الأربعاء 2017/11/01

آخر تحديث: 14:34 (بيروت)

هل تُقرّب كردستان بين "العمال" و"الديموقراطي" في سوريا؟

الأربعاء 2017/11/01
هل تُقرّب كردستان بين "العمال" و"الديموقراطي" في سوريا؟
انسحاب "العمال الكردستاني" من سنجار، سيفرض عليه التعاون مع "الديموقراطي الكردستاني" (Getty)
increase حجم الخط decrease
حظي معبر فيشخابور، الذي يربط إقليم كردستان العراق بالمناطق الكردية في سوريا، بوضع خاص، بعد جملة التغيّرات التي طرأت على المعابر والمطارات والمناطق المتنازع عليها، نتيجة النزاع السياسي والعسكري بين بغداد وأربيل على أثر استفتاء استقلال إقليم كردستان في أيلول/سبتمبر.

وكان مسؤولون في الحكومة العراقية قد قالوا إن "القوات الاتحادية" العراقية، ستنتشر بالقرب من معبر فيشخابور، من دون ذكر المسافة التي ستفصلها عن المعبر، فيما ذكرت مصادر كردية أن البند الأخير من الاتفاق يقول إن المعبر سيدار من قبل حكومة إقليم كردستان فقط. تسريبات أخرى كشفت أن الاتفاق يتضمن تواجد "حرس الحدود العراقي" داخل حرم المعبر، مع وجود مشرفين أميركيين.

ويقع معبر فيشخابور/سيمالكا، ضمن "الخط الأزرق" أي "منطقة الحكم الذاتي"، التي جاءت بقرار دولي في العام 1991، منح إقليم كردستان حماية دولية، وهذا ما يتعارض مع إمكانية وجود قوة عسكرية خارجية داخل الحدود الإدارية للإقليم. والمعبر بالاضافة لأهميته الاستراتيجية، كونه صلة الوصل بين المناطق الكردية في سوريا وبين إقليم كردستان العراق، فقد لعب دوراً هاماً في تطور الحياة السياسية والاقتصادية في مناطق "الإدارة الذاتية" التابعة لحزب "الاتحاد الديموقراطي" في سوريا، منذ انسحاب النظام من المناطق الكردية أواخر العام 2012. إذ شهد المعبر عمليات نقل الأسلحة والخبراء الأميركيين من القواعد العسكرية في إقليم كردستان إلى جبهات القتال ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". ويعزو مراقبون سبب تواجد الأميركيين في المعبر، لضمان الاستفادة منه في الصراعات المقبلة بين الولايات المتحدة وإيران على الأراضي العراقية.

ورغم العداوة التاريخية، إلا أن التطورات العسكرية التي أفرزتها الأزمة بين بغداد وأربيل قد تنتج تحالفات كردية، سياسية وعسكرية جديدة؛ بين حزبي "الاتحاد الديموقراطي" (فرع "العمال الكردستاني" في سوريا) و"الديموقراطي الكردستاني" (الحاكم في إقليم كردستان)، حتى وإن كان تحالفاً ضمنيّاً. وهو أمر قد يكون رداً على التفاهمات المؤخرة التي جرت بين أنقرة وبغداد وطهران، بخصوص تعاملهم مع الملف الكردي.

التفاهمات بين تلك العواصم كانت قد جرّت معها تعاطفاً كردياً-كردياً، إذ تتحدث الأنباء الواردة من المدن الكردية في إيران عن توتر يمكن أن يتطور إلى مواجهات بين قوات الأمن الإيرانية وأنصار الحزب "الديموقراطي الكردستاني الإيراني". وإن حدث ذلك، فإنه سيمتد إلى إقليم كردستان الذي تتواجد فيه معسكرات لـ"الديموقراطي الكردستاني الإيراني".

قوات البيشمركة التابعة لـ"الديموقراطي الكردستاني" كانت قد استبسلت في الدفاع عن قضاء مخمور، أثناء توجه قوة من "الحشد الشعبي" و"القوات الاتحادية" العراقية، للسيطرة عليها. ويُعسكر في قضاء مخمور قوات "العمال الكردستاني" منذ تسعينيات القرن الماضي، وتديره على جميع المستويات.

مصدر أمني خاص في قوات البيشمركة، قال لـ"المدن"، إن جزءاً كبيراً من مقاتلي "العمال الكردستاني" انسحب من المعسكرات في سفوح جبل سنجار ودخل الأراضي السورية. وانسحاب "العمال الكردستاني" لم يشذَّ عن الانسحابات التي جرت في مناطق سنجار وربيعة وزمار، إذ نُقِلَ عن ضباط في البيشمركة أن قوتين عسكريتين ايزيديتين تابعتين لـ"وزارة البيشمركة"؛ الأولى بقوام 9 آلاف والثانية 12 ألف مقاتل، انضمتا مع عتادهما لـ"الحشد الشعبي"، بينما رفضت عشيرة الكركرية الكردية (أضخم العشائر الكردية هناك) المشاركة في المعارك. كما أن "لواء الجزيرة" التابع لعشيرة الشمر قام بحلّ نفسه قبل وصول قطعات "الحشد الشعبي" والجيش العراقي إلى زمار.

انسحاب "العمال الكردستاني" من سنجار، حتى وإن لم يكن كاملاً، الا أنه سيفرض عليه التعاون مع خصمه السياسي؛ "الديموقراطي الكردستاني"، لضمان التواصل والتنسيق بين معسكرات "العمال الكردستاني" في سوريا وفي إقليم كردستان. وهو الأمر الذي ينتج عنه لوحة سياسية جديدة لتحالف القوى الكردية الثلاث: "الديموقراطي الكردستاني العراقي" و"الديموقراطي الكردستاني الايراني" والعمال الكردستاني"، بقيادة أميركية، في مواجهة "الحشد الشعبي" وطهران من خلفه.

التوازنات الكردية-الإقليمية، كانت قبل الاستفتاء على الشكل التالي: "العمال الكردستاني" في المحور الإيراني، و"الديموقراطي الكردستاني" في المحور التركي. إلا أنه وبعد الاستفتاء، بات واضحاً أن إيران وتركيا قد رفضتا أي وجود كردي مستقل على حدودهما، ما جعل الأحزاب الكردية خارج التحالفات الإقليمية التقليدية. "الاتحاد الديموقراطي"، وبالتالي "العمال الكردستاني"، كان قد أتمّ ظروف تحوله، في المرحلة السابقة من الحرب ضد "الدولة الإسلامية"، إلى وكيل للولايات المتحدة، يمكن استخدامها ضد إيران. في حين خسر "الديموقراطي الكردستاني" تحالفه مع أنقرة، ولم يبق لديه لإعادة إحياء مشروعه السياسي من حليف سوى الولايات المتحدة.

التصريحات التركية الأخيرة، بضرورة القضاء على "العمال الكردستاني" في العراق، بالتعاون مع "الحكومة الاتحادية"، وبداية الموجهات بين السلطات الإيرانية و"الديموقراطي الكردستاني الإيراني"، ستجعل من هذه القوى مضطرة للتحالف مع "الديموقراطي الكردستاني" في الإقليم.

كما أن الظروف الحالية لـ"العمال الكردستاني" في سوريا تبدو في أحسن حالاتها بعد الانتصارات الهامة التي حققها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في الرقة وديرالزور، والتي أمّنت له السيطرة على مناطق استراتيجية ومساحات واسعة من الأراضي يستطيع معها الدخول بقوة في مفاوضات مع النظام السوري للحصول على كيان مستقل. وتحدثت مصادر متطابقة، لـ"المدن"، عن محادثات أجراها رئيس "الأمن القومي" علي مملوك، مع مسؤولين من "الاتحاد الديموقراطي"، عرض فيها عليهم "الحكم الذاتي" مقابل انسحاب "قوات سوريا الديموقراطية" من المناطق ذات الغالبية العربية. وبحسب المصادر فان الجانب الكردي أصر على فيدرالية يضمنها الدستور.

العناوين السياسية الإقليمية تقول إن مرحلة "داعش" انتهت بمكاسب كردية محدودة. وبينما تستعد الولايات المتحدة لصراع جديد ضد المحور الإيراني، فهل ستصنع سلة جديدة للأكراد ليضعوا بيضهم فيها؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها