الخميس 2017/01/19

آخر تحديث: 11:37 (بيروت)

مجلس مدينة إدلب:"جيش الفتح" يتنازل لإدارة مدنية

الخميس 2017/01/19
مجلس مدينة إدلب:"جيش الفتح" يتنازل لإدارة مدنية
انتخاب المجلس يشكل لحظة ولادة العمل المدني، وتأسيس نواة دولة تقوم على المؤسسات (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أجريت مساء الثلاثاء أول "انتخابات حرة" لاختيار هيئة مدنية تتولى الإشراف على قطاعات مدينة إدلب، ضمن "مجلس مدينة إدلب". والمجلس الجديد سيتولى الإشراف على المؤسسات المدنية داخل المدينة، بعد أن يُسلّم "جيش الفتح" إدارة كافة المؤسسات الخدمية إلى المجلس المنتخب من الأهالي.

فعاليات مدينة إدلب ممثلة بـ"البيت الإدلبي" و"مجلس الأعيان"، وأعضاء "مجلس المحافظة" من أبناء المدينة، كانت قد وقّعت مذكرة تفاهم مع إدارة "جيش الفتح" لنقل كل ما يخص مدينة إدلب، من مؤسسات ودوائر حكومية من السلطة العسكرية إلى المجلس المحلي المنتخب، خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور من تاريخ إعلان تشكيل المجلس، في حين ستبقى المدن الأخرى في المحافظة خاضعة للسلطة العسكرية ممثلة بإدارة "جيش الفتح".

رئيس "لجنة الانتخابات" ومدير "مكتب العلاقات العامة" في "مجلس المحافظة" محمد سليم الخضر، قال لـ"المدن"، إن "العملية الانتخابية لمجلس المدينة هي ثمرة عمل شاق استمر لمدة أربعة شهور، لإقناع جيش الفتح بتسليم المؤسسات والمراكز الخدمية للهيئة المنتخبة، بسبب ضعف الخدمات المقدمة للمدينة، نتيجة السلطة العسكرية التي تفرضها إدارة جيش الفتح".

الخضر اعتبر أن هذه الخطوة ستصحح مسار الخدمات، وتنقلها إلى الحكم المحلي، وتشكيل كيان حكومي مصغر من أصحاب الكفاءات يدير شؤونها، ولا يخضع لأي سلطة عسكرية كما في السابق، وسيكون عمله مرتبطاً بشكل مباشر بـ"مجلس محافظة إدلب"، بالتنسيق مع وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة.

ومنذ بداية كانون الثاني/يناير، تم الإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات، وتشكلت ثلاث لجان مهمتها التحضير والمراقبة وفرز الأصوات. وترشح لعضوية المجلس 85 عضواً، وبلغ عدد الهيئة الناخبة 1425 عضواً، وجرت الانتخابات في مركز انتخابي واحد، ضمن صالة نادي أمية الرياضي. المركز الانتخابي ضم صندوقين، واقترع 877 ناخباً لاختيار 25 مرشحاً ليصبحوا أعضاءً في "المجلس المحلي"، والذي سيختار بدوره في ما بعد رئيس المجلس ونائب الرئيس و9 مكاتب تنفيذية. وحقق شادي زيداني، أعلى نسبة أصوات، 476 صوتاً، في حين حل محمد مرضعة في الترتيب الخامس والعشرين، كآخر أعضاء المجلس برصيد 183 صوتاً.

وسبق الانتخابات إعلان الهيئات المدنية في إدلب، ومنها المجلس المؤقت لإدارة "البيت الإدلبي"، و"مجلس الأعيان"، استقالة جميع أعضائهما، لفتح المجال أمام أبناء مدينة إدلب للترشح وفق الضوابط المنصوص عنها في النظام الداخلي. الهيئات كانت قد علقت عملها في وقت سابق مع "مجلس شورى جيش الفتح" الممسك بزمام الأمور في المدينة، بسبب تعطيل إدارة "جيش الفتح" لمشاريع تهمّ أبناء المدينة كالمحكمة، والشرطة الحرة، والمجلس التنفيذي.

"مجلس الأعيان" كان قد أعلن في بيان له، نُشر نهاية العام 2016، أن "مجلس الشورى" المشكل لإدارة إدلب، لا يملك الرؤية الاستراتيجية الواضحة، في ظل وجود تجاذبات فصائلية تتحكم بالدوائر الحكومية، وخلافات بين الفصائل تؤدي إلى تعطيل القرارات وتفريغها من مضامينها، واتباع سياسة المحاصصة في "مجلس الشورى" بين كبرى الفصائل المسيطرة على المدينة، ومنها حركة "أحرار الشام الإسلامية" و"جبهة فتح الشام"، ما أدى بدوره إلى محاصصة الدوائر الحكومية، وتولي أشخاص تعنيهم مصالح فصائلهم أكثر من المصلحة العامة.

ويرى عضو مجلس محافظة إدلب عاطف زريق، أن التجربة الديموقراطية في اختيار ممثلين عن المدينة سيكون لها أثر إيجابي على الحياة المدنية في عموم المحافظة. التجربة سيتم تطبيقها أيضاً في مدينة أريحا، بعد أن كان اختيار المجالس المحلية يتم على أسس توافقية بين الفصائل العسكرية لاختيار ممثليها في المجلس المحلي، أو المحاصصة الطائفية في البلدات الصغيرة في ريف المحافظة.

أبوعلي، أحد أبناء مدينة إدلب، يرى أن "الخطوة إيجابية، رغم مخاضها العسير"، لكنه يحذّر من أن الوعود المقدمة من السلطة العسكرية بتسليم إدارة مدينة إدلب للمجلس المنتخب قد تكون حبراً على ورق. وأضاف، لـ"المدن"، إنه "لا يمكن التخلص من الإدارة العسكرية المسيطرة على مفاصل المدينة الرئيسية، رغم محاولات أبناء المدينة تحييد العسكرة، أخشى أن يكون المجلس صورياً، وخاضعاً لإملاءات مجلس شورى جيش الفتح، وفي حال أرادت إدارة جيش الفتح تقديم بادرة حسن نية لتسليم السلطة، فعليها حل مجلس الشورى، وعدم التدخل في شؤون المدينة".

بدورها أبدت منظمات المجتمع المدني ارتياحها لهذه الخطوة، معتبرة أن انتخاب المجلس يُشكل لحظة ولادة العمل المدني، وتأسيس نواة دولة تقوم على المؤسسات، والحكم الرشيد، بعدما واجه حملات ترويج قادها "جيش الفتح" ضد آليات المجتمع الديموقراطي كالانتخابات والدستور. وظهر ذلك جلياً في اللقاءات المصورة مع قاضي "جيش الفتح" عبدالله المحيسني، واللوحات الطرقية التي تحذر من "الديموقراطية".

ومنذ خروج مدينة إدلب عن سيطرة قوات النظام في آذار/مارس 2015، أعلنت "حركة أحرار الشام" و"جبهة النصرة" آنذاك، حرصهما على مصلحة المدنيين، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الفصائلية، لكن تشكيل "مجلس الشورى" المؤلف من ستة أعضاء برئاسة عضو من "جبهة النصرة"، وتداول الفصائل كل تسعة شهور على رئاسة سبعة مكاتب خدمية، وتقاسم المؤسسات الحكومية بين الفصائل، أدى إلى انتشار حالة الفوضى، وعدم الاستقرار في نجاح العملية الإدارية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها