السبت 2017/12/09

آخر تحديث: 15:43 (بيروت)

هل سيطلب ترامب من إسرائيل ثمن "إعلان القدس"؟

السبت 2017/12/09
هل سيطلب ترامب من إسرائيل ثمن "إعلان القدس"؟
المواجهات كانت "تحت السيطرة" (Getty)
increase حجم الخط decrease
قال المحلل السياسي الإسرائيلي شلومي الدار، في مقال تحليلي نشره موقع "المونيتور"، إن  الأيام القليلة القادمة ستحدد ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستواجه ما وصفها "الفوضى" التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار السلطة التي يرأسها محمود عباس؟ أم أن الفلسطينيين سينجحون في احتواء الغضب على إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟

وبحسب مختلف التحليلات والمقالات والتصريحات الإسرائيلية، فإن القيادات العسكرية والأمنية في إسرائيل بدت مرتاحة لما كانت عليه المواجهات التي وقعت في "جمعة الغضب"، إذ كان انطباعها أن هذه المواجهات "تحت السيطرة"، خاصة في ظل تعليمات من أعلى المستويات بتقليل استخدام جيش الإحتلال للرصاص الحي في التصدي للمتظاهرين خاصة في الضفة الغربية. الأمر الذي حال دون وقوع شهداء، باستثناء مواجهات قطاع غزة التي استشهد فيها شابٌ، وتلاه شهداء آخرون في قصف لمواقع المقاومة، رداً على اطلاق قذائف صاروخية باتجاه المستوطنات الإسرائيلية المجاورة.

وحتى هذه اللحظة، تعتقد هذه الدوائر العسكرية أن الأمور لم تخرج عن السيطرة، وأن الميدان لن يتدهور إلى "الأسوأ"، وفق المعطيات المتوفرة، لكنها تعود وتقول "إنه لا ضمانات بأن الوضع سيستمر كذلك". أحد ضباط جيش الإحتلال يصف المشهد الميداني "ببرميل متفجرات" والذي ينتظر أي شعلة كي ينفجر، ما يعني أن وقوع عمليات تؤدي إلى قتل إسرائيليين، أو اعتداءات اسرائيلية ينتج عنها شهداء فلسطينيون، قد يؤدي إلى تصعيد أكبر، غير أن الأمن الإسرائيلي يقول إن هناك ارتياحاً لديه حتى اللحظة لما جرى، الجمعة.

وتؤكد المصادر الإسرائيلية أن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية مستمر، ولم ينقطع تماماً، لكنه يجري على مستوى ضئيل الآن، أي على مستوى ميداني ونطاق ضيق، ومع ذلك، لم يتدخل الأمن الفلسطيني لمنع التظاهرات، الجمعة. "قوات حرس الرئاسة" عملت بهدوء في ساعات المساء على منع المتظاهرين من مواصلة التظاهر في منطقة مستوطنة "بيت ايل" شمالي مدينة البيرة، بمحاذاة الطريق التي يتنقل رئيس السلطة عبرها بين مقر "المقاطعة" ومنزله.

وتعتقد الدوائر الإستراتيجية والأمنية الإسرائيلية أن السلطة لا تستطيع أن تذهب بعيداً في ما يتعلق باعتراضها على اعلان ترامب "القدس عاصمة لإسرائيل"، لأنها بذلك "ستقطع غصن الشجرة الذي هي جالسة عليه"، على حد التعبير الإسرائيلي؛ فهي لن تلغي اتفاق أوسلو في نهاية المطاف الذي هو أساس وجودها وبقائها، الأمر الذي يعني أن السلطة مقيدة بالنسبة لردها على اعلان ترامب بغض النظر عن التصريحات الرسمية الغاضبة.

موقع "المونيتر" نقل عن مصدر من "حركة فتح"، من دون أن يسميه، قوله "إن أبو مازن من دون وجود أفق سياسي كرئيس من دون سُلطات، ومن دون طريق؛ ذلك أن عباس وضع كل البيض في سلة واحدة فتلقى صفعة رنانة من ترامب تركته في وضع محرج أمام الفلسطينيين، وليس فقط أمام حركة حماس".

استاذ الدراسات الإسرائيلية البروفسور عزيز حيدر، قال لـ"المدن"، إن ما رأيناه من رد فعل طبيعي في المجتمعات الفلسطينية والعربية إزاء خطوة ترامب بشأن القدس، وكان أقل من المتوقع، موضحاً "لا ندري أين يُمكن لقرار ترامب ان يأخذ المنطقة على المدى البعيد"، لأنه من أكثر القرارات الحاسمة التي اتُخذت في تاريخ السياسة الأميركية وكذلك الدولية، ما وضع الفلسطينيين في موقف صعب جداً، ومن دون أن يتخذوا حتى قراراً حاسماً، لأنهم اعتمدوا على أميركا في بقاء ودعم السلطة، وليس بمقدورهم إلا العودة لها.

وبينما اعتبر حيدر أن ترامب أراد من خلال اعلانه بشأن القدس، أن يدفع الثمن للكنائس الصهيونية التي دعمته في حملته الإنتخابية وأوصلته لسدة الرئاسة، فإن لذلك حسابات خارجية ايضاً، فنتائج القرار تمسّ الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.

وكشف حيدر، المطلع على ما يدور في الحلبة الإسرائيلية، عن وجود مستويات في اليمين الإسرائيلي، تشعر برضى إزاء قرار ترامب الأخير لكنها متخوفة منه في الوقت ذاته، فهي غير مرتاحة تماماً لأن القرار المذكور غير كاف؛ ذلك أن ترامب ترك بعض الأمور غامضة مثل حدود القدس، ولم يستخدم تعبير "العاصمة الموحدة لإسرائيل". وهي أمور تدفع اليمينيين إلى الخوف من أن اسرائيل ستدفع ثمن القرار في المرحلة القادمة، عبر الضغط عليها لتقديم تنازلات لا تريدها في سياق التسوية السلمية التي يسعى ترامب لطرحها في النصف الثاني من العام 2018. وكأنّ القرار بمثابة اغراء لإسرائيل من أجل دفع الثمن في الفترة القادمة.

ويقول حيدر إن القيادة الفلسطينية في ورطة وفي موقف صعب جداً من ناحية اتخاذ القرار، لأن وجود السلطة من دون الدعم الأميركي غير ممكن، وأميركيا لها دور كبير بهذا السياق. ومن جهة اخرى، فمن الصعب على هذه القيادة أن تبتلع قرار ترامب، وتوقع حيدر، أن تتخبط السلطة وستواصل تخبطها لمدة معينة قبل اتخاذ أي قرار، بيدَ أن هذا يعتمد أيضاً على علاقات السلطة بالدول العربية. إذ أنه من النادر أن تتخذ السلطة قراراً بلا دعم وعمق عربيين.

وقدّر حيدر، بناءً على المعيطات المتوفرة لديه، أن ترامب لم يفاجئ القيادات العربية بقراره بشأن القدس، موضحاً أن بعضها كان يعرف قبل فترة لا بأس بها، لكنها تظاهرت بانها تفاجأت به، لكن هذه القيادات أرادت ألا تفضح الموضوع وجاء وكأنه مفاجئ بالنسبة لها، الأمر الذي يثير الشك في اقدام هذه القيادات على اي خطوة تغضب اميركا وتؤثر على التحالف الذي يتبلور في المنطقة، بحجة لجم ايران في المنطقة.

وحول كيفية تعامل السلطة الفلسطينية مع خطة ترامب لحل الصراع التي ستُعلن في الأشهر القادمة، يؤكد الباحث حيدر أن لدى السلطة مشكلة في البدائل، وتساءل: "اذا رفضت السلطة خطة ترامب، فما هي البدائل التي أمامها واية أوراق قوة تبقّى لديها؟". ثم يجيب: "ليس بيد السلطة أي نوع من الأوراق للضغط على اسرائيل أو أميركيا أو أي طرف آخر".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها