الثلاثاء 2017/01/10

آخر تحديث: 08:31 (بيروت)

رحيل رفسنجاني.. المتشددون يتنفسون الصعداء

الثلاثاء 2017/01/10
رحيل رفسنجاني.. المتشددون يتنفسون الصعداء
Latimes ©
increase حجم الخط decrease

عندما طرحت مسألة خلافة مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران، مع مرض علي خامنئي، كان الاسم الأبرز والمطروح بقوة لمنصب الوليّ الفقيه، هو هاشمي رفسنجاني. ومع وفاته، يطوى الرهان على شخصية إصلاحية كان بإمكانها استكمال نهج رئاستها السابق، والخط الذي أرساه الرئيس محمد خاتمي. وبالتأكيد فإن إيران بعد رفسنجاني، ستكون أكثر تشدداً من بقائه.

في الثورة وفي مرحلة بناء الدولة، كان الرجل الأقوى، لم يتمتع شخص بديناميكيته، وعلى الرغم من خلافه مع خامنئي، بقي الرجل القوي والمرجعية، في أحلك الظروف، وفي الخلافات الحادة. فكانت تشخص الأنظار صوبه لإرساء التسوية. وحتى في أيام "الثورة الخضراء" عام 2009، كان له الدور الأبرز بتوليه الوضع مع المعارضة، على الرغم من كونه منبوذاً شعبياً وسلطوياً، لأنها كانت مرحلة إنتخاب محمود احمدي نجاد لولاية ثانية، وهو أول المتجرئين على مهاجمة رفسنجاني بطريقة حادة. لكنه استطاع تقويض الحراك في الشارع. وهذا ما خيّب آمال المعارضين في الرهان عليه. وخالف كل التوقعات، بعد أربع سنوات من حكم نجاد، وما عاناه من إحباط في تلك الفترة.


دفعه خوفه على "ثورة الخميني"، وموقعه المعنوي والسلطوي منها، إلى تقويضها، عبر الوساطة التي قادها. فقرأ المعارضون دوره بالسلبي، فيما اعتبرته السلطة دوراً إيجابياً، وهذا ما أدى إلى عودته بفعالية على مستوى السلطة. عندما نزل عن كرسي القرار في إيران، وعن رسم السياسة الإيرانية، بسبب الخلاف مع خامنئي، والمواجهة مع الحرس الثوري، بدأت مرحلة أفول نجمه، وابتعد عن القرار المباشر في الولاية.


المعروف عن رفسنجاني، أنه رمز الإنفتاح، وهو قائد ذلك الإنفتاح على الغرب ودول الخليج، وكان أول مسؤول إيراني، منذ قيام الجمهورية الإسلامية، يزور السعودية. ولذلك، كان الفرصة الوحيدة أو الإحتمال الذي يشكله بنفسه لإجراء إصلاح تحت سقف "الثورة الإسلامية". هو الشخصية التي تكتسب الشرعية الثورية، وبالتالي هو المهيأ لإجراء إصلاح ضمن حدود النظام، وبوفاته تغدو أي محاولة جدية للإصلاح الإيراني مجرد حلم بعيد المنال. ولذلك فإن الأمور ستتجه نحو المزيد من التشدد، وهذا ما قد يعمّق الفرز الحاد بين السلطة والمعارضة، التي ستعتبر أن موقفها من النظام سيكون وجودياً.


ولأنه الرجل الزئبقي، اتخذ مواقف تحمل وجهاً آخر تجاه العلاقة مع السنة، وتجاه الثورة السورية، ولديه العديد من الإنتقادات للإنخراط الإيراني في سوريا. لكنه لم يطلق هذه المواقف وهو في موقع القرار في إيران. وكعادته، في كل مواقفه، يترك مجالاً في أي موقف يتخذه للطرف الآخر، بحال حصول أي متغيرات.  ولذلك قرئت في مواقفه بعض التناقضات.


لطالما طرح رفسنجاني كخليفة للمرشد علي خامنئي، ومنذ خروجه من رئاسة الجمهورية، أطلق عليه إسم آية الله، الذي يكتسبه المجتهد الفقهي، وهي دلالة على أن الشخص مؤهل لأن يتولى ولاية الفقيه. وهو كان الأقوى لذلك، نظراً لما يتمتع به من سجّل حافل.


فقد الإيرانيون صمام أمانهم، الذي كان يحضر في ساعات الشدة والنزاعات القوية، لكن لا شك أنه برحيله سينعكس الإرتياح لدى الحرس الثوري، إذ كان رفسنجاني رجلاً يصعب تجاوزه. وهذا ما سينعكس على السياسات الخارجية، وعلى أي مسعى إيراني للإنفتاح، لأن الأسماء المطروحة لخلافة خامنئي تضمّ مختلف المتشددين، كآية الله أحمد جنّتي وهو المقرب جداً للحرس، وآية الله محمود هاشمي الشهرودي وهو رئيس السلطة القضائية سابقاً، والمدعوم من خامنئي، فضلاً عن أسماء أخرى يحضّرها الحرس، وهم يمثلون اليمين المتشدد في إيران، وأبرزهم آية الله مصباح يزدي؛ بوفاة رفسنجاني، سيفسح المجال أمام الحرس، لصوغ الشخصيات والسياسات التي يريدها، من دون أي إعاقة من أي طرف قوي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها