الأربعاء 2017/10/18

آخر تحديث: 16:34 (بيروت)

"الزنكي" و"تحرير الشام":صدامات الشراكة مع تركيا

الأربعاء 2017/10/18
"الزنكي" و"تحرير الشام":صدامات الشراكة مع تركيا
لم تتمكن فرق الهندسة العسكرية التركية من التوغل بسبب رفض "الزنكي" دخولها (يوتيوب)
increase حجم الخط decrease
تحاول القوات التركية التمدد على مراحل في منطقة سمعان في ريف حلب الشمالي الغربي، في المنطقة المقابلة لمناطق سيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية في عفرين وريفها. وعلى الرغم من التكهنات والتسريبات، التي تتحدث عن عدد النقاط والمواقع التي يُفترض تمركز القوات التركية فيها، إلا أنها تبقى معلومات غير دقيقة، وأرقاماً غير نهائية حتى الآن. ومن المحتمل أن يتجاوز عدد النقاط المشغولة تركياً في المنطقة، في نهاية الانتشار، 20 نقطة وموقعاً.

ويزيد طول المسافة التي من المحتمل أن تنتشر فيها النقاط العسكرية التركية على 40 كيلومتراً، من أطمة الملاصقة للحدود غرباً، باتجاه العمق، وصولاً إلى مشارف عندان التي تعتبر جبهاتها الشمالية الغربية نقطة تلاقي القوى الثلاث: المعارضة والنظام و"الوحدات". وتتقاسم كل من "هيئة تحرير الشام" و"حركة نور الدين الزنكي" السيطرة على المناطق التي بدأ انتشار القوات التركية فيها، في الغرب بدءاً من الحدود عند أطمة وحتى مشارف مدينة دارة عزة. نقاط التماس التي تقع تحت سيطرة "الهيئة" كانت قد ورثتها عن "كتائب ابن تيمية" التي ابتلعتها "الهيئة" قبيل دخول القوات التركية بأيام قليلة. أما نقاط التماس مع "الوحدات" الواقعة قبالة بلدة كفر تينة بالقرب من دارة عزة وصولاً إلى جبل عندان، فتقع تحت سيطرة "الزنكي"، وهي مسافة تزيد عن 13 كيلومتراً.

انتشار القوات التركية وعمليات التحصين وتجهيز المواقع اقتصرت على القسم الأول من المنطقة، الواقع تحت سيطرة "الهيئة"، والذي يشمل كتلة سمعان الجبلية بما فيها أعلى قمة؛ جبل الشيخ بركات. وإلى الآن، لم تتمكن فرق الهندسة العسكرية التركية من التوغل أكثر، بسبب رفض "حركة نور الدين الزنكي" دخولها. وهي مناطق مهمة للغاية بالنسبة للقوات التركية، بالتحديد جبل الشيخ عقيل القريب من بلدة قبتان الجبل، مسقط رأس قائد "الزنكي" توفيق شهاب الدين.

ولم يصدر عن "حركة الزنكي" أي تصريح أو تعليق حول منعها القوات التركية من الدخول إلى مناطقها، لاستكشاف المواقع. مصدر عسكري مقرب من "الحركة"، قال لـ"المدن"، إن "الحركة" منعت القافلة العسكرية التركية من الدخول إلى مواقعها، مطلع هذا الأسبوع، مبررة التصرف بأنه لم يتم التنسيق معها مسبقاً، أو إخبارها بشرح مبدئي على الأقل حول خطة الانتشار التركية. وأبدت "الحركة" استعدادها للتعاون، خلال الفترة القادمة، وتفادت الصدام المباشر مع "هيئة تحرير الشام" التي تعتبر نفسها القوة الوحيدة في المنطقة المخولة للتفاهم مع الجانب التركي، وهو ما يزعج "الحركة" كثيراً.

المصدر ذاته، قلل من احتمال المواجهة بين "الزنكي" و"الهيئة"، واعتبر أن التكتيك الذي تتبعه "الزنكي" هو للضغط على الجانب التركي، وإجباره على التعامل معها كـ"ند وشريك قوي لا يمكن تجاهله". وفي الوقت ذاته، أرسلت "الحركة" بذلك إشارة لـ"الهيئة" بأن المنطقة هي تحت نفوذ "الحركة" التي يُمكنها تعطيل أي اتفاق لا يلبي مصالحها، وعلى "الهيئة" القبول بشراكة "الحركة"، بالضرورة. ولكن "الهيئة" بدت وكأنها لم تستجب لمطالب "الزنكي"، ما دفع الأخيرة لاستخدام أساليب أخرى.

"الحركة" لجأت إلى الشارع بدلاً من التصعيد عسكرياً، ميدانياً أو إعلامياً، وظهرت للمرة الأولى الجمعة رايات تحمل شعار "الاتحاد الشعبي" رُفِعَت خلال التظاهرات التي عمّت مدناً وبلدات في ريف حلب الغربي، خاصة التي ينتمي لها غالبية مقاتلي "الحركة" وتعتبر حواضن شعبية ومناطقية تستمد "الحركة" منها قواتها. وهذا بالتحديد ما تفتقده "الهيئة" في المنطقة.
و"الاتحاد الشعبي" هو تنظيم شعبي ترعاه "حركة نور الدين الزنكي"، ولم تتبنه بشكل رسمي. وتحاول "الحركة" الإيحاء بأن لا علاقة لها بـ"الاتحاد الشعبي". وتناقل نشطاء تسجيلاً مصوراً، الثلاثاء، يظهر فيه شرعي "الزنكي" حسام الأطرش، قرب أحد الحواجز التي أقامها "الاتحاد الشعبي" بالقرب من قبتان الجبل، يلتف حوله عدد من الأشخاص بنية الاعتقال!


ويجمع "الاتحاد الشعبي" عدداً كبيراً من الشخصيات التي تنتمي لعائلات كبيرة وعريقة في ريف حلب الغربي، وبيدها سلطة عشائرية واجتماعية واسعة، تمكنها من حشد الآلاف في صفوفها. وتحدث القائمون على "الاتحاد الشعبي"، من وجهاء المنطقة، في تسجيل مصور تناقله ناشطون، الأحد، عن ضرورة التنسيق معهم، إذا ما أرادت القوات التركية التمدد أكثر في المنطقة، والتمركز في نقاط جديدة لا تقع تحت سيطرة "الهيئة".

وبعض ما جاء في فيديو "الاتحاد الشعبي"، والذي اعتبر بمثابة بيان رسمي، يتبنى بشكل غير مباشر وجهة نظر "الزنكي": "إذا كان الهدف من الدخول التركي إلى سوريا هو إعادة المناطق إلى حظيرة بشار الأسد، فيجب على جميع المناطق أن ترفض ذلك وأن تقف في وجهه، وعدم السماح لهذا الأمر بالمرور بأي طريقة أو ذريعة. وسيتم إرسال وفد للقاء القوات التركية ممثلاً عن الاتحاد الشعبي وفي جعبته شروط، من بينها، أن يكون دخول القوات التركية إلى نقاط ومناطق محددة، وتوقيع عقد بين وجهاء المنطقة مع تركيا، يجب تجديده بشكل سنوي. وعدم السماح بصناعة وإنشاء فصيل عسكري في المنطقة. ورفض البقاء بشكل دائم في المنطقة. ورفض القبول بدخول فصائل من ريف حلب الشمالي (درع الفرات) إلى مناطق الاتحاد الشعبي".

المئات من المدنيين التابعين لـ"الاتحاد الشعبي"، انتشروا في حواجز عسكرية تابعة لـ"حركة الزنكي"، الثلاثاء، وتم قطع عدد من الطرقات القريبة من جبل الشيخ عقيل قرب بلدة قبتان الجبل. في حين أكد مصدر عسكري أن هناك مشاورات تجري بين "حركة الزنكي" والقوات التركية من أجل إكمال مهمة تحديد المواقع، ومن ثم الانتشار التركي  في مرحلته الثانية.

المصدر العسكري أكد لـ"المدن"، حدوث اتصالات ولقاءات بين "الزنكي" و"تحرير الشام"، مطلع تشرين الأول/أكتوبر، تهدف للبحث عن بدائل محتملة للتشكيلات العسكرية التي قد يفرضها واقع التدخل التركي في المنطقة. ومن بين الاحتمالات المطروحة؛ حلّ "هيئة تحرير الشام" واندماجها في فصيل جديد، بمسمى آخر، وقد تدخل فصائل أخرى في التشكيل ومن بينها "الزنكي". المصدر أوضح أن زعيم "تحرير الشام" الجولاني، ما زال يواجه معارضة البيت الداخلي لـ"الهيئة"، وأن الاجتماعات لم تسفر عن أي نتائج حتى اللحظة.

لن تكون مهمة "حركة الزنكي" سهلة، لفرض وجودها كشريك قوي، له رؤيته، في ظل احتكار "الهيئة" تمثيل المنطقة برمتها مع تركيا. لكن "الزنكي"، في الوقت ذاته، لن توفر أي محاولة في سبيل تحقيق غايتها، ولو تطلب ذلك صداماً مباشراً مع "الهيئة"، أو بطرق غير مباشرة، لطالما كانت "الحركة" بارعة فيها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها