الأربعاء 2017/12/13

آخر تحديث: 15:37 (بيروت)

بعد إهانة الأسد في حميميم: لن نغني لهم مجدداً

الأربعاء 2017/12/13
بعد إهانة الأسد في حميميم: لن نغني لهم مجدداً
أبناء جيل الستينيات والخمسينيات استعادوا ذكرى حافظ الأسد (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أثار المقطع المصور الذي أمسك فيه جندي روسي الرئيس السوري بشار الأسد، مانعاً إياه من مرافقة بوتين على السجادة الحمراء، إشكالاً وأزمة لدى الموالين في محافظة اللاذقية. المقطع المصور لم يظهر على القنوات المعارضة للنظام أو الحيادية، بل بثّه التلفزيون الروسي الذي يحظى بمتابعة كبيرة، ما جعل النظام في وضع حرجٍ جداً تستحيل فيه إخفاء المقطع أو حجبه عن الموالين.

قيادي في "حزب البعث"، قال لـ"المدن": "الروس اهتموا بالزيارة جداً، ودعت محطة روسيا اليوم كل الفاعلين السياسيين في اللاذقية وطرطوس للحديث عنها في قناة روسيا اليوم، ومنحونا وقتاً طويلاً للحديث عن أهمية الزيارة، ولا يبدو الفيديو المنتشر ذا أهمية، فهو مجرد خطأ في تنظيم آليات بروتوكلات التشريف".

وفي حين غلب الانكار والتقليل من أهمية الحادثة لدى مسؤولي النظام ورموزه، سرت موجة من الاحتقان بين الموالين، بعضها صب جام غضبه على الروس وقلة احترامهم للرئيس الأسد، وبعضها الآخر استعاد بفخر صورة حافظ الأسد، الذي كان "رجلاً حقيقياً" وما كان سيسمح لذلك بالحدوث معه.

في الأحاديث العامة، هاجم الجميع العسكري الروسي الذي لا يضع رُتباً، وكيف أمسك بالأسد من يده وأعاده للخلف، من دون أي تردد أو تفكير أو تقدير لشخص الرئيس. إلا أن الموالين، لطالما تهامسوا، في كل مرة يظهر الأسد فيها برفقة الروس، عن الانطباع الضعيف الذي يتركه وجه وجسد الرئيس السوري، وهذا ما لم يعتادوا عليه. فالأسد في التلفزيون الرسمي أو في ساحات المعارك والخطابات، يبدو قوياً واثقاً من نفسه، مستمتعاً بأصوات الموالين من حوله تهتف: "يا بشار ولا تهتم عندك ناس بتشرب دم".

يد الجندي الروسي أكدت الانطباعات المخفية عن وضع الرئيس السوري الضعيف أمام العالم، وأمام الروس تحديداً، ما جعل الموالين بلا مهرب من مواجهتها.

أبناء جيل الستينيات والخمسينيات من العسكريين المتقاعدين استعادوا ذكرى الرئيس الراحل حافظ الأسد، بكثير من الحنين. فحافظ برأيهم لم يكن ليسمح أبداً بموقف ذليل كهذا. هذه الحادثة دفعت لاستعادة قصص خيالية عن كرامة حافظ الأسد وهيبته. ومعظم القصص المستعادة مختلق، لكن انقاذ النظام بدا واجباً حتى ولو بالمرويات الشفوية، الأسطورية الحميمة، تجاه الأسد الأب.

فهل تعوّض هذه القصص عن المصيبة التي رآها الجميع؟ لا يبدو ذلك ممكناً، فالشعور العام العلوي، أخرج للعلن، وللمرة الأولى، فكرة أن الروس مجرد مُحتّلين، وإن كانوا حلفاء. البعض من الموالين يقول إن ما حصل جيد، فهو للمرة الأولى شاهد بأم عينه السيد يُهان. سيدهم المحبوب، الوحيد التائه في حميميم، بين كبار الضباط الروس، بدا مهاناً من عسكري روسي صغير. الموالون ضائعون تماماً، فحليفهم أصبح قاسياً على زعيمهم. وسرت شائعة بأن صور بوتين ستزال قريباً من اللاذقية.

وعلمت "المدن" من مصد موثوق من القصر الرئاسي، أن الأسد، وفي انتظاره وصول بوتين، حاول زيارة القاعدة العسكرية في حميميم، فلم يُسمح له، وسمح له فقط بالاطلاع على الجزء المدني منها. فالروس قسموا القاعدة إلى جزئين؛ عسكري ومدني. ويحوي القسم المدني كنيسة صغيرة وصالة رياضة ونشاطات اجتماعية وسياسية. ولم يُسمح للأسد بمعاينة القسم العسكري منها إلا حينما وصل بوتين. ولم يُسمح لمنظمي زيارات الأسد بالتنسيق مع الجهاز الأمني الروسي، ولا القيام بقواعد التشريفات. المصدر أكّد أن الأسد لم يستطع إقناع بوتين بتمديد فترة زيارته.

العلاقات القرابية لدى المجتمع العلوي في الساحل السوري، التي تتشابك مع المقربين من الرئيس وبطانته المقربة، ساهمت في أشاعة هذه المعلومات سريعاً. وفي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر انتقادٌ واسع للروس، وسط حالة نفور عامة لدى الموالين، واتهامات بأن الروس لا يُقدّرون رمز العلويين.

في الأحياء الشعبية العلوية، بدا التهكم أكثر حدّة، ودرجت نكتة سرعان ما انتشرت بقوة: "العسكري الروسي قال لبشار بالعربية: وين رايح حبيبي؟".

امتعاض موالي النظام العلويين، جاء من فكرة مفادها: "ما بيعرف الجندي الروسي أنو هادا هو الرئيس تبعنا؟". وانتشر جو من التهكم المرير، بعدما خلص الموالون إلى أن "الروس ليسوا أصدقاء، ويحاولون إهانة الأسد بهذه الطريقة"، أو أنهم "ليسوا حلفاء بالمعنى الحقيقي للكلمة".

ما حدث مع بشار مُحرج جداً، وغير مفهوم، وفيه إهانة هائلة. العسكري الروسي أوقف حركة الأسد، والكاميرا لاحقت بوتين، وتركت الأسد في الخلفية. أحدهم قال: "هم احتلال، لكنه احتلال يحمينا.. لن نغني له ونمدحه بعد الآن".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها