الإثنين 2016/05/30

آخر تحديث: 07:11 (بيروت)

أسبوع على تفجيرات طرطوس: كيف حال المدينة والنازحين؟

الإثنين 2016/05/30
أسبوع على تفجيرات طرطوس: كيف حال المدينة والنازحين؟
نشطاء المجتمع المدني يقومون بزيارات يومية لتفقد النازحين، كما أنهم نظموا فعاليات عديدة لكسر حالة التوجس بين النازحين وأهل المدينة
increase حجم الخط decrease

على بعد ربع ساعة من مدينة طرطوس، يبدو مخيم الكرنك الذي تعرض إلى اعتداءات على خلفية تفجيرات الأسبوع الماضي مختلفاً عمّا كان قبلها. لا حوادث جديدة. فالاعتداءات على قاطينه استمرت ساعتين عقب التفجير وانتهت، إلا أن ظروف معيشة من يسكن في المخيم، وغالبيتهم نازحون من محافظة حلب، لم تعد كما كانت في السابق، وبات الخوف عنواناً بارزاً.

بيوت العزاء بضحايا التفجيرات ما تزال مفتوحة، كما أن الحصيلة النهائية تتصاعد كل يوم، وقد ارتفعت إلى 48 قتيلاً خلال اليومين الماضيين نتيجة وفاة عدد من المصابين، ليصبح عدد الضحايا حتى الآن 184، سقطوا في تفجيرات طرطوس وجبلة. هذا الأمر شكّل عامل ضغط كبير على النازحين، كما سمح باستمرار ظاهرة الملوحين بالانتقام وإطلاق التهديدات ضد المهجّرين، على الرغم من وجود أصوات مضادة، وتحركات من قبل نشطاء في المجتمع المدني لطمأنة النازحين.


الخطر الفعلي على النازحين زال. هذا ما أكده عدد منهم لـ"المدن" في مخيم الكرنك، كما أن حراسات نشرت مؤخراً حول المخيمات، وزيارات لعدد من النشطاء وأهالي الأحياء القريبة زادت من طمأنينتهم. لكن مع ذلك، لم يشكل هذا الأمر حالة استقرار نفسي لهم، فالخشية من تكرار ما حدث في الساعات الأولى عقب التفجيرات، من حرق للخيم واعتداءات عليهم، ما تزال حاضرة، علماً أن سجلاتهم الأمنية نظيفة تماماً، وبعضهم لم يشفع له أن ولده أصيب أثناء خدمته الإلزامية ويقطن في المخيم حالياً، أو أن ابن أحدهم عسكري يقاتل في صفوف قوات النظام.. كل ذلك لم يكن رادعاً للاعتداء عليهم، فالمعتدون هم من أصحاب السوابق، الذين يتخذون من حجة الدفاع عن طرطوس ذريعة للقيام بأعمال "تشبيح" في المحافظة وخارجها، وهؤلاء باتوا يشكّلون دورة نشاط اقتصادية وعسكرية وأمنية خاصة بهم، مستقلة عن قرار النظام، أو عن قرار قادة المليشيات المسلحة، وتنظيماتهم تعود إلى ما قبل العام 2011.


"يتوزع النازحون في طرطوس على 7 مراكز إيواء، وهي العقارية القديمة، ومخيم الكرنك، والكراج القديم، ومخيم الانشاء والتعمير، والصالة الرياضية، والملعب البلدي، ومعسكر طلائع البعث، فضلاً عن السكن المتفرق داخل طرطوس، وصافيتا والمشتى في ريفها"، يقول غيث أحمد، وهو أحد نشطاء المجتمع المدني وعمال الإغاثة في طرطوس. ويضيف لـ"المدن": "لا يعرف النازحون إن كان خيار بقائهم في أماكن إقامتم في طرطوس سليماً، خصوصاً أن مناطقهم في حلب مشتعلة بالمعارك، وهم إن اختاروا المغادرة فلا وجهة لهم إلا مناطق أخرى، لكن في طرطوس أو ريفها".


يشرح أحمد لـ"المدن" وضع النازحين الحالي، ويشير إلى أن الهدوء يعود تدريجياً متأثراً بالمناخ السائد في المحافظة بشكل عام، ويؤكد روايات النازحين المستقرين في مخيم الكرنك حول التهديدات التي تلقوها، وخلفية الأشخاص الذين أطلقوها، ويقول إن الساعة الأولى التي تلت التفجيرات الأسبوع الماضي، شهدت هجوماً على مخيم الكرنك، قادته مجموعة "مؤلفة من حوالى 40 إلى60 شخصاً، قاموا بضرب النازحين، وكان هدف الهجوم هو السرقة والنهب أكثر من أي شيء آخر". ويشير إلى أن المهاجمين "سرقوا ذهباً (حلي السيدات) وأموالاً وأجهزة خليوية".

نشطاء المجتمع المدني يقومون بزيارات يومية لتفقد وضع النازحين، كما أنهم نظموا فعاليات عديدة لمحاولة كسر حالة التوجس بين النازحين وأهل المدينة، فقاموا بجولة على مراكز عزاء برفقة ممثل مفتي الجمهورية الشيخ محمد ميهوب وعدد من النازحين، ولم يسجل أي اعتراض على وجودهم من قبل أهالي الضحايا، بل كان البعض مرحباً بهذه الخطوة. وهم يقومون بنشاطات للأطفال في مراكز الإيواء، من أجل تخفيف حالة الصدمة التي تعرضوا لها بعد التفجيرات.


من وجهة نظر أحمد، فإن المشكلة الرئيسية، والمقلقة، هي التعاطي السلبي من قبل الأجهزة الأمنية حيال هذا الموضوع، إذ إنها لا تبدي اهتماماً جدياً في حماية هذه المخيمات، وهي في الأيام الأولى التي أعقبت التفجيرات كانت منسحبة تماماً من الشوارع، وتركت المخيمات عرضة لتلك الحوادث.


"نحاول قدر الإمكان أن نقف مع النازحين، ونؤمن احتياجاتهم" يقول أحمد. ويضيف "هناك خطاب طائفي داخل المدينة، يعتبر أن المرحلة الآن انتقلت إلى خوض معركة في طرطوس، وهذا الخطاب يعيش على شائعات تقول إنهم (الإرهابيين) كانوا يحضّرون لهذه المعركة منذ 5 سنوات، ولذلك يجب طرد المهجّرين من طرطوس. وفي المقابل هناك من يرفض تماماً هذه الفكرة، ويصر على أن حماية النازحين أولوية، ومغادرتهم لطرطوس لن يكون أمراً في صالح هذه المدينة ومجتمعها".

أم عمّار من سكّان طرطوس تقطن في حي مجاور لمركز إيواء العقارية القديمة، تتوسط أم أحمد وأم عبده، وهي تلازمهما أغلب الأوقات منذ حدوث التفجيرات
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها