الأحد 2017/10/22

آخر تحديث: 14:24 (بيروت)

دمشق: التهجير يلاحق قاطني "مراكز الإيواء المؤقتة"

الأحد 2017/10/22
دمشق: التهجير يلاحق قاطني "مراكز الإيواء المؤقتة"
ضمنياً، يعتبر النظام كل نازح ومُهجر في مراكز الإيواء مشروع "ارهابي" (المدن)
increase حجم الخط decrease
بدأت "محافظة دمشق"، قبل حوالي شهرين، بإخلاء "مراكز الإيواء المؤقتة" في العاصمة، وترحيل قاطنيها المنتمين إلى قرى وبلدات، سيطرت عليها قوات النظام مؤخراً، إلى مناطقهم، ونقل من تبقى منهم إلى مراكز إيواء بعيدة، خارج الحدود الإدارية لدمشق.

القرار الذي اتخذته "محافظة دمشق"، وبدأت تطبيقه، نصّ على ترحيل كافة المقيمين في مراكز الإيواء نحو مدنهم وبلداتهم، ونقل نازحي محيط مدينة دمشق إلى مركز الدوير بالقرب من عدرا شمال شرقي دمشق، ومركز حرجلة في الريف الجنوبي الغربي للعاصمة، مع إبقاء عدد من المراكز في أحياء الزاهرة ومساكن برزة في العاصمة دمشق.

وقد تمكنت المحافظة مدعومة بدوريات من الشرطة والمخابرات، من إخلاء أكثر من 10 مراكز، وتخفيض عدد "مراكز الإيواء" في العاصمة، من 20 إلى 9 فقط. وظنّ قاطنو المراكز التسعة المتبقية أن القرار لن يشملهم، بحسب الوعود التي قُدمت لهم. إلا أنه وبعد أيام، صدر قرار نهائي من "محافظة دمشق" و"وزارة الشؤون الاجتماعية"، بإخلاء كافة مراكز دمشق من دون استثناء، ونقل قاطنيها إلى خارج دمشق.

عملية الإخلاء جاءت بعد أن شهدت دمشق، مؤخراً، عمليات تفجير، يعتقد النظام أن النازحين إلى دمشق كانوا على ارتباط بمنفذيها. فصدرت الأوامر بإخلاء المراكز، وبدأت فعلاً دوريات الشرطة باقتحامها، وتم إخلاء بعضها في مشروع دمر ومساكن برزة. في مراكز منطقة الزاهرة، أحدث المقيمون فوضى، وهددوا بالاعتصام بالقرب من مقر المحافظة، ما لم يتم التراجع عن القرار. فتم إخراجهم بعد تهديدهم باستدعاء دوريات من "فرع فلسطين"، و"التشبيح" على المعترضين من قبل "فريق دمشق التطوعي"، المسؤول إدارياً واغاثياً عن كافة مراكز الإيواء في مدينة دمشق. وعمدت "محافظة دمشق" إلى تأجيل إخلاء بعض المراكز، تجنباً لحدوث مشاكل أو اعتصامات قد تتطور لمظاهرات.

كثير من العائلات التي تنحدر من مناطق استولت عليها مؤخراً قوات النظام، واجهت الترحيل الفوري إلى مناطقها، ومطالبتها بالعودة إلى منازلها فوراً، من قبل مشرفي مراكز الإيواء. كما أن جزءاً من العائلات رفض الذهاب إلى مراكز الإيواء في الدوير وحرجلة، نظراً لبعدها عن دمشق، وانعدام المواصلات المباشرة إليها، وعدم توفر فرص العمل في محيط المنطقة، فضلاً عن التشديد الأمني الممارس بحق المقيمين في تلك المراكز، خاصة ضد أبناء المناطق الشرقية؛ ديرالزور والرقة. وقررت عشرات العائلات البقاء في مدينة دمشق، والبحث عن منازل أو غرف للإيجار، والخوض في معضلة "الموافقة الأمنية". ويشمل ذلك العائلات التي تمكن بعض أفرادها من الحصول على فرصة عمل في العاصمة، وسجلت أطفالها في المدارس القريبة، بعد معاناة طويلة مع "وزارة التربية".

معاملة المقيمين في مراكز إيواء، لا تختلف كثيراً عن معاملة اللاجئين السوريين في بعض البلدان المجاورة، من حيث العنصرية والتشبيح. والمسؤولون عن مراكز الإيواء، لطالما أجبروا رب الأسرة على التوقيع على تعهد بعدم عودته إلى المركز، ولا اللجوء إلى "المحافظة" لإيجاد مكان يأويه، إذا ما قرر استئجار منزل أو الإقامة عن أحد أقاربه خارج المركز. ولطالما مُنع الشخص من اصطحاب عائلته خارج المركز، إلا بعد الحصول على "موافقة أمنية" من الفرع الأمني المسؤول عن المنطقة.

"لجنة الإغاثة" في دمشق، التابعة للنظام، قالت إن إخلاء بعض المراكز جاء نتيجة وجود شواغر في مراكز أخرى "بعد عودة المئات إلى قراهم ومدنهم، إثر الانتصارات التي حققها الجيش السوري". وتعتبر مراكز الإيواء في حرجلة والدوير على أطراف العاصمة دمشق، من أسوأ الأماكن لاقامة النازحين، نظراً لموقعها شبه الصحراوي مع غياب أدنى مقومات مقاومة العوامل الجوية، وعدم انتظام الكهرباء، وصعوبة الوصول إليها.

ولطالما روّج النظام إعلامياً، لمراكز الإيواء بأنها الحضن الدافئ للمُهجّرين من مناطق سيطرة "المسلحين"، وأن من واجب "الدولة" احتضان تلك العوائل التي قررت الهروب من الإرهاب واللجوء إلى "الدولة". هذا بالإضافة إلى الذين اختاروا "تسوية أوضاعهم" من المطلوبين في المناطق التي طُبّق فيها نموذج التهجير القسري، كمدينة داريا، التي خُصص لهم منطقة في مركز حرجلة، لا يُسمح لأحد بالوصول إليها. ضمنياً، يعتبر النظام كل نازح ومُهجر في مراكز الإيواء مشروع "ارهابي"، وحاضنة لـ"المسلحين"، كما يحلو لعناصر "فريق دمشق التطوعي" وصف النازحين. هذا عدا عن الممارسات اللا-أخلاقية المستمرة بحق قاطني المراكز، وفرض قوانين صارمة عليهم للدخول والخروج، فضلاً عن المساهمة في اعتقال العشرات منهم على مدى سنوات، لمجرد الاشتباه.

ولا تختلف مراكز الإيواء كثيراً عن شوارع وأحياء دمشق من حيث تطبيق التجنيد الإجباري والتضييق الأمني، فأجهزة المخابرات تُسيّر دورياً حملات تستهدف المراكز، لاعتقال المطلوبين أمنياً أو المشتبه فيهم، أو للسوق إلى "التجنيد الإجباري" في "الخدمة الإلزامية" أو "الاحتياطية".

النظام كان قد كفّ يد الأمم المتحدة والهيئات الدولية عن مراكز الإيواء، ليستطيع ممارسة القمع بعيداً عن أي عين حقوقية، وقام بتسليم تلك المراكز إلى "فريق دمشق التطوعي" الذي ترأسه ميرزت عبود، زوجة محمد الخولي. ويتألف "الفريق" من مجموعة من الشباب والفتيات، ممن يقاتل بعضهم، بشكل تطوعي، مع قوات النظام في الجبهات. كما يملك الفريق قسماً لدعم قوات النظام على جبهات ريف دمشق، وإيصال الطعام واللباس، ومساعدة الجنود أحياناً في حفر الانفاق وإقامة المتاريس، وتوزيع السلل الاغاثية بشكل شهري. بينما لا تحصل العائلات في مراكز الإيواء سوى على سلة إغاثية واحدة، كل شهرين، وأحياناً أكثر من ذلك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها