السبت 2017/10/21

آخر تحديث: 12:23 (بيروت)

تحركات روسية-تركية لتطويق عفرين: أي دور لأحمد فتوح؟

السبت 2017/10/21
تحركات روسية-تركية لتطويق عفرين: أي دور لأحمد فتوح؟
تركيا مستعجلة جداً لإنهاء ملف عفرين (Getty)
increase حجم الخط decrease
شهدت أجواء ريف حلب الشمالي، الجمعة، حركة غير اعتيادية للمروحيات التركية والروسية، التي حلقت على علو منخفض في أكثر من موقع، بالقرب من تل رفعت، ونقاط التماس بين "وحدات حماية الشعب" الكردية وفصائل المعارضة المسلحة في "درع الفرات". وهبطت ثلاث مروحيات قرب مطار منغ العسكري الذي يخضع لسيطرة "الوحدات"، وهبطت مروحيتان في قاعدة جبل الشيخ عقيل التركية بالقرب من مدينة الباب. المروحيات الروسية والتركية غادرت المنطقة بعد أربع ساعات تقريباً.

وتزامنت هذه التطورات مع تحركات عسكرية على الأرض في نقاط ومواقع "وحدات الحماية" غربي وجنوب غربي إعزاز، وشوهدت أعلام القوات الروسية مرفوعة بشكل منفرد في أكثر من موقع بدلاً من رايات "الوحدات". وخرج رتل من القوات الروسية المتمركزة في معسكر كفر جنة قرب عفرين، ليؤمن الحماية للمروحيات التي هبطت قرب تل رفعت، وأجرى جولة ميدانية في المنطقة.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، أن المروحيات حملت على متنها ضباطاً من روسيا وتركيا، أجروا جولة في سماء المنطقة، وعقدوا اجتماعاً مع قيادات من "وحدات الحماية" الكردية قرب تل رفعت، بهدف الإسراع في عملية تسليم المناطق العربية التي تسيطر عليها "الوحدات" في محيط عفرين، وفتح الطريق بين منطقة "درع الفرات" ومناطق ريف حلب الغربي وإدلب. وتم بحث آليات تطبيق الاتفاق التركي-الروسي الذي يهدف إلى تطويق عفرين في اجتماع آخر، جرى الجمعة أيضاً، في القاعدة التركية في جبل الشيخ عقيل بالقرب من الباب.


(المصدر: LM)

وتأتي هذه التطورات الميدانية بعد أشهر قليلة من الهدوء الذي خيم على جبهات ريف حلب بين المعارضة و"الوحدات"، وفق تفاهم روسي-تركي غير معلن. وكان رتل من القوات الروسية قد دخل مدينة تل رفعت وبعض المواقع التي تسيطر عليها "وحدات الحماية"، في 28 آب/أغسطس، وتمركزت بعض الآليات الروسية عند المدخلين الغربي والجنوبي للمدينة. الانتشار الروسي في عفرين ظلّ رمزياً منذ ذلك الوقت، وأشبه ما يكون بنقاط مراقبة تضمن التزام "الوحدات" وقف إطلاق النار.

المعارضة المسلحة في "درع الفرات" لا تبدو معنية بشكل مباشر بعملية عفرين، وليس لدى الفصائل معلومات دقيقة حول الترتيبات الروسية-التركية للمنطقة، لكنها تُرجّح أن تكون العملية سياسية لا عسكرية. وما يهم فصائل "درع الفرات" هو فتح الطريق إلى ريف حلب الغربي؛ بحيث تكون المواقع التي تسيطر عليها "حركة نور الدين الزنكي" في قبتان الجبل وجبل عندان، قبالة مواقع "وحدات الحماية"، هي نهاية الطريق. وسيمر الطريق شمالي مارع إلى تل رفعت ودير جمال وجنديرس جنوبي عفرين. وهذا الخيار هو الأكثر احتمالاً، بحسب مصادر المعارضة المسلحة.

وبعد انتشار القوات التركية في ريف حلب الشمالي الغربي في منطقة سمعان، وتمددها المستمر إلى الغرب، ترى "وحدات الحماية" في عفرين أنها باتت مجبرة على التراجع، والتعامل بواقعية مع التطورات. وتفضل "الوحدات" التمركز في مدينة عفرين وضواحيها القريبة، وتعوّل على القوات الروسية لتضمن لها البقاء في المنطقة وتجنبها المواجهة والرحيل عنها، في حال أصرت على أن تخوض معركة مواجهة مع المعارضة والقوات التركية.

وهناك سيناريوهات متعددة محتملة بخصوص التطورات في عفرين، وكيفية تطبيقها على الأرض. فتركيا تتحرك على جانبي المنطقة التي تسيطر عليها "الوحدات"؛ من جهة إدلب وريف حلب الغربي، وهناك قاربت القوات التركية الانتهاء من إنشاء قواعدها ونقاطها العسكرية المتقدمة، أو من جهة منطقة "درع الفرات" التي تتجهز فصائلها للتعامل مع المستجدات الميدانية.

ومن المتوقع أن تتقدم القوات التركية باتجاه ناحيتي بلبل وراجو شمالي عفرين، بالقرب من الحدود، لتُقيم قاعدتين عسكريتين على الأقل في المنطقة، وتعمل على تأمين الحدود بعمق لا يقل عن 10 كيلومترات. بينما تتولى القوات الروسية مراقبة المناطق جنوبي عفرين، بما فيها المناطق العربية التي تسيطر عليها "الوحدات" ومن المفترض أن تنسحب منها.

وفي الغالب لن يُسمَحَ لفصائل "درع الفرات" بالانتشار في تل رفعت وريفها، بما فيها "لواء المعتصم" الذي كان مرشحاً في وقت سابق لتسلم المنطقة. وعلى الأرجح ستوكل المهمة لـ"ألوية النصر" التي أعلن عن تشكيلها مطلع حزيران/يونيو 2016، وكانت تضم 16 تشكيلاً عسكرياً صغيراً، ومن أهدافها التي أعلنت عنها حينها محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، ومنع تقسيم سوريا في إشارة إلى قطع الطريق على مخططات "وحدات حماية الشعب". والمبادرة الوحيدة التي لم تتمكن "ألوية النصر" من إكمالها، هي فك الحصار عن مارع، التي حاصرها التنظيم بدعم جوي روسي، وذلك بسبب اعتقال قائدها أحمد محمود فتوح، على يد "الجبهة الشامية"، بعد فترة قصيرة من الإعلان من تشكيل "ألوية النصر".

"الجبهة الشامية" بررت حينها، في بيان لها، سبب اعتقال فتوح، باتهامه بالتآمر والتواصل مع روسيا. وأكدت "الشامية" أن جهازها الأمني كشف إحدى أخطر المؤامرات التي تحاك ضد الثورة بحجة الحرص على الأرواح والدماء. وأضاف البيان أن إحدى المجموعات المشكلة مؤخراً تحت مسمى "ألوية النصر" أقدمت على التآمر مع روسيا والنظام، وقد ألقى الجهاز الأمني القبض على بعض أفرادها. وبقي فتوح في سجون "الشامية" قرابة سنة، ومن ثم اطلق سراحه، وساد اعتقاد في ذلك الوقت بأن قرار اعتقال فتوح كان بأوامر من تركيا التي لم تكن علاقاتها مع روسيا في أحسن أحوالها.

قائد "ألوية النصر" سابقاً، أحمد فتوح، عاد مؤخراً للترويج للتشكيل العسكري الذي كان يقوده، و"مبشراً" أنه في الأيام القادمة سيكون لـ"ألوية النصر" دور في ما يحدث على الأرض. وذلك منذ أن بدأت العملية التركية في ادلب، وظهر برفقة فتوح خلال جولاته في تركيا قائد "الحركة الشعبية السورية" سيف الله بيبرس، الملقب بـ"بلنك". وكان "بلنك" مدرباً في الجيش الروسي و"وحدات الحماية" في وقت سابق. وقال فتوح في "فايسبوك": "إن من اتهموه بالخيانة في الأمس يتطلعون اليوم لأن يكون له دور في المنطقة مع حدوث تغيرات جذرية والتقارب الروسي-التركي".

لن تكون "ألوية النصر" وحيدة في دخول شريط تل رفعت، بل يُعتقد أن مجموعات من "الفيلق الخامس/اقتحام" الذي شكلته روسيا، قد تنتشر أيضاً في نقاط المراقبة التي سيتم إنشائها في تل رفعت وريفها.

وتتوجه الأنظار شمالي حلب نحو عفرين، وسط مخاوف متزايدة لدى الشارع المعارض إزاء عملية تطويق "الوحدات" في عفرين بمساعدة روسيا. المقايضة التي دارت اشاعات كثيرة حولها، بين تركيا وروسيا؛ حلب الشرقية مقابل مدينة الباب، ما زالت حاضرة بقوة في ذاكرة الحلبيين. فما الذي ستأخذه روسيا مقابل عفرين؟ تقدم النظام في ضواحي حلب الشمالية، أو التوسع في ضواحي غربي حلب الملاصقة للمدينة في الراشدين وخان العسل؟

مصدر عسكري، أكد لـ"المدن"، أن تركيا مستعجلة جداً لإنهاء ملف عفرين، والتخلص من الأرق الذي سببته لها "الوحدات" قرب حدودها. عملية عفرين تقع في قائمة أولويات تركيا وستشهد الأيام القليلة القادمة تطورات متسارعة على الأرض، وستليها خطوات عديدة من ضمنها عودة المهجرين إلى البلدات العربية وفتح شبكة طرق تصل مختلف المناطق شمالي وغربي حلب بين النظام والمعارضة. والأهم من ذلك سيضمن الاتفاق تجميد المزيد من جبهات القتال.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها