الأحد 2017/02/19

آخر تحديث: 12:14 (بيروت)

"سوريا الديموقراطية" والنظام يتوزعان المهام لمواجهة "درع الفرات"

الأحد 2017/02/19
"سوريا الديموقراطية" والنظام يتوزعان المهام لمواجهة "درع الفرات"
استشعرت "قسد" خطورة التصعيد من قبل القوات التركية، وفصائل المعارضة في "درع الفرات" (المدن)
increase حجم الخط decrease
شهدت العلاقات بين مليشيات النظام و"وحدات حماية الشعب" الكردية في حلب، تطورات متسارعة منذ مطلع فبراير/شباط، وأصبح التنسيق بين الطرفين أكثر وضوحاً بالتزامن مع اقتراب "درع الفرات" من تحقيق هدفها بالسيطرة على مدينة الباب شمال شرقي حلب، وسط التصريحات التركية المستمرة حول استمرار العمليات العسكرية إلى ما بعد الباب والتي من الممكن أن تشمل مدينتي منبج والرقة.

"قوات سوريا الديموقراطية"، المنتشرة في ريف حلب الشمالي، وحي الشيخ مقصود في مدينة حلب، والتي تتزعمها "وحدات حماية الشعب"، شاركت فعلياً، بعناصرها وبالدعم الناري، مع مليشيات النظام في المعارك ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" جنوبي وغربي الباب. وأسفرت تلك العمليات عن سيطرة واسعة للنظام على حساب التنظيم، وتجاوز عدد المواقع التي سيطر عليها النظام 25 قرية ومزرعة في وقت قياسي، مقارنة بعمليات "درع الفرات" المتعثرة، والتي ظلت تراوح مكانها في عمليات "كر وفر" منذ مطلع العام 2017.

استفاد النظام من العنصر البشري في "قسد" في معاركه ضد "الدولة الإسلامية" في ريف حلب الشرقي. والمعارك هناك لم تنتهِ رغم تغيير محورها الذي كان متجهاً نحو مدينة الباب التي حسم أمرها على ما يبدو وفق التفاهم الروسي-التركي، وأصبحت من حصة "درع الفرات". المحور الجديد لعمليات النظام بات الآن يتجه نحو ضفاف الفرات في ريف الرقة، ومن المحتمل أن يكون لـ"قسد" دور بارز في العملية، التي ستحقق لها مكاسب أقلها وصل مناطق سيطرتها في عفرين وريف حلب الشمالي عامة بمناطق منبج والضفة الشرقية للفرات.


(المصدر: LM)

المصالح المتبادلة بين مليشيات النظام و"قسد" في ريف حلب نقلت التعاون المباشر بينهما، من الخفاء إلى العلن، وبشكل متسارع. فحصلت "قسد" على مميزات متعددة مقابل دورها الذي يعول عليه النظام في خلط الأوراق، وعرقلة العمليات العسكرية لـ"درع الفرات" المدعومة تركياً. فالنظام يرغب ببناء خط عزل يمنع تركيا من التوغل على حساب "الدولة الإسلامية" إلى ما بعد الباب.

النظام سمح لـ"قسد" بفتح مراكز تدريب عسكرية في حي الشيخ مقصود في حلب، والتي خرّجت دفعات جديدة من المنتسبين لها، من مختلف الاختصاصات، كما سمح لعناصرها وقياداتها بالتنقل بسهولة بين مناطق سيطرتها في مدينة حلب وعفرين والريف الشمالي بشكل عام، بما في ذلك نقل العتاد الحربي، وعمليات إعادة الانتشار. وتسلمت "قسد" إدارة عدد من القرى والبلدات شمال شرقي حلب، ذات الغالبية الكردية، والتي كان النظام قد سيطر عليها مؤخراً من يد التنظيم.

حملة التجنيد التي بدأتها "قسد" في حي الشيخ مقصود، وإخضاع الشباب لدورات عسكرية مكثفة في المراكز التي افتتحتها، كانت قد سبقتها خطوة مشابهة في مدينة منبج، والقرى والبلدات التابعة لها. وتضم منبج عدداً من مراكز التدريب والانتساب العسكري لصفوف "قسد"، وقد تخرج منها مئات العناصر الذين انضموا لصفوف مقاتليها من الجنسين، الذين أعدتهم في معسكراتها التقليدية التي تتوزع في قرى عفرين ومعسكر الطلائع في كفر جنة.

المدفعية التركية، ومن مرابضها في القواعد العسكرية بالقرب من مارع، استهدفت وبشكل متكرر مناطق سيطرة "قسد" في ريف حلب الشمالي، وبالتحديد في مدينة تل رفعت والقرى والبلدات المحيطة بها وصولاً إلى مطار منغ. رد "قسد" على القصف التركي الذي تصاعد، مطلع شباط/فبراير، كان شبه معدوم. إذ استشعرت "قسد" خطورة التصعيد من قبل القوات التركية، وفصائل المعارضة في "درع الفرات"، والذي بدا أشبه ما يكون بعملية استجرار لها إلى معركة ستكون فيها حتماً الخاسر الأكبر. فلجأت "قسد" وبرعاية روسية، إلى عقد مصالحات مع النظام، شملت بادئ الأمر ست بلدات هي: تل رفعت ومنغ وماير وتل جبين ومعرسته الخان وحردتنين. بنود الاتفاق تضمّنت: عودة من يرغب من أبناء هذه القرى والبلدات الذين هجرتهم "قسد" منذ عام، بالإضافة إلى رفع علم النظام.

وتريد "قسد" من هذه المصالحات التي يغلب عليها الطابع الإعلامي، إيصال رسالة للمعارضة والقوات التركية، بأنها ليست وحيدة الآن، وبإمكانها السماح للنظام بأن يقترب أكثر باتجاه الحدود التركية إن هي فكرت في استهدافها، والاشتباك معها في معركة جدية تهدف لطردها.
الاتفاق مجرد خدعة، ولم يتم تطبيق البنود الخاصة بتهيئة الظروف الملائمة لعودة المهجرين إلى بلداتهم، ولا تلك الخاصة بعودة اللاجئين. النقطة الوحيدة الفعلية من الإتفاق هي: "تمكين الإدارة والسيطرة المشتركة لكلا الطرفين"، يمثل النظام فيها أشخاص محسوبين عليه من أبناء البلدات نفسها، في الغالب بعثيين، ومن "اللجان الشعبية"، كانوا قد تركوا بلداتهم في العام 2011 عندما قامت الثورة ليلتحقوا بمناطق سيطرة النظام في حلب ودمشق.

فصائل المعارضة المسلحة في "درع الفرات" والقوات التركية صعّدت من قصفها لمواقع "قسد" في ريف حلب الشمالي بعد إعلان "المصالحات" مع النظام، على عكس ما كانت تتوقعه "قسد". لكن "قوات سوريا الديموقراطية" ردّت بطريقة مفاجئة، وقصفت بالمثل، بقذائف المدفعية والصواريخ بلدات مارع وجبرين وكفركلبين وقرى وبلدات أخرى تسيطر عليها المعارضة المسلحة في ريف حلب الشمالي. ونفذت "الوحدات" الكردية محاولات تسلل واشتباكات، كان آخرها فجر الجمعة، في الجبهات غربي مارع.

التحالف المتين بين "الاتحاد الديموقراطي" وذراعه العسكرية، والنظام، يزيد من احتمال وقوع مواجهة قريبة مع "درع الفرات" المدعومة تركياً، بعد الانتهاء من معركة السيطرة على الباب. فالقوات التركية انتهت تقريباً من إنشاء قاعدتها العسكرية الجديدة شمال غربي مارع في المنطقة الفاصلة بينها وبين بلدة جبرين، وتقع في مواجهة مطار منغ الذي تسيطر عليه "قسد".

"سوريا الديموقراطية" بدورها، تتأهب لمواجهة محتملة؛ من معسكراتها التدريبية التي خرجت المئات من العناصر، والاجراءات اللوجستية، والتحصينات الهندسية كحفر الخنادق، ورفع السواتر الترابية كما في محيط مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، وتل رفعت في الريف الشمالي. في إطار ذلك يبدو النظام مرتاحاً للدور الفاعل الحالي والمتوقع لـ"قسد"، ما بعد الباب. فـ"قسد" تشكّل الآن عثرة في طريق "درع الفرات"، ومن خلفها تركيا، التي بات وصولها الرقة، لا يمر إلا بالصدام مع "الإتحاد الديموقراطي" وقواه العسكرية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها