الأحد 2017/10/08

آخر تحديث: 13:10 (بيروت)

إدلب:"تحرير الشام" تفاوض على دخول تركيا..بلا "درع الفرات"

الأحد 2017/10/08
إدلب:"تحرير الشام" تفاوض على دخول تركيا..بلا "درع الفرات"
مهمة الوفد التركي هي اجراء مفاوضات لوضع النقاط العسكرية في الأماكن المتفق عليها (اناضول)
increase حجم الخط decrease
دخلت قبل قليل ثلاث سيارات للجيش التركي، رافقها رتل لـ"هيئة تحرير الشام"، توجهت من معبر أطمة الحدودي إلى جبل الشيخ بركات في مدينة دارة عزة غربي حلب، للقيام بجولة استكشافية للوضع الميداني. وبحسب مصادر "المدن"، فإن مهمة الوفد التركي هي اجراء مفاوضات لوضع النقاط العسكرية في الأماكن المتفق عليها.

ويشير ذلك إلى صحة الأنباء عن حدوث مفاوضات، السبت، بين أطراف من "الهيئة" والجيش التركي، بهدف عدم وقوع اشتباكات، وتجنيب المنطقة الأسوأ، مقابل عدم دخول الجيش الحر وقوات "درع الفرات" إلى إدلب. وعلمت "المدن" أن شرط "الهيئة" للتعاون مع التدخل التركي هو: عدم دخول فصائل "درع الفرات" ولا تلك المدعومة من وزارة الدفاع الأميركية إلى إدلب.

مصادر "المدن" أكدت وجود طرف في "الهيئة" رافض للتدخل التركي أساساً، ويعتبر الجيش التركي جيش احتلال تجب مواجهته، ما يفسر استهداف جرافة تركية قرب الحدود، صباح الأحد. وتوضح تلك الأحداث وجود شرخ داخل صفوف "هيئة تحرير الشام".

وكانت "الهيئة" قد أعلنت، السبت، استعدادها لمواجهة فصائل الجيش الحر القادمة من منطقة "درع الفرات"، عسكرياً. وجاء بيان "الهيئة" شديد اللهجة، موجهاً بشكل كامل لفصائل الجيش الحر، محاولاً عدم تهديد تركيا. واتهم البيان الفصائل بالخيانة والردة لتعاونها مع روسيا، بعدما نُشرت، السبت، تصريحات للرئيس التركي، عن تقديم روسيا للدعم الجوي للمعارضة في حال حدثت اشتباكات ضد "الهيئة". وهو ما أثار حفيظة الكثيرين من ناشطي وأهالي مدينة إدلب، وسط تشكيك بالقوات القادمة للسيطرة على مناطقهم.

وسبق بيان "الهيئة" تشكيل "حكومة إنقاذ" للشمال السوري منبثقة عن "المؤتمر السوري العام"، بإشراف "الإدارة المدنية للخدمات" التي شُكّلت أساساً بدعم وتأييد "هيئة تحرير الشام"، وذلك لقطع الطريق أمام "الحكومة السورية المؤقتة" والفصائل الموالية لها من دخول إدلب.

ورغم الخطوات السريعة التي اتخذتها "الهيئة" لتشكيل "حكومة انقاذ" وتهديدها للفصائل وتجنبها الإشارة إلى تركيا، فقد حرصت على توجيه رسائل للحكومة التركية بأنها جاهزة للتعاون، لكن من دون فصائل "درع الفرات" أو "الحكومة المؤقتة". وتبعت بيان التهديد لـ"الهيئة"، اشاعات أطلقها مؤيدوها عن اتفاق تركي مع "الهيئة"، لدخول قوات تركية فقط إلى نقاط متقدمة في منطقة جنديرس، بحماية "الهيئة". وذلك مقابل عدم دخول فصائل الجيش الحر. ويتبع ذلك مراحل أخرى، يتم فيها دخول الجيش التركي إلى مناطق متفق عليها مع "الهيئة".

من جانبها، لا تبدو قوات "درع الفرات" التي توجهت إلى إدلب، مكترثة بتهديدات "هيئة تحرير الشام"، كما يبدو أنها مستعدة بشكل كامل للهجوم على مواقع "الهيئة" التي تصفها بأنها نسخة مطورة عن "جبهة النصرة" التي سبق وساهمت في القضاء على أكثر من 13 فصيلاً من الجيش الحر، بحجج واهية.

رئيس المكتب السياسي لـ"لواء المعتصم" مصطفى سيجري، قال لـ"المدن"، إن الهدف السياسي والعسكري الرئيس من عملية انقاذ إدلب، هو قطع الطريق أمام المشاريع الخارجية الساعية لتدمير المنطقة وتهجير أهلها، بدعوى الحرب على الإرهاب؛ كالمشروع الروسي بحجة "جبهة النصرة/هيئة فتح الشام"، وكذلك المشروع الانفصالي التوسعي للمليشيات الكردية الانفصالية "قوات سوريا الديموقراطية" بدعم أميركي. فلم يبقَ من خيار أمام الجيش الحر سوى الدخول في عملية عسكرية للسيطرة على إدلب.

وأكد سيجري عدم وجود تنسيق مع "جبهة النصرة" في إدلب، وأن الخيار العسكري والصدام سيقعان في حال اختارت "الجبهة" المواجهة. وتجنّب سيجري الحديث عن الخطة الميدانية والمحاور العسكرية التي سيبدأ منها العمل العسكري هناك، ونفى وجود أي دعم جوي او اتفاق ما بخصوص عملية ادلب، مشيراً إلى أن روسيا لطالما استهدفت الجيش الحر، وتعتبر داعماً للقوى الإرهابية في سوريا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التعاون معها لأنها تُعتبر قوات احتلال.

"المدن" تمكنت من الحصول على تفاصيل الخطة الميدانية لعملية الانتشار العسكري المرتقب، وهي تتألف من ثلاث مراحل؛ الأولى، السيطرة على الشريط الحدودي ومن ثم الانتقال إلى مدينة إدلب. والمرحلة الثانية هي التقدم إلى ناحية جنديرس التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية". والمرحلة الثالثة هي السيطرة على كل من تل رفعت وقراها والطريق الواصل بين منطقة جنديرس وتل رفعت، وبالتالي حصار عفرين قبل شنّ عملية عسكرية ضد "قسد" فيها. طريق جندريس-تل رفعت يمر بالقرب من بلدتي نبل والزهراء وبين قرى عفرين القريبة. وربما ستكون المرحلة الثالثة هي الأصعب في العملية.

الخطة العسكرية الميدانية معقدة للغاية، خاصة مع وجود "هيئة تحرير الشام"، والتي بدأت نشر قواتها ومحارسها قرب الحدود مع تركيا، ونقلت مجموعات لها إلى المدن الحدودية كحارم وأطمة وسرمدا وداخل معبر باب الهوى. وشوهد انتشار لعدد من عناصر "الهيئة" في المنطقة الواقعة بين أطمة وسرمدا، المقابلة تماماً لمعبر باب الهوى، تحت إشراف الأمير العسكري لـ"الهيئة" أبو عبدالرحمن نجيب، وسط حالة خوف وذعر في صفوف المدنيين هناك من وقوع اشتباكات.

ورغم الاجتماعات الأخيرة بين مسؤولين من "هيئة تحرير الشام"، ومسؤولين أتراك، لوضع تفاهم يضمن أمن القوات التركية في إدلب مقابل عدم إدخال قوات تتبع "درع الفرات" من الشمال، إلا أن الواقع يثبت العكس. فتركيا جلبت أكثر من 800 مقاتل من مختلف فصائل "درع الفرات"، كدفعة أولية، للمشاركة في العملية، وأوضحت بشكل جلي هدفها: الانتشار لحفظ الأمن لا الصدام العسكري، إلا إذا فُرِضَ عليها ذلك. وتحاول تركيا عبر جلب مقاتلي "درع الفرات" إلى إدلب، الاثبات للمجتمع الدولي، بأن العملية جدية للقضاء على تنظيم "القاعدة" وأن الفصائل التي تلقت تدريبات تركية ستشارك في العملية.

وفي هذه الحالة، لم يتبقَ لـ"هيئة تحرير الشام" سوى خيارين؛ المواجهة العسكرية مع الجيش الحر وتركيا، وهو أمر متوقع، لكن حسابات "الهيئة" تصطدم بوجود عشرات فصائل الجيش الحر في المناطق التي تسيطر عليها، على شراكة مع "درع الفرات"، ومن المؤكد أنها ستشارك في العملية للقضاء على هيمنة "الهيئة" في الشمال السوري وسط رفض شعبي لا يستهان به لوجود "القاعدة" التي رفضت مراراً وتكراراً الخضوع للمحاكم الشرعية، واستحلت دماء الناس بحجة الشرع. والحل الآخر هو الانحلال بشكل جزئي، أو شكلي، وعقد "مصالحة" مع فصائل الجيش الحر، ورد حقوقهم بضمانات تركية، وهو أمر متوقع أيضاً، لكن تقف دونه بعض العوائق؛ فالفصائل عازمة على إنهاء "القاعدة"، خاصة تلك التي تعرضت للتدمير من قبل "جبهة النصرة"، ممن لم تعد تثق بأي شكل من الأشكال بـ"الهيئة". بالنسبة لتلك الفصائل فإن انحلال "الهيئة" بالكامل وتسليم سلاحها، هو أفضل الحلول، خاصة في ظل الحديث عن اتصالات بين قادة من "الهيئة" وفصائل من الجيش الحر في إدلب لإعطائهم الأمان، في حال دخلت فصائل "درع الفرات" إلى إدلب.

وتبقى الأمور معقدة للغاية، غير واضحة المعالم، نتيجة للتخبط التركي منذ بداية التحضير لهذه العملية. فالجانب العسكري التركي يدفع للدخول إلى عفرين، بينما الجانب السياسي يدفع للسيطرة على إدلب، ومن ثم عفرين، متخوفاً من موجة نزوح لأكثر من مليوني سوري باتجاه تركيا، في حال شنت روسيا وقوات النظام عملية عسكرية في إدلب، أو شنّت "قسد" بدعم أميركي عملية عسكرية باتجاه إدلب. وترغب تركيا من خلال هذه العملية ضمان أمن حدودها الجنوبية بشكل كامل، ومنع تمدد "قسد" باتجاه المتوسط، وطرد "القاعدة" من إدلب، ثم تجهيزها لتكون ملاذاً للنازحين، وتقديم كافة أنواع الدعم لها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها