السبت 2017/12/23

آخر تحديث: 13:54 (بيروت)

سكة الحجاز: هل يغيّر دخول "الأحرار" و"الزنكي" المعادلة؟

السبت 2017/12/23
سكة الحجاز: هل يغيّر دخول "الأحرار" و"الزنكي" المعادلة؟
أتاحت إعادة الانتشار للمعارضة فرصة التفكير في استعادة زمام المبادرة (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تمكنت فصائل المعارضة المسلحة و"هيئة تحرير الشام"، مؤخراً، من وقف زحف مليشيات النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية" على جبهات ريف حماة الشمالية والشمالية الشرقية، وريفي إدلب وحلب الجنوبيين.

وشهدت المنطقة شرقي سكة الحجاز، سلسلة من الانهيارات، وسقوط عدد كبير من القرى والمواقع لصالح النظام والتنظيم، منذ بداية كانون الأول/ديسمبر، بسبب القصف العنيف الجوي والبري، والهجمات البرية المتواصلة لمليشيات النظام على أكثر من 12 محور، ونجاح التنظيم وخلاياه النشطة في خلخلة صفوف المعارضة و"الهيئة" واختراق مواقعهما أكثر من مرة وقتل العشرات من عناصرهما.

التغيير الذي شهدته جبهات المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية جاء بعد دخول فصائل معارضة مسلحة جديدة، على خط المواجهات ضد مليشيات النظام والتنظيم. وساهمت عمليات إعادة الانتشار التي أجرتها الفصائل و"الهيئة" على كامل خطوط التماس، في تثبيت خريطة السيطرة، على الرغم من استمرار الهجمات ضدها والتمهيد الناري المتنوع الذي يستهدف مواقعها. وربما أتاحت إعادة الانتشار، لفصائل المعارضة و"الهيئة"، فرصة التفكير في استعادة زمام المبادرة، وفتح جبهات تختارها لتشتيت المليشيات، كما حصل في جبهات خان طومان جنوبي حلب. وتسلل عناصر "الهيئة" نحو مواقع مليشيات النظام، ليلاً، وقالت الهيئة إن العملية أسفرت عن مقتل عدد من عناصر النظام واغتنام أسلحة.

وأتاح الانتشار الجديد الفرصة أمام "الهيئة" والمعارضة لتكثيف عمليات التصدي لتنظيم "الدولة" في ريف حماة الشمالي الشرقي، في محوري رسم الحمام والتلال المحيطة بها، لا بل وشنّ هجمات معاكسة. وتمكنت "الهيئة" والمعارضة، الجمعة، من استعادة تلال الشيحة والزغبق، وقتلت 20 عنصراً على الأقل من عناصر التنظيم. وهناك تحضيرات عسكرية لشن هجوم واسع ضد معاقل التنظيم يهدف للقضاء عليه كلياً في ريف حماة خلال الفترة المقبلة.

الناطق الإعلامي باسم "جيش النصر" محمد رشيد، أكد لـ"المدن"، أن جبهات المعارضة في ريف حماة، بحاجة إلى المزيد من التعزيزات العسكرية، وأن عمليات الانتشار والتنسيق بين الفصائل ما تزال دون المستوى المطلوب الذي من شأنه الحفاظ على تماسك جبهات القتال أمام هجمات مليشيات النظام المتصاعدة بهدف التعمق أكثر في إدلب والسيطرة على مواقع استراتيجية في المنطقة.

"حركة أحرار الشام الإسلامية"، حسمت أمرها أخيراً، وقررت المشاركة في العمليات العسكرية في المنطقة، وتسلمت عدداً من المواقع ونقاط التماس في أرياف حماة الشمالي والشمالي الشرقي، في مواجهة مليشيات النظام، بالقرب من أم حارتين وقبيبات أبو الهدى وتل الأسود وتل حوير، وغيرها من الجبهات. وكانت "الأحرار" قد انسحبت من تلك المواقع قبل شهور بعد هجوم "تحرير الشام" عليها، واعتقال عناصر ومصادرة سلاح وذخائر لـ"الحركة".

ومباشرة بعد إعادة انتشارها، بدأت "الحركة" تنسق مع الفصائل المنتشرة في جبهات ريف حماة، ومن المتوقع أن يكون لدخول "الأحرار" أثر إيجابي لصالح المعارضة في المنطقة في مواجهة المليشيات، إذ إن معظم مقاتلي "الأحرار" العائدين إلى جبهاتهم في ريف حماة، هم من أبناء المناطق التي تتعرض لهجمات النظام، ولديهم خبرة كبيرة بالتعامل مع جغرافية المنطقة.

"الأحرار" لم تزج بكامل ثقلها بعد في ريف حماة، ويمكن القول إن دخولها الخجول، يتناسب مع ما تحقق من بنود التفاهم الأخير مع "تحرير الشام". التفاهم ضم "الأحرار" و"حركة الزنكي" و"جيش الأحرار"، في مقابل "تحرير الشام"، وأطلق بموجبه عدد من مقاتلي "الأحرار" وقادتها المعتقلين لدى "الهيئة" واستعادت الحركة عدداً من مواقعها ومقراتها. وما زالت "الأحرار" تنتظر الافراج عن نائب قائد "قطاع البادية" فيها "أبو عزام سراقب"، واسترجاع الأسلحة والذخائر التي صادرتها "الهيئة" في الاقتتال الأخير. تطبيق بقية بنود الاتفاق، كفيل بتوسيع انتشار "الأحرار" في الجبهات ليشمل ريفي إدلب وحلب الجنوبي، وتكثيف تواجدها في جبهات ريف حماة بشكل أكبر.

مدير المكتب الإعلامي في "حركة نور الدين الزنكي" أحمد حماحر، أكد لـ"المدن"، أن "الزنكي" بدأت استطلاع جبهات المناطق شرقي سكة الحجاز، خلال اليومين الماضيين، في موازاة تحضيراتها العسكرية للمشاركة في القتال. ومن المتوقع أن تكون مشاركة "الزنكي" فعالة في جبهات ريف حلب الجنوبي، إلى جانب "جيش الأحرار" الذي دخل مؤخراً إلى جبهات المنطقة. وتتمتع "الزنكي" بمخزون كبير من الأسلحة والذخائر التي بإمكانها قلب المعادلة. واستفادة الفصائل الأخرى من ذخائر "الزنكي"، بالإضافة لمخزونات "فيلق الشام"، احتمال وارد جداً.

قرار "الزنكي" المشاركة في المعارك، يأتي على خلفية تطبيق عدد من بنود الاتفاق مع "الهيئة" التي سلمت "الزنكي" عدداً من المقرات والمواقع التي كانت قد سيطرت عليها خلال الاقتتال الأخير في ريف حلب الغربي، ومن بينها حواجز ومقرات قرب قرية عويجل.

وبدى أن "الأحرار" و"الزنكي" و"جيش الأحرار"، وفصائل أخرى، مستعدين للمشاركة بفعالية أكبر في المعارك، والتنسيق المباشر مع "الهيئة" في جبهات القتال، لكن انعدام ثقتهم في الهيئة جعلهم أقل حماسة، وربط انخراطهم الكامل في المعركة بتطبيق كل بنود الاتفاق، التي لطالما حاولت "الهيئة" وما تزال التنصل منها، وبشكل خاص تلك المتعلقة بإعادة السلاح والذخائر المصادرة للفصائل، وإطلاق سراح كل معتقلي الفصائل لدى "الهيئة" من دون أي تحفظات.

قائد "غرفة عمليات الراشدين" النقيب أمين ملحيس، أكد لـ"المدن"، أن التنسيق الميداني قد بدأ فعلاً بين الفصائل و"الهيئة" في جبهات القتال، فيما يُشبه غرفة عمليات مهمتها توزيع القوات في محاور القتال وتحقيق انتشار يتلاءم مع المتطلبات العسكرية للجبهات المشتعلة، بالإضافة إلى توزيع الأسلحة الثقيلة والنوعية، كالمضادات، بما يتناسب مع حاجات كل محور. وأوضح ملحيس، بأن قرار فصائل المعارضة بالمشاركة في المعركة، من شأنه أن يعيد بعض الثقة المفقودة، ويشكل بداية ضرورية لولادة غرفة عمليات عسكرية حقيقية، يتم وضع كل السلاح والذخائر والعناصر تحت أمرتها لخوض معارك حاسمة. وتوقع ملحيس، أن يعلن عن غرفة عمليات تضم كل فصائل ادلب وريفي حلب وحماة، مع بداية العام 2018، فالمشاورات مستمرة في هذا الشأن.

الحديث عن تنسيق الفصائل و"الهيئة" والمساعي لإنشاء غرفة عمليات، يبدو مثالياً للغاية، ويوحي بأن هناك التفافاً شعبياً في هذا الاتجاه. لكن الواقع يشير إلى انعدام الثقة لدى الحواضن الشعبية بالفصائل و"الهيئة"، وفي قدرتهما على إحداث تغيير إيجابي خلال الفترة القادمة على الصعيد العسكري. غرفة العمليات المنشودة، من المرجح، أن تولد ميتة، بسبب استماتة "الهيئة" في الاستحواذ الكامل على المشهدين العسكري والسياسي في المنطقة، ما قد يدفع المنطقة إلى المزيد من التصعيد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها