الأحد 2017/01/29

آخر تحديث: 15:49 (بيروت)

أميركا:حظر اللاجئين وتذكر المحرقة اليهودية

الأحد 2017/01/29
أميركا:حظر اللاجئين وتذكر المحرقة اليهودية
Getty ©
increase حجم الخط decrease

تزامن حظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخول اللاجئين ومواطني 7 دول إسلامية إلى الأراضي الأميركية، مع اليوم العالمي لتذكر المحرقة اليهودية، حيث عاد الحديث في الولايات المتحدة عن حوادث شبيهة، منعت فيها السلطات دخول اللاجئين اليهود إلى البلاد. 

يتم استذكار حادثين بشكل أساسي: الأولى، هي حادثة منع سفينة سانت لويس، التي وصلت إلى فلوريدا عام 1939، حاملة 927 يهودياً ألمانيّاَ هارباً من النظام النازي. لم يكن يعرف ركاب السفينة يومها، عند إبحارهم من هامبورغ في ألمانيا، أن قوانين الهجرة واللجوء الأميركية قد تغيرت، ولم تأخذ السلطات الأميركية هذه المشكلة بعنايتها، ولم تراع الوضع الإنساني والأمني لهؤلاء، فأجبرتهم على العودة إلى ألمانيا. ومن التبريرات التي قدمتها السلطات لهذا المنع، الخوف من وجود جواسيس نازيين ضمن صفوف اللاجئين اليهود "حفاظاً على أمن الولايات المتحدة".

اللاجئون لم يعودوا إلى ألمانيا طبعاً، مع انتشار الذعر بينهم وانتحار أحد الركاب، فأُجبرت دول أوروبية على تقاسمهم على أراضيها. قدّر لاحقاً عدد ركاب سانت لويس الذين قتلوا في المحرقة اليهودية، بعد احتلال الجيش النازي الدول التي نقلوا إليها، بأكثر من 250 شخصاً.


أما الحادثة الثانية فحصلت في العام نفسه، حيث رفضت السلطات الأميركية طلب نواب من الكونغرس السماح بدخول 20 ألف طفل يهودي كلاجئين إلى أراضيها. تقول السلطات إن هذا الرفض استند على "عدم رغبة الأميركيين باستقبال هؤلاء الأشخاص"، بعد اجراء استطلاعات للرأي وجدت أن 61 في المئة من السكان يرفضون ذلك. وأحد تبريرات هذا الرفض هو خوف السكان من أخذ هؤلاء وظائف الأميركيين في المستقبل، بعد سنوات من الكساد الإقتصادي الذي عانته الولايات المتحدة.

مع حصول الهولوكوست خلال السنوات اللاحقة، أو مع تأكد الأميركيين من حصولها، عاد تداول الحادثتين إلى الواجهة، وقد وُصف قرار السلطات الأميركية في ذلك الوقت، بأنه نقيض لـ"المبادئ الأميركية"، وبأنه جرح في الوعي الأميركي لن يندمل أبداً.


من المفيد مقارنة الخطاب الأميركي بين اليوم وذلك الوقت، خصوصاً أن الحديث عن وفود الأجانب لأخذ وظائف الأميركيين، هو خطاب معاد، وهو أحد التبريرات الأساسية التي يستخدمها ترامب لبناء الجدار مع المكسيك. لكن من الناحية الأخرى، الحديث عن وجود جواسيس نازيين بين صفوف اللاجئين اليهود، يشبه الحديث عن وجود إرهابيين بين صفوف اللاجئين المسلمين.

وينطلق ذلك الخطاب من حجّة الحفاظ على أمن الولايات المتحدة، وهو التبرير الأول لأي خطوة أمنية تقوم بها السلطات الأميركية تجاه الخارج. فدخول أفغانستان والعراق كان من أجل القضاء على الإرهاب، وسياسات جورج بوش الإبن الخارجية في النصف الأول من العقد الماضي، أتت حفاظاً على أمن الولايات المتحدة، مثلما يعتبر عدم التدخل وانكفاء أوباما عن مشاكل العالم، في السنوات الماضية، هو حفاظ على أمن الولايات المتحدة أيضاً.

ورغم أن خطاب ترامب هو استعادة لخطاب أميركي قديم، إلا أن جوهره ما زال في وعي الولايات المتحدة وأوروبا في عالم اليوم، الذي أصبح المهاجرون عماده الأساسي، إذ إن المشكلة الأساسية مع هذا الخطاب في الداخل الأميركي، هي أن المجتمع الأميركي بطريقة أو بأخرى يختصر العالم، فهو مجتمع مهاجرين أساساً، ومن شأن هذا الخطاب المعادي للمهاجرين، أن يعزز من الاستقطاب بين أبيض- أوروبي/ أسود- مهاجر، ويعيده إلى الواجهة في الولايات المتحدة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها