الخميس 2017/11/16

آخر تحديث: 10:15 (بيروت)

ماذا تُخفي "مناطق خفض التصعيد"جنوب سوريا لإيران؟

الخميس 2017/11/16
ماذا تُخفي "مناطق خفض التصعيد"جنوب سوريا لإيران؟
رفضت "الجبهة الجنوبية" مجدداً الشروط الروسية لافتتاح المعبر (انترنت)
increase حجم الخط decrease
قالت مصادر مطلعة، لـ"المدن"، إن التوافق الأميركي الروسي الأردني، الجديد، على "منطقة خفض تصعيد مؤقتة" في الجنوب السوري، جاء على خلفية جملة متغيرات تتعلق بثلاثة مواضيع رئيسية: "منطقة الـ55" في محيط التنف، وملف "معبر نصيب"، والوضع في بيت جن المحاصرة.

والاتفاق الأخير في عمان، هو تأكيد على أن محافظتي درعا والقنيطرة، و"المنطقة 55" حول التنف هي مناطق "خفض تصعيد مؤقتة". وجاء الاتفاق الأخير بمثابة إعلان عن فرض لـ"وقف إطلاق النار" بين النظام والمعارضة، وتمديد لمنطقة "خفض التصعيد" في الجنوب السوري، في محاولة لبث الروح فيها من جديد.

وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية، وزير الدولة لشؤون الإعلان محمد المومني، قد أعلن في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، عن اتفاق ثلاثي أميركي-روسي-أردني، على إنشاء "منطقة خفض تصعيد مؤقتة" جنوبي سوريا. وأوضح المومني أن "الاتفاق الجديد يدعم الترتيبات التي اتخذتها الدول الثلاث في 7 تموز/يوليو لدعم اتفاق وقف اطلاق النار على طول خطوط التماس المتفق عليها جنوب غربي سوريا وبدأ العمل به في 9 تموز". الدول الثلاث كانت قد اتفقت في تموز/مايو على أن دعم "وقف اطلاق النار" في الجنوب السوري، هو خطوة نحو "خفض دائم للتصعيد" وإعادة الاستقرار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.

الجنوب السوري شهد مؤخراً عملية لفصائل "الجبهة الجنوبية" و"هيئة تحرير الشام" بالقرب من الحدود السورية-الإسرائيلية، لفتح طريق الإمداد نحو منطقة بيت جن المُحاصرة في جبل الشيخ. العملية اعتبرت بمثابة خرق للاتفاق الثلاثي، الزاعم بـ"وقف إطلاق النار".

فصائل المعارضة كانت قد استغلت تصعيد مليشيات النظام باتجاه منطقة بيت جن، بعدما رفض النظام الاعتراف بضمها إلى الاتفاق، على الرغم من أنها مشمولة في الخرائط المرفقة بالاتفاق الأول الموقع بين الأطراف الثلاثة. مصادر "المدن" قالت إن منطقة بيت جن، لم تعد ضمن "منطقة خفض التصعيد المؤقتة" الجديدة، وإن ملفها بات ميدانياً "يحل وفق مفاوضات داخلية"، في استجابة للضغط الروسي الذي يريد إجراء مفاوضات مباشرة مع المعارضة في بيت جن ومواصلة عمليات قوات النظام العسكرية ضدها لممارسة الضغط.

وترتبط بيت جن جزئياً باتفاق "منطقة خفض التصعيد المؤقتة" كونها تبعد قرابة 5 كيلومترات عن الحدود الإسرائيلية. وكانت رسالة إسرائيل واضحة بأنها لا تريد مليشيات بالقرب من حدودها. وبحسب مصادر "المدن"، فإن إسرائيل لا تتدخل في ما يجري بالقرب من بيت جن، لكنها تُفضّلُ بقاء فصائل المعارضة في المنطقة، إن كان في عملية "تسوية" أو "خفض تصعيد"، بينما يُصرُ الجانب الروسي على "تسوية" أشبه بما جرى في قرى بيت تيما وبيت سابر وكفر حور.

وأكدت مصادر "المدن"، أن روسيا حاولت قبل أيام قليلة من اجتماع العاصمة الأردنية عمان الأخير، اثبات حرصها على الأقليات السورية. واعتبرت موسكو أن ما جرى في حضر هو استهداف للطائفة الدرزية بحد ذاتها. في المقابل تتعامل إسرائيل بحساسية عالية مع مسألة دروز حضر، وكانت قد غضت الطرف، في أكثر من مناسبة، عن تواجد المليشيات الإيرانية على مقربة منها. ولم تستهدف الطائرات الإسرائيلية أياً من المواقع المتاخمة للبلدة، ودائماً ما كانت تبعث برسائل غير مباشرة، بضرورة تحييد المليشيات عن مناطق حضر.

وأعاد الاتفاق الجديد التأكيد على ابتعاد مليشيات إيران عن الحدود السورية مع الأردن وإسرائيل، الأمر الذي اعتبر من الخطوط الحمراء لأمنهما، وهو ما كان قد اتفق عليه في الاجتماع الاول في عمان.

وتتواجد المليشيات الإيرانية بالقرب من الحدود السورية-الإسرائيلية، وعلى مسافة لا تتجاوز في بعض المواقع كيلومترين. الأمر الذي ترفضه إسرائيل بشكل قطعي، وتنفذ ضربات جوية بين الحين والآخر لردع المليشيات، بحسب مصادر "المدن". وبسبب ذلك نفذت المليشيات انسحابات بعيدة جزئياً في منطقة نبع الفوار و"اللواء 90"، وبذلك ابتعدت عما يزيد عن 12 كيلومتراً. الحديث في الاتفاق الجديد يتعلق بـ"نقاط الثبات" التي يمكن أن تغدو قاعدة عسكرية متقدمة أو تسمح بالقيام بإعمال تجسس.

وساعدت روسيا المليشيات الإيرانية بتحييدها عن دائرة الخطر إلى مسافة تزيد عن 10 كيلومترات عن المواقع القريبة من الحدود مع الجولان المُحتل، خلال المفاوضات الثلاثية. لكن إسرائيل تسعى لإنشاء منطقة خالية من المظاهر المسلحة على عمق 40 كيلومتراً من حدودها، على غرار منطقة 1974، التي فصلت بين سوريا والجولان المحتل، وأشرفت عليها قوات اليونيفيل.

ورفض الأردن أي تواجد للمليشيات الإيرانية على حدوده ومنافذه الحدودية، خاصة منافذ البادية السورية، والمنافذ المحيطة بجمرك درعا. وكان الاتفاق يقضي بألا تتجاوز المليشيات مناطق درعا البلد والتي تبعد قرابة 8 كيلومترات عن الأردن، بالإضافة إلى اتفاق "المنطقة 55" القاضية بابتعاد المليشيات 55 كيلومتراً عن قاعدة التنف العسكرية.

وتابع المصدر، بالقول إنه، وعقب فشل الاجتماعات الأخيرة حول دخول فصائل البادية السورية نحو البوكمال، مع الإصرار الروسي على استكمال مخططها، بات على المملكة الأردنية تأكيد مصالحها. وللأردن مصالح رئيسية في الوقت الراهن، تتعلق باستمرار وجود "المنطقة 55" حول قاعدة التنف العسكرية، وابتعاد المليشيات الإيرانية عن حدودها. وعقب تأكيد وجود الفصائل في "المنطقة 55"، بات ضرورياً العمل على عدم السماح بوصول المليشيات الإيرانية إليها، وابقائها بعيدة عن الحدود الأردنية، وفق تفاهمات سابقة.

واعتبر المصدر أن الانسحابات الأخيرة لمليشيات النظام، أمام تنظيم "الدولة الإسلامية" من مدينة القريتين والسبع أبيار وظاظا وسرية الوعر في البادية السورية، أثبتت عدم قدرة النظام على توفير الحماية التي كانت تقوم بها فصائل المعارضة للحدود السورية مع دول الجوار، وتحديداً الأردن.

وبين المصدر أن الاجتماعات الثلاثية؛ بين ممثلي روسيا والأردن وأميركا، عادت وطرحت موضوع "معبر نصيب" على فصائل المعارضة. ورفضت "الجبهة الجنوبية" مجدداً الشروط الروسية لافتتاح المعبر. وأكد المصدر أن الأطراف الثلاثة اتفقت إلى جانب الفصائل، على تفاهم قائم بخصوص المعبر، وحلّ الملف بناء على مفاوضات مقبلة. وأكد المصدر وجود نية مبيتة لدى الروس، بالحل العسكري، في حال فشلت المفاوضات، إذ تريد روسيا السيطرة على المنطقة الممتدة بين خربة غزالة ومعبر نصيب.

وأشار المصدر إلى أن الولايات المتحدة تبحث عن حلول ديبلوماسية مع روسيا، للتعامل مع الوجود الإيراني في الجنوب السوري، والابتعاد عن الحلول العسكرية. إلا أن إيران تحاول الالتفاف على ذلك، من خلال تشكيل وتأسيس مليشيات عسكرية سورية محلية، أو دمج مليشياتها في المؤسسة العسكرية للنظام. فـ"اللواء 313" في درعا بمثابة ذراع إيرانية محلية، في حال اضطرت إيران للانسحاب، تحت ضغط روسي-أميركي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها