السبت 2016/07/23

آخر تحديث: 14:09 (بيروت)

"المدن" تنشر تفاصيل مجزرة التوخار

السبت 2016/07/23
"المدن" تنشر تفاصيل مجزرة التوخار
رواية شاهد العيان لـ"المدن" تتناقض مع ما ذكره المتحدث باسم "التحالف الدولي" (الجزيرة)
increase حجم الخط decrease
روى شاهد عيان لـ"المدن" تفاصيل ووقائع مجزرة التوخار شمالي منبج، التي ارتكبها طيران "التحالف الدولي"، الثلاثاء، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 117 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال، وبينهم عائلات بأكملها. ووثّق ناشطون من المنطقة مقتل 73 شخصاً، فيما جُمعَت أشلاء لجثث عشرات الأشخاص.

وقال أبو محمد لـ"المدن"، إن اليوم الذي سبق المجزرة، شهد اشتباكات متقطعة بين "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بالقرب من التوخار. وحاول التنظيم استرجاع تلة تسيطر عليها "قسد"، وقام بقصفها بقذائف الهاون من منطقة الساجور جنوبي التوخار. ومع ساعات المساء، قام التنظيم بنقل مدافع الهاون إلى وسط القرية، لأنها مرتفعة بعض الشيء عما حولها. كما استقدم التنظيم عدداً من عناصره، تمركزوا في القرية. وصادف ذلك لحظة وصول أبو محمد، إلى التوخار مع صديقه، الذي فضّل العودة إلى قريته المجاورة، بعد شعوره بالخوف من نقل آليات وعناصر تابعين للتنظيم إلى وسط البلدة.

وأشار أبو محمد، إلى أن معظم المدنيين ومع سماعهم لصوت الآليات وعناصر التنظيم في القرية، نزحوا إلى أرضٍ زراعية قريبة فيها أشجار زيتون، مصطحبين بعض الخيم والجرارات الزراعية مع مقطوراتها، لقضاء الليلة فيها، بعيداً عن الاشتباكات التي قد تندلع في أي لحظة. فيما فضل البعض البقاء في منازلهم، ومنهم أبو محمد.

وفي تلك الأثناء باشر التنظيم في قصف مواقع "قسد" في التلة المجاورة، بقذائف الهاون والأسلحة الرشاشة، كما ردّ مقاتلو "قسد" بقصف بالأسلحة المتوسطة. ودام الحال هكذا حتى منتصف الليل، حين هدأت الاشتباكات، وانسحب معظم مقاتلي التنظيم من القرية، بعدما تركوا فيها 10 عناصر، كما أكد أبو محمد.

وفي تمام الساعة الثالثة والنصف فجراً، يتابع أبو محمد: "سمعنا صوت طائرات التحالف في الأجواء، واستفاق المدنيون مذعورين. وما إن تحرك البعض من أماكنهم، حتى بدأت الحمم تنهال عليهم من كل مكان، وكأن زلازل تضرب الأرض".



أبو محمد يؤكد أنه كان شاهداً على 15 غارة جوية، استهدفت عشر منها تجمعات المدنيين في الأراضي الزراعية، فيما استهدفت البقية منازل داخل القرية.

ويوضح أبو محمد أنه لم يستطيع الخروج من منزله حتى طلوع شمس الثلاثاء، خوفاً من القصف، ليجد أرض القرية ومحيطها الزراعي، وقد افتُرشت بالجثث.

الأحياء المتبقين قاموا بتعبئة أشلاء القتلى في أكياس كبيرة تستخدم لجمع القمح، في حين أن عدد الجثث تجاوز الـ150، معظمهم من الأطفال والنساء. وساعد أبو محمد في نقل الجثث ودفنها في مقابر جماعية، في محيط القرية وفي قرى ريفي جرابلس والباب. ونُقل عشرات المصابين لتلقي العلاج في مدينتي الباب وجرابلس.

المتحدث باسم "التحالف الدولي" كريستوف غارفر، اعترف الجمعة، بمقتل عشرات المدنيين إثر الغارات على محيط مدينة منبج، إلا أنه أكد أن الغارات استندت إلى معلومات واحداثيات قدمها "التحالف العربي السوري" المنضوي في "قوات سوريا الديموقراطية"، حول وجود موكب كبير من تنظيم "الدولة الإسلامية"، يستعد لشنّ هجوم شمالي منبج. وقال غارفر، إن الغارات الجوية التي نفذتها مقاتلات "التحالف" استهدفت مركبات ومبانٍ لتنظيم "الدولة"، و"أن تقارير لاحقة عن مصادر مختلفة تحدثت عن احتمال وجود مدنيين بين مسلحي التنظيم"، وأشار إلى مقتل 15 إلى 70 مدنياً نتيجة القصف.

رواية شاهد العيان لـ"المدن" تتناقض مع ما ذكره المتحدث باسم "التحالف الدولي"، عن وجود عناصر "داعش" بين المدنيين، فتجمعات المدنيين المُستهدفة كانت بمعظمها في الأراضي الزراعية خارج القرية، حيث لا وجود لعناصر "داعش". كما أن كامل وجود "داعش" في القرية، لم يتجاوز 10 عناصر.

أبو محمد أكد أن الطيران استهدف العربة التي انسحب بها مقاتلو التنظيم من القرية، وهي سيارة من نوع "هونداي"، كانت تُقلُّ بضع عناصر، قُتلوا على الطريق بعد خروجهم من التوخار، وقبل تعرض البلدة للقصف. السيارة المتفحمة بمن فيها، ما زالت على أحد المفارق خارج القرية.

ووجّه ناشطون اتهامات لـ"قسد" بتعمدها إعطاء إحداثيات خاطئة عن مواقع "داعش" لطيران "التحالف" ما تسبب بمقتل مئات المدنيين منذ بدء الحملة العسكرية على منبج، قبل شهرين تقريباً. بينما يعتقد آخرون، أن خسارات "قسد" البشرية الكبيرة، التي تجاوزت 500 قتيل منذ بدء الحملة، بالإضافة إلى طول زمن المعركة، أرهق مقاتليها وجعلهم يتخبطون ويعانون من التشتت والإرهاق، ما يتسبب أحياناً كثيرة بارتكابهم أخطاء في تقديم الإحداثيات.

وعلى الرغم من اعتراف "التحالف" بالمجزرة، إلا أنه أحالها إلى وقوع خطأ حمّل مسؤوليته لـ"التحالف العربي السوري" المنضوي في "قوات سوريا الديموقراطية"، ويُشير البعض إلى أن ذلك هو محاولة لتبرئة "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تشكل مُعظم قوام "قسد".

وفي كل الأحوال، لم تعكس تصريحات المتحدث باسم "التحالف" أي موقف يتضمن محاسبة المُخطئين، أو حتى التأكد من طبيعة الأهداف قبل قصفها، وهو أمر شديد السهولة بالنسبة لـ"التحالف الدولي". ومع ذلك، تستمر حملة القصف على أهالي منبج، إذ سقط صباح السبت عشرة مدنيين، بينهم أطفال ونساء، في قصف جديد لطيران "التحالف" على قرية النواجة الخاضعة مناصفة لـ"قسد" و"داعش"، إلى الشرق الشمالي من منبج.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها