الجمعة 2016/05/13

آخر تحديث: 16:32 (بيروت)

النظام يلوّح بالعصا من جديد في السويداء

الجمعة 2016/05/13
النظام يلوّح بالعصا من جديد في السويداء
حركة "حطمتونا"، لم تواجه من قبل بعنف من قبل أجهزة النظام الأمنيّة أو مليشياته أو حتى الشبيحة (انترنت - ارشيف)
increase حجم الخط decrease
اعتصم العشرات من أبناء محافظة السويداء، الخميس، في قلب المدينة، في سياق الحركة الاحتجاجيّة المطلبيّة "حطمتونا"، والتي بدأت أواخر آذار/مارس 2016؛ وهي حركة احتجاجيّة على واقع المحافظة المتردّي، وما تعانيه من فساد ممنهج من قبل أجهزة الدولة، وسوء في الأحوال المعيشية، إضافة إلى غياب القانون، وفوضى السلاح، وغيرها من المشكلات التي باتت دافعاً رئيساً لهجرة شباب المحافظة وكوادرها.

وتمت مواجهة الاعتصام السلمي بالعنف من قبل شبيحة النظام ومليشياته تجاه المتظاهرين؛ حيث قام بعض الشبيحة، ومعظمهم يحمل السلاح، بالهجوم على المتظاهرين، ووقع اشتباك بالأيدي من دون تسجيل إصابات. وشوهد بين هؤلاء المسلحين عناصر يلبسون بدلات عليها شعار مليشيا "حزب الله" وعناصر من مليشيا "جمعية البستان" التابعة لابن خال الرئيس السوري رامي مخلوف. وبعدها قام أحد عناصر المليشيات بإطلاق النار في الهواء لإرهاب المتظاهرين.

وكان من المستهجن، تجمّع بعض النسوة في مواجهة المتظاهرين ومنعهم من التقدّم؛ حيث رفعت تلك النسوة أعلام النظام وصوراً لضحايا عسكريّين، كانوا قد قتلوا في صفوف قوات النظام، وقمنّ  بشتم المتظاهرين واستفزازهم. وكان من بين تلك النسوة امرأة ترتدي الزيّ الدينيّ التقليديّ في المحافظة. وبحسب ناشطين، فإنّ انتماء بعض هؤلاء النسوة يعود إلى ما بات يعرف بـ"لبوات الجبل" أو "لبوات الأسد"، التي أشرف على تشكيلها ممدوح الأطرش وكميل خويص. والأجهزة الأمنيّة تريد بهذه السلوكيّات أن تضع المتظاهرين في مواجهة هؤلاء النسوة، علماً منها بحساسيّة وخصوصيّة المرأة في عادات وتقاليد هذه المحافظة وارتباطها بمفهومي الشرف والكرامة، ولاسيّما أنّ المتظاهرين يهتفون للكرامة، واتخذوا منها شعاراً لهم، فأرادت الأجهزة الأمنية أن تفتعل حادثاً ما بين المتظاهرين وهؤلاء النسوة لتظهرهم أنهم ينتهكون الكرامات ويعتدون على النساء ما يساهم في تعميق الشرخ المجتمعيّ وضرب السلم الأهلي.

حركة "حطمتونا"، لم تواجه من قبل بعنف من قبل أجهزة النظام الأمنيّة أو مليشياته أو حتى الشبيحة، ولم تسجّل ضدها أيّ حادثة عنف. ويذهب ناشطون في اتجاهين في تحليل أسباب عودة العنف بعد انقطاع إلى المشهد في السويداء؛ أولهما يقول: إنّ الحركة الاحتجاجيّة أصبحت تشكّل خطراً على النظام، ويمكن أن تخرج من يده ورقة "حماية الأقليّات" التي طالما استخدمها دوليّاً ومحليّاً، إضافة إلى انتقال الاحتجاجات في الآونة الأخيرة من إطارها المطلبيّ إلى الإطار الثوريّ، وذلك ظهر من خلال رفع سقف الشعارات ومن خلال التناغم مع المشهد الثوريّ في سوريا ككلٍّ، فبعد مجزرة حلب خرجت مظاهرات واعتصامات في أكثر من مدينة في المحافظة تستنكر المجزرة، وتحمّل النظام مسؤوليّتها، كما أنّ الحملة التي أُطلقت من أجل تحرير المعتقلين من السجون السورية، كان لها حضور في الحركة الاحتجاجيّة في محافظة السويداء، إضافة إلى تبادل التحية عبر اللافتات بين معرة النعمان والسويداء. كلُّ هذا جعل النظام يستشعر الخطر من امتداد رقعة الاحتجاجات وتجذّرها، فانتقل إلى سياسته المجرّبة وهي العنف.

أمّا الرأي الثاني، فيذهب إلى أنّ النظام في الفترة السابقة؛ أي قبل شهرين من الآن، كان يستثمر في الحراك المطلبيّ في السويداء؛ حيث ذكر أحد الناشطين في المحافظة أنّ "رئيس فرع "الأمن العسكري" وفيق ناصر، أوعز بتصوير بعض المظاهرات وقطّعها عبر مختصّين، وبعثها إلى مندوب سوريا في "الأمم المتحدة" بشار الجعفري، أثناء محادثات جنيف، ليُظهِر أنّ هناك معارضة في سوريا وهي غير مستهدفة من قبل النظام، ولا يمارس عليها أيّ نوع من أنواع العنف. بل على العكس، هي تجوب الشوارع آمنة مطمئنة، ليبعث رسالة مفادها أن لا مشكلة لديه مع المعارضة المدنيّة العلمانيّة، ولاسيّما أنها تنتمي إلى الأقليّات، بل مشكلته مع إرهاب الأكثريّة السنيّة.

ويبدو ان محافظة السويداء قد تشهد في الفترة القادمة المزيد من التوتر، لأنّ النظام بدأ يلوّح بالعصا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها