلت تركيا على مكاسب سياسية وعسكرية على حدودها الجنوبية، وأهمها إنهاء مشروع "الإتحاد الديموقراطي" الفرع السوري لحزب "العمال الكردستاني".

يتعزز الخيار الأخير، مع تقدم قوات النظام مدعومة بمليشيات إيرانية، جنوبي وشرقي تادف، على حساب "داعش". وأصبحت تلك القوات على مسافة أقل من 25 كيلومتراً من محطة مياه الخفسة، على ضفة نهر الفرات الغربية، من دون أن تلاقي أي مقاومة من قبل التنظيم.

جميع الخيارات المتاحة أمام "درع الفرات"، معقدة بشكل كبير، ومرتبطة بتفاهمات إقليمية ودولية. لكن في حال أغلقت الأبواب في وجه "درع الفرات" فقد تضطر إلى المواجهة العسكرية، إما مع قوات النظام للتقدم جنوباً، أو مع "قسد" للتقدم شرقاً أو غرباً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها