الأحد 2017/10/15

آخر تحديث: 14:49 (بيروت)

مهجّرون ودروع بشرية قبيل إعلان "خلاص" الرقة

الأحد 2017/10/15
مهجّرون ودروع بشرية قبيل إعلان "خلاص" الرقة
رفضت فرنسا تأمين خروج مجموعة فرنسيين وأوروبيين وأفارقة من مقاتلي التنظيم (Getty)
increase حجم الخط decrease

تقترب أسطورة "الدولة الإسلامية" في الرقة من نهايتها، بعد سنوات على وقوع أول مدينة خرجت عن سيطرة النظام في سوريا، في قبضة التنظيم، حيث من المنتظر أن يعلن التحالف الدولي إنتهاء معركة استعادة المدينة من "داعش" في بيان قريب، مع إعلان "قوات سوريا الديموقراطية" إطلاق المرحلة الأخيرة من معركة استعادة المدينة.

صورة الهزيمة الأخيرة لاحت بعد مفاوضات صعبة وشاقَّة أحاط بها الغموض، وتوسّط فيها مجلس الرقة المدني، وأشرف عليها التحالف الدولي. وانتهت المفاوضات إلى السماح لمقاتلي التنظيم المحاصرين في المدينة بالخروج منها، بعدما طلبوا من وجهاء محلّيِين الضغط على عناصر التنظيم في الجبهات القليلة المتبقية، القبول بالتسوية. وتم تسليم اللوائح الاسمية لجميع المقاتلين المحاصرين في المدينة، وبلغ عددهم ما يقارب 400 مقاتل، من بينهم نحو 250 مقاتلاً سورياً.

بحسب التسريبات القليلة حول المفاوضات، برزت مشكلتان أساسيَّتان لتنفيذ كامل مراحل الإتفاق، حيث تتمثَّل الأولى في رفض التسوية من قبل إحدى الكتائب التابعة لـ"داعش"، والتي يحمل غالبية مقاتليها الجنسية الأوزبكية. ورفض مقاتلو الكتيبة الخروج من مدينة الرقة وتسليمها لاعتبار ذلك خروجاً عن البيعة لزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، ولا يوجد مستند شرعي على فعلتهم إن خرجوا وهُم كانوا قد بايعوا "أمير المؤمنين" على القتال، ما دعاهم للاعتقاد بأن ينتظروا أمراً من البغدادي بشكل مباشر؛ لكن يبدو أن طيران التحالف الدولي تعامل مع "استعصاء" أولئك، فتم استهداف المناطق التي ينشطون فيها من قبل الطيران والمدفعية.

أما المشكلة الثانية، تمثّلت في رفض فرنسا تأمين خروج مجموعة فرنسيين وأوروبيين وأفارقة من مقاتلي التنظيم ممَّن وردت أسماؤهم في قوائم الإتفاق، تعتبرهم فرنسا مسؤولين عن هجمات في باريس، ولذلك لا يمكن القبول بأن يكونوا جزءاً من أي تسوية. وكانت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، قد قالت في وقت سابق لصحيفة "لوموند": "لن نغادر هذه المنطقة بين عشية وضحاها". وأكدت بارلي أن موضوع الإرهاب موضوع مركزي في استراتيجية فرنسا الدفاعية لعام 2017 الحالي.

وكان التحالف قد أكد في وقت سابق أنه لن يسمح بخروج المقاتلين الاجانب، وأن عملية الإجلاء ستشمل المقاتلين السوريين فقط، وهذا ما تم فعلاً بدءاً من يوم السبت، حيث وصلت مجموعات المقاتلين المحليين التي تم إجلاؤها إلى قرية حاوي الهوى (10 كيلومترات غرب الرقة). كما تم خروج دفعات من المدنيين عبر ممرَّات شبه آمنة.

وشوهدت حافلات تدخل إلى مدينة الرقة من حي الدرعية شمال غربي المدينة، حيث عبرت شارع الشهداء وصولاً إلى الحديقة المرورية، وسط تحليق لطيران التحالف الدولي بغارات وهمية على "الفرقة 17"، وأطلق الطيران القنابل الضوئية فوق المدينة في ما يبدو أنه لحماية القافلة من أي جهة رافضة للتسوية. وأشارت تسريبات إلى أن الحافلات كانت تنقل عائلات مقاتلين أجانب وبعض المقاتلين السوريين وعائلاتهم.

في هذا السياق، قال عمر علوش، المسؤول في مجلس الرقة المدني، إن "قسما من الأجانب خرجوا". وأضاف "أخذوا المدنيين دروعاً بشرية وخرجوا (..) الذين بقوا لا يريدون أن يستسلموا". وتتقاطع تصريحات علوش مع بيان للتحالف الدولي أكد أن مقاتلي "داعش" الذي خرجوا في إطار التسوية اصطحبوا معهم مدنيين في محاولة لحماية قافلتهم من الاستهداف.

وبحسب إحصاءات للتحالف، لم يبقَ في المدينة إلا نحو 150 فرداً، وهناك تخوّفات جديّة من استهدافهم من قبل الطيران الروسي على غرار ما حدث في صفقة "حزب الله" والتنظيم في القلمون الغربي، حين عرقل التحالف تنفيذ المراحل الأخيرة للاتفاق باستهداف طريق سَير قافلة التنظيم في 30 أغسطس/آب. وصرَّح آنذاك المتحدث باسم التحالف الكولونيل ريان ديلون: "لقد عرقلنا تقدمهم باتجاه الشرق، وقصفنا جسراً صغيراً لإحداث فجوَة وقطع الطريق عليهم". ولعل هذا ما جعل التحالف يقوم بعمليات التمويه العسكري في الجو بغارات وهمية وقنابل ضوئية في اليومين الماضيين.

وتشير التطورات الأخيرة في الرقة وعمليات الإجلاء التي تمت إلى أن ديرالزور ستكون الميدان الأخير في المعركة ضد التنظيم، حيث تم ترحيل مقاتلي "داعش" الذين رفضوا تسليم أنفسهم إلى "قوات سوريا الديموقراطية" باتجاه مناطق سيطرة التنظيم شمال شرق محافظة ديرالزور.

من جانب آخر، بدأت عمليات رفع الأنقاض من المدينة، حيث دخلت آليات إلى حي المأمون (المشلب) لهذا الغرض، تمهيداً لعودة الأهالي وتجهيز المدينة للتخفيف من هول الدمار قبل السماح بدخول وسائل الإعلام لتغطية آثار "ولاية الرقة"، المكان الذي أرهب العالم أجمع وشهد وضع مخططات لعمليات عديدة ضربت دول العالم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها