السبت 2017/10/07

آخر تحديث: 13:58 (بيروت)

حمص الشمالي: لماذا تستعجل روسيا عملية التفاوض؟

السبت 2017/10/07
حمص الشمالي: لماذا تستعجل روسيا عملية التفاوض؟
السرُّ يكمن، بحسب المصدر: "في نتائج معركة حماه الأخيرة" (انترنت)
increase حجم الخط decrease
وقّع وفد التفاوض الممثل لريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، وثيقة تضم بندين أساسيين مع الجانب الروسي، ضمن مسار التفاوض حول إضافة المنطقة إلى اتفاق "خفض التصعيد". وعلى الرغم من أن الجهات الممثلة في وفد التفاوض من مدنيين وعسكريين، خاصة "المجالس المحلية"، ما زلت مصرة على إدراج بند خاص بالإفراج عن المعتقلين، إلا أن الأوضاع التي يعيشها السكان ضمن الحصار في بلدات ومدن ريف حمص الشمالي، من منطقة الحولة حتى مدينة الرستن، تفرض على المفاوضين القبول بأي مكسب جديد للأهالي.

مدير المكتب الإعلامي في المجلس المحلي لبلدة تل دو، جهاد موسى، قال لـ"المدن": "لقد دخلنا المفاوضات كمجلس محلي، ونحن نملك تصوراً ورؤية واضحة عن مطالبنا والتي تضع الإفراج عن المعتقلين على رأس قائمة المطالب، لكن طول العمل على المفاوضات وتردي أوضاع الناس المعيشيّة تحت الحصار فرضت تغيير الأولويات، لكننا مازلنا مستمرين بالتفاوض مع الجانب الروسي حتى الحصول على كامل مطالبنا".

الروس في المفاوضات السابقة بخصوص الريف الشمالي، كانوا يماطلون، ويبدو أن فرض حل عسكري لم يكن بعيداً عن رؤيتهم، خاصة أن الجانب الإيراني لم يكن سعيداً بالتفاوض مع المعارضة في ريف حمص الشمالي، بالقرب من مناطق نفوذه الحيوية. الناشط من حي الوعر، جلال التلاوي، قال للمدن: "لقد خبرنا التفاوض مع الروس سابقاً، وكانت تلك المفاوضات واللقاءات مجرد وسيلة لكسب الوقت منهم لفرض حل عسكري، في حمص هناك انطباع لدينا أن النظام وحلفاءه لا يريدون أي حل سلمي".

إلا أن روسيا بدأت تنظر إلى الأمر بطريقة مختلفة، وبعد إعادة التفاوض من جديد مع وفد الريف الشمالي المحلي، يبدو أن الطرف الروسي أصبح أكثر اهتماماً بهذه المفاوضات. ويتحدث مصدر مقرب من وفد التفاوض لـ"المدن": "هناك انطباع بأن الروس متعجلون أكثر هذه المرة بتوقيع اتفاق، وإن كان مبدئياً، مع استمرار التفاوض، كما حدث". والسرُّ يكمن، بحسب المصدر: "في نتائج معركة حماه الأخيرة". فلا يبدو أن روسيا راضية عن أداء قوات النظام، هناك، وهي غير قادرة على جلب أي تعزيزات إضافية للمنطقة في حال اندلعت معارك جديدة.

ويضم ريف حمص الشمالي المُحاصر، إدارياً، قرى تتبع لريف حماة الجنوبي، مثل قرية طلف. وبما أن أطرافاً معارضة من ريف حماة الشمالي قد تمّ تمثيلها عبر كتائبها في ريف حماة الجنوبي (مثل "جيش العزة")، ضمن وفد ريف حمص الشمالي المُفاوض، فإن ذلك قد يبدو رسالة من روسيا لتهدئة الأوضاع في هذه المنطقة.

مسار التفاوض بين المعارضة في ريف حمص الشمالي والجانب الروسي، يكشف عن إصرار روسي على إعادة التفاوض على جميع النقاط المقرة في اتفاق "خفض التصعيد" الموقع في اجتماعات أستانة. الناشط جلال تلاوي، قال لـ"المدن": "الجانب الروسي يفاوض أهالي ريف حمص الشمالي على وقف إطلاق النار، وجميع بنود خفض التصعيد، على الرغم من أنها مقرة مسبقاً ضمن صيغة مكتملة. وبما أن الفصائل والهيئات الثورية في المنطقة قبلت الاتفاق، فعبر إعادة التفاوض، ترسل روسيا رسالة لجميع السوريين، بأن عليهم التفاوض معها لحماية أنفسهم، وأن أي اتفاق دولي لا يمر عن طريقها لن يُطبّق على أرض الواقع".

"لكن هذا المسار هو أفضل الممكنات"، كما يؤكد مدير المكتب الإعلامي لمجلس تل دو المحلي، جهاد موسى. بالنسبة لأهالي المنطقة، فالدخول في دوامة المعارك مجدداً مع النظام قد يعني مزيداً من التردي في أوضاعهم المعيشية السيئة بفعل الحصار، وستتوقف بطبيعة الحال قوافل المساعدات التي ترسلها الأمم المتحدة، والتي لا تكفي أصلاً سوى لجزء صغير من احتياجات السكان.

وفي ظل هشاشة الوضع السياسي وغياب سند قوي لموقف المعارضة في سوريا وخارجها، يبدو أن مسار التفاوض هذا هو الممكن الوحيد بالنسبة للسوريين في ريف حمص الشمالي المحاصر. وقد تلاقت تلك الأوضاع مع مصلحة روسية نتيجة خسائر النظام في ديرالزور وريف حمص الشرقي. إلا أن عدم اكتمال الاتفاق قد يفضي إلى مماطلة روسية جديدة، في حال تغير الظروف.

ولمنطقة ريف حمص الشمالي، خاصة منطقة الحولة، خصوصية عالية فهي تقع في محيط مختلط طائفياً، إذ يقع بجوار قرى سهل الحولة قرى جبل الحلو ذات الغالبية العلوية والخاضعة لسيطرة النظام. ولا تزال مجزرة الحولة التي ارتكبتها مليشيات النظام ضد السكان المدنيين، في أيار/مايو 2012 جرحاً يسكن ذاكرة الأهالي ويتهدد بالتفجر من جديد. فالمنطقة لا تحتاج إلى "خفض تصعيد" فقط، بل تحتاج أيضاً إلى حل يشمل حواراً يضم أهالي المنطقة جميعاً والمناطق المجاورة. هنا يمكن أن نقول إن وقف إطلاق النار وحتى وإن تم تثبيته لن يكون كافياً، فالصراعات في المنطقة ستتفجر من جديد، ومن دون إيجاد حلول تشمل الإفراج عن المعتقلين وحواراً أهلياً، سيكون "خفض التصعيد" في ريف حمص الشمالي، مجرد استراحة بين موجات العنف.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها