الإثنين 2017/11/20

آخر تحديث: 13:06 (بيروت)

ماذا تريد "أحرار الشام" من معركة إدارة المركبات العسكرية؟

الإثنين 2017/11/20
ماذا تريد "أحرار الشام" من معركة إدارة المركبات العسكرية؟
تمكنت المعارضة من السيطرة على أكثر من 60 بالمائة من إدارة المركبات العسكرية (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أطلقت "حركة أحرار الشام الإسلامية"، قبل أسبوع، معركة في مدينة حرستا من الغوطة الشرقية المُحاصرة، لتحرير إدارة المركبات العسكرية والمنطقة المحيطة بها. وبدأت الحركة العمل بشكل فردي، من دون دعوة أي فصيل معارض للمشاركة أو المساندة، واستطاعت التقدم خلال ثلاثة أيام والسيطرة على مبنى الإدارة الرئيسي و"الرحبة 446" في الإدارة، ليبقى المعهد الفني وبعض المباني تحت سيطرة النظام حتى اللحظة.

وتمكنت المعارضة من السيطرة على أكثر من 60 في المائة من إدارة المركبات العسكرية، مع تثبيت نقاطها فيها ومحاولتها التقدم باتجاه المعهد الفني، وأحياء العجمي والحدائق في مدينة حرستا والتي تعتبر أهم طرق إمداد إدارة المركبات العسكرية من خارج الغوطة الشرقية. فيما تغيب أخبار المعركة في وسائل إعلام النظام الرسمية والبديلة، مع غياب واضح لإعلاميي النظام المرافقين لـ"الحرس الجمهوري" عن معركة إدارة المركبات.

وكانت مصادر "المدن" قد أكدت أن قوات النظام سحبت أبرز قادتها الميدانيين من محيط جوبر وعين ترما، ونقلتهم باتجاه مدينة حرستا، مع اعطائهم مهلة تنتهي الإثنين، لاستعادة النقاط التي خسروها، وإلا فسيتم نقل مجموعات "الفرقة الرابعة" مع منصات صواريخ أرض–أرض، إلى مدينة حرستا.

وعلى الرغم من تبني "الأحرار" للمعركة إلا أن معظم المقاتلين هم من "لواء فجر الأمة" سابقاً، الذي انضم إليه عشرات من مقاتلي الحركة، في أيار/مايو 2017، لينضوي التشكيل الجديد تحت راية "حركة أحرار الشام الإسلامية" بعدما تمّ تعيين قائد "فجر الأمة" أميراً عاماً لـ"أحرار الشام" في الغوطة الشرقية.


(المصدر: LM)

وُيلاحظ من البيان الذي صدرته "الأحرار"، في اليوم الثالث للمعركة، معلنة انطلاقها، أنه نُشِرَ من خارج الغوطة الشرقية، أي من الشمال السوري. فطريقة الصياغة، والحديث عن خروقات النظام، والضامنين التركي والروسي، رغم أن مدينة حرستا لم تدخل ضمن أي اتفاق لـ"خفض التصعيد"، تشير إلى أن قيادة المعركة في الأيام الأولى كانت من خارج الغوطة الشرقية.

وتُشير بعض المصادر إلى أن قرار فتح معركة إدارة المركبات، قد يكون لإعادة "أحرار الشام" كقوة كبيرة في عمق العاصمة. وذلك ربما تمهيداً للمشاركة في المفاوضات والمؤتمرات التي من المفترض أن تُعقد خلال الفترة المقبلة، في حال تمكنت "الأحرار" من تحرير أكبر القطع العسكرية في سوريا، والسيطرة الكاملة على مدينة حرستا وفتح طريق حرستا-عربين الرئيسي.

مصادر "المدن" أشارت إلى إن "أحرار الشام" بدأت التجهيز للمعركة منذ أكثر من شهرين، وتلقت في سبيل ذلك دعماً مالياً كبيراً. المصادر أكدت أن الأوامر جاءت للقيام بالعمل بشكل فردي، وباسم "أحرار الشام" فقط، إلا أن الضغط الكبير الذي تعرض له مقاتلو الحركة، نتيجة المساحات الكبيرة في الإدارة، وصعوبة الاقتحام من قبل فصيل واحد. الأمر الذي دفع قيادة الحركة في الغوطة الشرقية لاصدار بيان يُعلن إزالة اسمها من بيانات المعركة، واعتماد مصطلح "ثوار الغوطة الشرقية". وذلك في دعوة مباشرة لكل من يود الالتحاق، بشكل شخصي، أو لأي فصيل في الغوطة بغرض المساندة النارية من جبهات أخرى. مقاتلو حرستا كانت لهم تجارب سابقة في إدارة المركبات وخسروا المئات فيها، بسبب صعوبة السيطرة عليها.

ويتوقع أن اختيار الحركة إدارة المركبات العسكرية هدفاً لها، جاء لأنها غير قادرة على إطلاق معارك نحو دمشق من جبهات أخرى بسبب سيطرة بقية الفصائل عليها، وسط نية الأحرار الواضحة بالانفراد بالعملية. هذا فضلاً عن الأهمية العسكرية والاستراتيجية لإدارة المركبات العسكرية، كأكبر ثكنة تابعة للنظام بقيت صامدة في عمق الغوطة لأكثر من خمس سنوات، مع سيطرة النظام بالكامل على طرق إمدادها مع دمشق.

وكانت قيادة "أحرارالشام" في الغوطة الشرقية، قبيل المعركة، تفاوض الروس عبر وسطاء لفتح طريق تجاري من مدينة حرستا، عوضاً عن مخيم الوافدين الذي يسيطر عليه "جيش الإسلام"، بحسب مصادر "المدن" في دمشق. إلا أن المفاوضات لم تثمر بسبب إصرار النظام على إطباق الحصار وإغلاق جميع منافذ الغوطة الشرقية مع مدينة دمشق.

وبعد إزالة اسم "الأحرار" من بيانات المعركة، وإطلاق مصطلح ثوار الغوطة الشرقية، واعتماد اسم المعركة "بأنهم ظُلموا" كشعار للتسجيلات المصورة، سارع عشرات الشباب في الغوطة الشرقية للالتحاق بجبهة إدارة المركبات. وبقيت الحركة تنتظر تحركاً فعلياً من "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن". وحضر "فيلق الرحمن" بمشاركة خجولة لمدة ساعات، وانسحب بعدها من دون سابق إنذار، ومن دون إشارة لإمكانية العودة مرة أخرى. فيما شهدت جبهات "الفيلق" مع قوات النظام في جوبر وعين ترما هدوءًا غير مسبوق منذ إعلان انطلاق معركة إدارة المركبات.

"جيش الإسلام" لم يكتفِ بعدم المشاركة في المعركة، بل استمر في إغلاق الطريق بين بلدتي مديرا الخاضعة لسيطرة "الفيلق" ومسرابا الخاضعة لسيطرته، أمام حركة الإسعاف والدفاع المدني، وذلك بعد إغلاق الكثير من الطرق بالأنقاض نتيجة القصف بصوارخ عنقودية وارتجاجية من الطيران الروسي على مدن وبلدات الغوطة الشرقية. ولم يستجب "جيش الإسلام" لنداءات الدفاع المدني والمجالس المحلية بفتح الطريق المغلق منذ الاقتتال الأخير بينه وبين "فيلق الرحمن".

ويتساءل أهل الغوطة الشرقية، الذين يقضون أوقاتهم في عد القذائف والغارات الجوية، وبعد أكثر من 100 قتيل ومئات الجرحى، عن دور روسيا الذي وصفه قادة أكبر الفصائل في الغوطة بعد توقيع اتفاقيات "خفض التصعيد" بـ"الضامن". فروسيا لم تحرك ساكناً أمام تصعيد حصار النظام على الغوطة الشرقية منذ شهرين، الأمر الذي تسبب بمجاعة لم تشهدها الغوطة من قبل. قوات النظام كانت قد كثفت من عملياتها العسكرية على مختلف جبهات الغوطة، وعاد القصف ليطال كل مناطقها، قبل عملية "الأحرار" في إدارة المركبات.

ويستمر النظام بإغلاق الطرق التجارية ورفض فتح معبر "مخيم الوافدين" أو معابر أخرى، على الرغم من أن ذلك البند هو الأول في اتفاقيات "خفض التصعيد" التي وقعها "جيش الإسلام" في القاهرة، و"فيلق الرحمن" في جنيف، بضمانة روسية. ويتفاقم الوضع الإنساني مع اشتداد الحصار، وفقدان المواد الغذائية، وتدمير مستودعات الإغاثة في مدينة دوما، مع توقف أغلب الأفران والمطابخ الخيرية عن العمل بسبب شدة القصف، فضلاً عن الاستهداف المباشر لفرق الدفاع المدني والفرق الإسعافية بالصواريخ العنقودية.

المشاركة الروسية المباشرة من قاعدة حميميم في قصف كامل الغوطة بالصواريخ الارتجاجية والعنقودية والصواريخ الموجهة، هو إجراء انتقامي يسقط معه كل الكلام عن "مناطق خفض التصعيد". إلا أن هدوء جبهات "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" مع قوات النظام، تثير سؤالاًَ مؤلماً: هل يكون وقف القصف على تلك الجبهات من قبل الروس، مقابلاً لعدم المشاركة في معركة إدارة المركبات؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها