الجمعة 2017/11/10

آخر تحديث: 11:51 (بيروت)

التصعيد شرقي سكة الحجاز:محاولة إيرانية لنسف أستانة

الجمعة 2017/11/10
التصعيد شرقي سكة الحجاز:محاولة إيرانية لنسف أستانة
الإيرانيون يحاولون خلط الأوراق من جديد، لأنهم غير راضين عن نتائج أستانة (انترنت)
increase حجم الخط decrease
فشلت مليشيات النظام، الخميس، من متابعة هجومها البري المعاكس ضد مواقع المعارضة المسلحة في قرى وبلدات ريفي حماة الشمالي الشرقي وإدلب الجنوبي، من ثلاثة محاور بهدف الوصول إلى مشارف بلدة أبو دالي. فلم يحقق الهجوم غايته في السيطرة على التلال الاستراتيجية، ولم تتمكن المليشيات من تثبيت سيطرتها في المواقع التي استولت عليها، الأربعاء، على الرغم من استخدامها راجمات الصواريخ والمدفعية بشكل غير مسبوق.

وأثيرت تساؤلات كثيرة عما جرى في "أستانة-7"، وإن كان وفد المعارضة قد أعطى ضوءاً أخضر لمليشيات النظام للتقدم إلى المنطقة شرقي سكة الحجاز، وصولاً إلى أبو ضهور ومطارها؟ فالتصعيد اليومي شرقي سكة حديد الحجاز، وهي مناطق شاسعة تسيطر عليها المعارضة المسلحة، لم تعد مجرد خروق يومية تقوم بها مليشيات النظام، أو محاولة منها لقضم المناطق الهامشية قبل تثبيت خطوط الفصل الخاصة باتفاق "خفض التصعيد". العملية أكبر من ذلك بكثير، في ظل استمرار التصعيد، واستقدام المزيد من المليشيات إلى المنطقة، وفتح جبهات جديدة، وتصاعد القصف الجوي الذي بات يتعمق أكثر في المناطق التي من المفترض أنها دخلت فعلاً في الاتفاق.

قائد "فرقة السلطان مراد" العقيد أحمد العثمان، أحد المشاركين في وفد المعارضة في مؤتمرات "أستانة"، نفى لـ"المدن"، أن يكون وفد المعارضة قد وافق على تقدم مليشيات النظام إلى المناطق شرقي السكة، بل أكد أن الوفد طالب بوقف الخروق وقدم لائحة بها في "أستانة-7". وأضاف العثمان أن "كل ما يشاع عكس ذلك هو محاولة للتشويه والتضليل"، وأن "هناك محاولة لنسف مخرجات أستانة، والإيرانيون بالتحديد يحاولون خلط الأوراق من جديد، لأنهم غير راضين عن النتائج التي توصلنا إليها". وأوضح بالقول: "لدى إيران، حليفة الأسد شعور بأنها ستفقد دورها في المنطقة بعد سيطرة الروس على مفاصل الحالة العسكرية في سوريا، وانحسار دورهم وفقاً لاتفاق خفض التصعيد".

وأشار العثمان إلى أن الدور الإيراني في "أستانة-7" كان تخريبياً، فهم "من أفشلوا التفاهم حول ملف المعتقلين، والملفات الأخرى الخاصة بخفض التصعيد، والنظام لا يستطيع مخالفة الأوامر الروسية فيلجأ مع إيران وحزب الله والمليشيات الحليفة الأخرى للضغط في الميدان من أجل تحقيق مكاسب وربما التهرب من الالتزامات التي وردت في أستانة، وبالتحديد تلك المتعلقة بوقف الخروق".

العقيد العثمان أوضح أن لفصائل المعارضة الحق بالرد المناسب على الخروق والتصعيد المستمر ضد مواقعها، ومن حقها التصدي لأي هجوم، وأشار إلى أن تركيا على تواصل دائم مع روسيا، وهناك متابعة مشتركة للتطورات في الميدان، ويحاولون الضغط على روسيا باعتبارها الضامن للنظام والمليشيات الموالية.

وتمكنت المعارضة المسلحة من استعادة السيطرة على تلة أم خزيم، واستطاعت مشاغلة مليشيات النظام في أكثر من محور قرب البليل والتلال القريبة منها، بالاشتباكات والقصف بالأسلحة الثقيلة، لمنع المليشيات من تحصين مواقعها في البلدة وتلالها المجاورة. القصف الجوي كان الأعنف، الخميس، وأغارت أسراب الطائرات الروسية على مواقع المعارضة القريبة من خطوط التماس بأكثر من 50 غارة بالقنابل الفراغية والارتجاجية. وقصفت الطائرات امدادات المعارضة ومقراتها شرقي سكة الحديد في أرياف حلب وحماة وإدلب. وتسبب القصف الجوي بمقتل 15 عنصراً من المعارضة وجرح آخرين.

مليشيات النظام أشعلت مجدداً جبهات ريف حلب الجنوبي، الخميس، بالتزامن مع معاركها المتعثرة في ريفي حماة وإدلب، وشنت المليشيات هجومين نحو مناطق جبل الحص وتل الضمان الواقعة غربي خناصر، وتقدمت في محورين؛ الأول جنوب غربي خناصر، وهو باتجاه رجم الصوان التي سيطرت عليها، والمحور الثاني نحو الرشادية غربي خناصر، وسيطرت عليها.

أثبتت المعارضة المسلحة خلال المعارك الأخيرة قدرتها على المبادرة، وسرعتها في امداد جبهاتها بالمقاتلين للتصدي لأي محاولة تقدم من قبل المليشيات، وتمكنت بعد ساعات قليلة من خسارة مواقعها في ريف حلب الجنوبي من استعادتها، وقصفت بالصواريخ مواقع المليشيات في "كتيبة عبيدة" بالقرب من خناصر، والمحاور جنوبي الحاضر في أبو رويل، وتل الأربعين.

الناطق العسكري باسم "جيش العزة" النقيب مصطفى معراتي، أكد لـ"المدن"، أن مليشيات النظام استقدمت تعزيزات إضافية خلال الأيام القليلة الماضية إلى جبهات ريف حماة الشمالي الشرقي، وريف ادلب الجنوبي، وأوضح أن قسماً كبيراً من التعزيزات تابع للمليشيات الشيعية التي تديرها إيران. وأوضح معراتي أن المناطق المحررة تتعرض لنيران هائلة من قبل المليشيات، فالقصف الجوي والمدفعي والصاروخي الذي تشهده المنطقة منذ بداية تشرين الثاني/نوفمبر في تزايد مستمر. ويدل هذا القصف الجنوني على عنف المعارك التي تجري بشكل متواصل، والخسارة الكبيرة التي تتعرض لها المليشيات على كل محاور الاشتباك، من دون تحقيقها نتائج فعلية على الأرض، ما يدفعها للانتقام من خلال القصف.

وبخصوص منطقة "خفض التصعيد" التي أقرها مؤتمر "أستانة-6"، قال معراتي: "لم نطلع على مخرجات أستانة-7 الذي عقد قبل فترة، قالوا هناك خفض تصعيد وحددوا مناطق، من بينها المناطق التي تُقصف اليوم، وتشهد هجمات متواصلة من قبل النظام وحلفائه. أعتقد أن الواقع عكس ما أتفق عليه في أستانة". فالقصف لم يتوقف على "جيش العزة"، والمناطق التي تتواجد فيها قواته ومقراته، بحسب معراتي الذي أضاف: "الآن في هذه اللحظة اكثر من 100 قذيفة صاروخية على مدينة اللطامنة ونقاط رباط جيش العزة. يبدو أن الاتفاق حدث فقط على الأوراق وداخل أروقة أستانة، وما عدا ذلك غير صحيح".

وأضاف النقيب معراتي: "جيش العزة شارك في لقاء أستانة الأول، وقُصِفَت مقرات الجيش في الوقت الذي كان فيه الاجتماع منعقداً. لذلك اتخذ جيش العزة قراراً بالانسحاب لأنه يعتقد أن النظام وحلفاءه لن يفوا بتعهداتهم وليس هناك من ضامن. الضامن هو من يقصف ويساند المليشيات على الأرض".

وعلى الرغم من أن المعارضة نجحت في التصدي لمليشيات النظام، حتى الآن، إلا أن التصعيد المتوقع خلال الفترة القادمة لا يبشر بالخير. فالمليشيات بدأت بسحب تشكيلات عسكرية من مناطق سورية مختلفة بهدف تعزيز قدراتها الهجومية في محاور ريف حلب الجنوبي وريف حماة الشمالي الشرقي، وتجهز على ما يبدو لحملة برية واسعة قريباً. وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظار "هيئة تحرير الشام" وثقلها العسكري نحو الشمال في ريف حلب الغربي للقضاء على "حركة نور الدين الزنكي"، تتحمل فصائل المعارضة شرقي سكة الحديد مسؤولية كبيرة في التصدي لمحاولات تقدم المليشيات، والتي تزداد عنفاً، يوماً بعد يوم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها