السبت 2017/10/07

آخر تحديث: 13:02 (بيروت)

آخر أشكال الصراع في سوريا:"السارق من السارق..كالوارث عن أبيه"

السبت 2017/10/07
آخر أشكال الصراع في سوريا:"السارق من السارق..كالوارث عن أبيه"
increase حجم الخط decrease
شنت "هيئة تحرير الشام"، الجمعة، هجوماً واسعاً على مناطق سيطرة قوات النظام الواقعة في قرى أبو دالي والمشيرفة في ريف إدلب الجنوبي، وفي قرى الطليسية وقبيبات والقاهرة في ريف حماة الشرقي، بعد استهدافها بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ. وتلى ذلك اقتحام بعربتين مفخختين، أسفرتا عن انهيار تحصينات قوات النظام، وسيطرة الهيئة على نقاط في محيط قريتي أبو دالي والمشيرفة. وعقب الهجوم شنت طائرات حربية تابعة لقوات النظام غارات جوية على محاور الاشتباك. وأسفرت الغارات عن مقتل 3 مدنيين وعشرات الجرحى في مخيم الهلوبة الذي يأوي نازحين من عقيربات وعطشان، وطفلتين من قرية الرفة، و7 مدنيين في مدينة خان شيخون.

وتتبع قرية أبو دالي إدارياً لناحية التمانعة من منطقة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، ويقطنها نحو ثمانية آلاف نسمة، وكانت قد حُيّدت بشكل تام خلال السنوات الماضية عن كافة الاشتباكات الدائرة شمالي سوريا، كونها منطقة استراتيجية تعدُ مع قلعة المضيق الشريان الوحيد بين محافظة إدلب وبين مناطق سيطرة النظام. وتنشط في محيط أبو دالي وقلعة المضيق عمليات تهريب واسعة، وتُجري المعارضة والنظام عبرهما، بشكل رسمي وبموجب اتفاقيات مشتركة، عمليات تبادل تجاري، أبرزها للمحروقات والمواد الغذائية والخضار والتبغ. ويتسبب أي توتر أمني بارتفاع أسعار المواد في مناطق المعارضة وأحياناً انقطاعها، وقد يتم إغلاق المعابر لأيام، في حال اندلاع اشتباكات في محيط المنطقة.

وتخضع قرية أبو دالي لسيطرة عشائر مسلحة هي آل درويش والموالي و بني عز، الموالية للنظام، والمزودة من قبله بعتاد عسكري كامل، وأسلحة ثقيلة ومتوسطة. وتقع أبو دالي تحت اشراف أحد شيوخ قبائلها؛ أحمد درويش، عضو "مجلس الشعب السوري".

وخلال الشهور المنصرمة عقدت بواسطة أحمد درويش، لقاءات متعددة، لم تتضح تفاصيلها، جمعت قيادات من "هيئة تحرير الشام" وممثلين عن النظام وعن روسيا، ولم يتم الإعلان عن الاجتماعات ونتائجها، بشكل رسمي. "هيئة تحرير الشام" سبق وأنكرت تلك الاجتماعات، بشكل كلي.


(المصدر: LM)

ولعل الاجتماعات السابقة كانت تدور حول تحييد قرية أبو دالي، وبالتالي آل درويش، عن معركة "هيئة تحرير الشام" الأخيرة، والتي سيطرت بموجبها على أربع قرى في ريف حماة الشمالي الشرقي، خلال أيلول/سبتمبر. قوات النظام، وخلال أيام قليلة، استعادت السيطرة على تلك القرى، بالتعاون مع عشائر آل درويش، الذين أخلو بعهودهم السابقة مع "الهيئة". الأمر الذي أحرج "الهيئة" وأدى إلى خسارتها للمعركة. ولذا، كان لا بد من عمل عسكري جديد، وبشكل مفاجئ، تحفظ من خلاله "الهيئة" هيبتها، وتؤكد بموجبه عدم وجود أي تنسيق مع آل دوريش.

القرى المحيطة بأبو دالي، شمالاً، تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام"، في حين يُسيطر آل درويش على قرية أبو دالي ومحيطها جنوباً. الأمر الذي يجعل من حصول التبادل التجاري بين مناطق سيطرة الطرفين، يخضع للتنسيق الحصري بينهما. ولا يخفى على السكان المحليين أن أحمد درويش، يشرف على نقل البضائع نحو محافظة إدلب، بعد تسلم ثمنها، قبل تسليمها بشاحنات لمسؤول تجاري في "هيئة تحرير الشام" يدعى "أبو احمد حدود". درويش و"حدود"، هما المسؤولان عن ارتفاع ومضاعفة أسعار المواد الغذائية والمحروقات في محافظة إدلب، والتحكم بأسعار السلع التي لا يمكن استيرادها من تركيا ومعبر باب الهوى.

الصفقة الاخيرة التي أبرمت بين الطرفين، دفع بموجبها "أبو أحمد حدود" مليوني دولار أميركي، قيمة دفعة شاحنات كان مقرراً أن يستلمها، محملةً بمواد غذائية ومحروقات؛ بنزين ومازوت وغاز. لكن أحمد درويش، لم يتم الصفقة، ورفض إعادة الأموال لممثل "هيئة تحرير الشام"، قائلاً له حرفياً: "السارق من السارق كالوارث عن أبيه". ما أدى إلى نشوب اشتباك سرعان ما تطور إلى اندلاع معركة عنيفة، دامت لساعات قبل أن تهدأ، وافضت إلى سقوط قتلى بين الطرفين، إضافة إلى إصابة شقيق أحمد درويش بجروح خطرة.

"هيئة تحرير الشام" لم تعلن رسمياً عن معركة أبو دالي، حتى أن "وكالة إباء" التابعة لها، والتي لا يسمح لأي جهة إعلامية غيرها تغطية معارك أو عمليات "الهيئة"، لم تنشر أي خبر يخص المعركة في معرفاتها الرسمية. لكن نتائج المعركة ظهرت بوضوح بعد تجدد استهداف الطيران الحربي لريف إدلب، وبعد ارتفاع ثمن جرة الغاز من 7 إلى 9 آلاف ليرة سورية، وارتفاع ليتر البنزين من 450 إلى 500 ليرة سورية "(لدولار بحدود 500 ليرة)، خلال ساعات معدودة، في مجمل أسواق محافظة إدلب.

إعلان معركة ريف حماة، في أيلول، كان قد تسبب بخرق اتفاق مناطق "خفض التصعيد" ودفع بطائرات روسيا إلى الانتقام من كافة الفصائل وقصف مواقعهم، عدا عن ارتكاب الطائرات الحربية عشرات المجازر بحق المدنيين في عموم المناطق المحررة شمالي سوريا. لكن، معركة أبو دالي، لم تحمل أية أبعاد استراتيجية يمكن من خلالها الضغط على النظام وحلفائه، أو تحقيق أية مكاسب سياسية وعسكرية. فمسببات المعركة كانت تجارية بحتة، ودفع فاتورتها المدنيون والأطفال.

التخبط العسكري لدى "هيئة تحرير الشام" برز مؤخراً بعد توالي انشقاق مكوناتها عنها، وكان آخرها انشقاق "جيش الأحرار" عنها، واندلاع اشتباكات بينهما في منطقة الأتارب من ريف حلب، بعد اختلافهما على تقاسم السلاح والذخيرة. ذلك عدا عن اشتباكات متقطعة اندلعت الخميس في بلدة سرمين شرقي إدلب، أفضت إلى طرد غالبية عناصر "الهيئة" منها، إضافة إلى اشتباكات أخرى اندلعت، الجمعة، بين "الهيئة" و"فيلق الشام" في بلدة كفر تخاريم غربي إدلب. ويضاف إلى ذلك تسيير أرتال ومعدات ثقيلة نحو ريف حلب الجنوبي خلال الأسبوع الماضي وسط أنباء عن قرب إعلان معركة واسعة في المنطقة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها