الإثنين 2016/09/26

آخر تحديث: 14:15 (بيروت)

مذبحة حلب مستمرة..والنظام يفشل بالتقدم نحو الأحياء المحاصرة

الإثنين 2016/09/26
مذبحة حلب مستمرة..والنظام يفشل بالتقدم نحو الأحياء المحاصرة
تدرك المعارضة الحلبية أهمية الحفاظ على مواقعها في في مخيم حندرات (خالد الخطيب)
increase حجم الخط decrease
نجحت المعارضة الحلبية في أول امتحان لها، في ظل المحرقة الروسية التي تعيشها المدينة وإعلان النظام بدء معركة السيطرة على الأحياء الشرقية المحاصرة. وتمكنت المعارضة من استعادة سيطرتها الكاملة على مخيم حندرات شمالي حلب، الأحد، وقتلت عشرين عنصراً من قوات النظام والمليشيات، أغلبهم من "لواء القدس الفلسطيني". كما دمرت عدداً من السيارات والآليات والمدافع الثقيلة والمتوسطة للقوات المهاجمة، واغتنمت أخرى.

وكانت قوات النظام والمليشيات الشيعية وقوات خاصة روسية قد باشرت عملياتها العسكرية نحو المخيم، الجمعة، وتمكنت خلال يومين من السيطرة الكاملة عليه، متبعة سياسة القضم البطيء، بعدما مهدت لها المقاتلات الروسية ومروحيات البراميل التابعة للنظام بأكثر من 100 غارة جوية، استهدفت المخيم ومحيطه القريب.

وتحاول قوات النظام والمليشيات السيطرة على مخيم حندرات، بحكم موقعه المرتفع المهم عسكرياً، الذي يسمح بالإشراف على منطقة الشقيف الصناعية ودوار الجندول ومشفى الكندي. كما يحقق التقدم فيه التوسع شرقاً وحماية طريق الكاستللو، ويمكن القول إن السيطرة على المخيم، هي بداية التماس المباشر مع الأحياء الشمالية الشرقية، وتهديدها برياً.

ومن جهتها، تدرك المعارضة الحلبية أهمية الحفاظ على مواقعها في الشمال، وتحديداً في مخيم حندرات، رغم المهمة الانتحارية التي تواجهها هناك، في ظل القصف المتواصل بمختلف أنواع القذائف الصاروخية والمدفعية، عدا عن الغارات الجوية الروسية المكثفة على مدار الساعة. فالحفاظ على المخيم والمواقع المحيطة به لا يحقق للمعارضة حماية الأحياء الشمالية الشرقية من التماس المباشر مع قوات النظام والمليشيات وحمايتها من هجوم متوقع وحسب، وإنما يبقي لديها الأمل في معاودة الكرة والسيطرة مجدداً على الكاستللو. وهذه المنطقة، ربما تُمثلُ الزاوية الأمثل، التي من الممكن أن تنقض عليها المعارضة في الداخل المحاصر والخارج من جهة الملاح لتفك الحصار عن حلب.

المعارضة بدأت تتحدث عن قرب الانتهاء من التحضيرات العسكرية لخوض معركة جديدة في حلب، من أجل فك الحصار عن الأحياء الشرقية والرد على المحرقة الروسية المستمرة منذ أسبوع تقريباً. وتبدي المعارضة تفاؤلاً كبيراً بالمعركة والأعداد الكبيرة من المقاتلين الذين من المتوقع أن يخوضوا المعارك على جبهتين في الداخل المحاصر والخارج القادم من الريف المحيط.

لكن المعارضة تبدو متخوفة من تكرار سيناريو "ملحمة حلب" الذي لم يشهد تنسيقاً وتناغماً عملياتياً بين "جيش الفتح" وفصائل "فتح حلب". حينها، ورغم نجاح المعارضة في فك الحصار، إلا أنه لم يتم اشغال الجبهات الداخلية بالتزامن مع الهجمات من الخارج ما أتاح للنظام والمليشيات فرصة الدفاع عن مواقعها ومعاودة السيطرة على كامل المواقع التي خسرتها تقريباً في هجمات ارتدادية متواصلة.

في المقابل، يقول النظام إن معركته البرية في حلب لم تبدأ بعد، وما حصل في المخيم شمالاً مجرد محاولة صغيرة. ويكرر النظام دعواته للمدنيين والعسكريين للاستسلام، ملقياً المزيد من المناشير الورقية ورسائل نصية على الهواتف المحمولة، مؤكداً فيها استمرار المذبحة والحصار حتى تحقيق أهدافه.

وفي الميدان تبدو الأمور متجهة إلى مواجهة عسكرية كبيرة لوقف التدهور في المدينة، وكبح جماح التوحش الروسي. ورغم الخيارات الصعبة والمحدودة أمام المعارضة بعد تواجد الروس على الأرض وتعزيز المليشيات بآلاف المرتزقة، إلا أن المعارضة ترى أن المهمة ليست بالمستحيلة، فمن فك الحصار مرة يمكنه معاودة الكرة مرات أخرى، وتسلم زمام المبادرة على الأرض.

وواصلت المقاتلات الحربية الروسية ومروحيات البراميل المتفجرة، وعلى مدار 24 ساعة الماضية، حملتها الجوية الوحشية على حلب المحاصرة وضواحيها، واستهدفت الاثنين، الأحياء الشرقية وريفي حلب الغربي والشمالي، بأكثر من ثلاثين غارة جوية، تسببت في مقتل 15 مدنياً وجرح خمسين على الأقل. وكانت الغارات الوحشية قد قتلت الأحد 85 مدنياً وأوقعت العشرات من الجرحى والمصابين المدنيين، وخلفت دماراً واسعاً في الأبنية والممتلكات، وفي المرافق العامة، الصحية والتعليمية والمياه.

واستهدفت المقاتلات الحربية الروسية، الأحياء السكنية، بالقنابل والصواريخ الارتجاجية والعنقودية والفوسفورية، وألقت مروحيات النظام براميلها المتفجرة على أحياء الهلك وقاضي عسكر والقاطرجي، والأنصاري الذي سقط فيه لوحده 17 قتيلاً و50 جريحاً، والزبدية وبستان الباشا، وطريق الباب الذي سقط فيه 18 قتيلاً. وطال القصف الجوي أحياء الفردوس والحيدرية وجسر الحج والميسر والصالحين والمرجة وصلاح الدين والمشهد، وقصفت المقاتلات الروسية بأكثر من خمسين غارة جوية مدن وبلدات ضواحي حلب الشمالية والجنوبية والغربية.

نائب مدير "صحة حلب الحرة" عدنان حلبي، أكد لـ"المدن"، أن القطاع الطبي في حلب يعمل بكل طاقته والمشافي الميدانية والمستشفيات القليلة المتبقية في حلب المحاصرة لا تستطيع أن تستوعب الأعداد الهائلة من الجرحى، جراء الغارات الجوية المتواصلة على كل أحياء المعارضة في حلب، وقد استقبلت كل نقطة طبية، وفق حلبي، أكثر من 100 جريح وبشكل يومي طيلة خلال الحملة الجوية العنيفة. وقال حلبي إن عدداً كبيراً من الجرحى يتلقون الإسعافات الأولية وهم مستلقون على أرض المشافي، وفي الممرات، لعدم كفاية الأسرة واستحالة استيعابهم في قسم الإسعاف، كما أن العديد من العمليات الجراحية قد يتأخر إجراؤها بسبب كثرتها وعدم كفاية الكوادر الطبية اللازمة لإجرائها. فالوضع مأساوي للغاية في حلب ولا يمكن للمشافي الاستمرار بنفس الوتيرة من الجهد والمخاطرة، فالمشافي أيضاً هدف للغارات الجوية ونحن نعمل في ظروف خطيرة جداً.

وأشار حلبي إلى أن الكثير من الأدوية والمواد الطبية اللازمة للإسعاف والعناية المشددة بدأت تنفد في ظل الحصار، كأدوية التخدير والمنافس الخاصة بالعنايات، كما أنه يتعذر على فرق الإسعاف إنقاذ الجرحى الذين أصيبوا في الأحياء الشرقية البعيدة نسبياً عن النقاط الطبية بسبب عدم كفاية سيارات الإسعاف وإغلاق الطرق بسبب الركام الذي خلفه قصف الطيران على مدى الأيام الماضية.

في هذا السياق، خرج "مركز هنانو" التابع لـ"الدفاع المدني" في حلب المحاصرة من الخدمة، بسبب القصف المتكرر والمقصود الذي يطال المراكز وآليات الحفر وسيارات الإطفاء. ليصبح عدد المراكز العاطلة عن العمل أربعة. وتتحمل فرق الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" التي تجاوز عدد عناصرها في حلب الـ400، أعباء كبيرة وتعتبر من أكثر القطاعات الخدمية حيوية، فهي تسعف الجرحى، وتنتشل الضحايا من تحت الأنقاض، وتفتح الطرق وتطفئ النيران التي يخلفها القصف الروسي بالفوسفور.

مدير "الدفاع المدني" في حلب عمار سلو، قال لـ"المدن"،  إن فرق الإنقاذ لم تعد تستطيع الوصول إلى كل المواقع المستهدفة، لكثرتها واستمرار القصف الجوي و"استهداف سياراتنا وفرق الدفاع المدني". وأضاف "أصبحنا نؤجل بعض المواقع التي يعلق فيها الشهداء تحت الأنقاض لنتوجه بسرعة نحو المواقع التي فيها أحياء تحت ركام منازلهم".

وأوضح سلو، أن أكثر من نصف القتلى الذين سقطوا خلال الأيام الخمسة الماضية، هم أطفال ونساء، وقد تجاوز العدد الإجمالي لعدد الضحايا منذ بدء الحملة الجوية 400 قتيل مدني. وأشار سلو إلى أن جميع المواقع التي تستهدفها غارات الطيران الحربي الروسي ومروحي البراميل في حلب المحاصرة مدنية، هي مبان سكنية، ولم يسجل استهداف مقار عسكرية تابعة للمعارضة إلا في حالات نادرة، بالصدفة، فالهدف الرئيس للطائرات هو قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين وتدمير أحياء وكتل سكنية بأكملها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها