الجمعة 2016/05/06

آخر تحديث: 17:11 (بيروت)

نظرية الجبناء في سوريا: سيستسلم الأسد يوماً

الجمعة 2016/05/06
نظرية الجبناء في سوريا: سيستسلم الأسد يوماً
لم يحصل العالم على إثباتات ودلائل ضد مجرم حرب، كما في حالة الرئيس السوري بشار الأسد (انترنت)
increase حجم الخط decrease

انهمك الدبلوماسيون العرب والأجانب، بالتقليل من أهمية التدخل الروسي في سوريا، مسوّقين لنظرية بالغة الغرابة، تقول إن ذلك كلّه فخّ نصبه الرئيس الأميركي باراك أوباما لغريمه الروسي فلاديمير بوتين حتى ينهكه. ففي سوريا، بوتين يخسر رجالاً، وذخائر، وأموالاً طائلة، لكن في واشنطن أوباما يعيش حياة هانئة، وفي أوقات فراغه يجول في كوبا ويتلقى الإهانات من راؤول كاسترو بالضحك، ويرقص التانغو في الأرجنتين، ويستعد لإرسال ابنته ماليا إلى جامعة هارفرد لتتابع دراستها هناك، في الوقت الذي توزّع فيه جيل كامل من الشبان السوريين بين مخيمات النزوح، وقوارب الموت، وساحات المعارك.

يصحّ وصف تلك النظرية بأنها نظرية الجبناء، فبوتين لم ينهك، وبدل أن ينبذه العالم للجرائم التي يرتكبها في سوريا، تحوّل إلى كاهن يزوره كل الزعماء. صار كلّ من يريد أن يتحدث بخصوص سوريا يذهب إلى سوتشي، لأن أوباما لا يتواجد في كامب ديفيد، وهو إن فعل لا يمكن أخذ شيء مفيد منه، فمن يعمل في سوريا بجد، الآن، هو مقاتل الجودو الروسي فلاديمير بوتين.

الهجمة الأخيرة على حلب أوضّحت كثيراً من الأمور، وأعطت للضوء الأخضر الذي يحوز النظام السوري عليه من المنظومة الدولية وهجاً خاصاً. صور القصف، واستهداف المستشفيات، ومخيمات النازحين، على الرغم من وجود هدنة فرضها الروس والأميركيون، أصبحت بالنسبة إلى الجميع وكأنهم يشاهدون جزءاً من مسلسل الفنتازيا الشهير "صراع العروش"، الذي لا يفوت أوباما حلقة منه، أو جزءاً من فيلم "مباريات الجوع"، الذي اقتبس فيه مؤدي دور الطاغية سنو، الممثل دونالد ساذيرلاند من شخصية الأسد لبناء شخصية سنو. لا أحد يكترث، مشاهد المذابح بالنسبة إلى الجميع، وللعرب قبل الغرب، مجرد تقرير من 5 دقائق على التلفاز، في نشرة إخبارية مدتها ساعة، فيها كثير من الأخبار الطريفة؛ عن أوباما مثلاً، واتهامه لدونالد ترامب بأنه يعرف بجمال النساء، وملكات الجمال، أكثر مما يعرف بالسياسة.

دوي الطائرات مرعب فوق حلب. أصوات الانفجارات في كل أرجاء المدينة. لكن في القاعات الدبلوماسية الكل صامت ويتحدث عن ضرورة الحل السياسي، الذي تعاقب المعارضة السورية، بسببه، بارتكاب جرائم بحق من تفاوض باسمهم، لأنها علّقت حضورها في جنيف حتى لا تضطر إلى تلقي الأوامر من حكومة لا يجد أحد ضيراً في أن يترأسها الأسد، الرجل الذي لا يحبّه أحد ويقول أوباما، وكل زعماء العالم إنهم لا يحترمونه، لكن في الوقت نفسه يرون فيه بذرة صالحة ستقود لسلامٍ، يوما ما، في سوريا!

ما تزال واشنطن، وموسكو، والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، يتحدثون بضرورة العودة إلى المحادثات التي لا يرغب الأسد بنقاش الانتقال السياسي فيها. هم يرون الاحتقار، والنظرة الاستعلائية التي يوجهها الأسد إليهم، وسمعوا مراراً من رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري، بشكل مباشر، عدم استعداد الأسد لبحث مسألة الانتقال السياسي، لكن مع ذلك هم مصرون على حض المعارضة على العودة إلى تلك الطاولة، ويرفضون دوماً القبول بتأجيل المحادثات، أو تهيئة أدنى شروط انعقادها، وكأنها باتت تقليداً سنوياً، أو لعبة حظ سيفوزون بها في سنة ما، لدرجة أن الآمال التي يخرج بها وزيرا خارجية موسكو وواشنطن بعد كل لقاء بينهما، مثالية إلى حد الخيال، متناسيين أنهما يطلبان من أطراف لا تفوّت دقيقة في تعبئة مخازن الأسلحة، أو رمي البراميل المتفجرة من المروحيات، بالجلوس حول طاولة مفاوضات ليتصافحوا بعدها ويلتقطوا صورة جماعية وكأنهم أفراد عائلة لا شيء بينهم.. مجرد خصام فقط.

لم يحصل العالم على إثباتات ودلائل ضد مجرم حرب، كما في حالة الرئيس السوري بشار الأسد. من المؤكد أن السوريين استنفدوا، وقدموا كل ما لديهم، ليقولوا للعالم إن الأسد يقتلهم، لكن أولئك الرفقاء، الذين أخذوا تلك الدلائل كانوا غير صالحين. على الجميع أن يستفيد من تجربة ما كان يسمّى يوماً سوريا، إذا ما وجدوا أنفسهم في موقف مشابه واضطروا للبحث عن رفاق، فالسوريون برهنوا نظريات الجبناء بالدم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها