السبت 2016/04/30

آخر تحديث: 13:19 (بيروت)

حلب تتأهب للحصار.. والمقاومة

السبت 2016/04/30
حلب تتأهب للحصار.. والمقاومة
المليشيات والتنظيمات المسلحة، باتت تنتظر نهاية حملة التهجير في المدينة، لتبدأ بتنفيذ مهامها، والإنقضاض على المعارضة (خالد الخطيب)
increase حجم الخط decrease
بهدف إحكام حصار الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام في مدينة حلب، يتواصل تهجير المدنيين، الذي بدأ الخميس الماضي. ويتم ذلك عبر القصف الجوي والمدفعي والصاروخي، وتكاد الطائرات الحربية والمروحية لا تفارق الأجواء، وهي تلقي ببراميلها المتفجرة والصواريخ الفراغية على التجمعات السكنية والخدمية.

وفي ريف حلب الشمالي، تشهد العمليات الهجومية لـ"الدولة الإسلامية" و"وحدات حماية الشعب" الكردية، ضد المعارضة المسلحة، تناغماً مرعباً، حقق مزيداً من الضغط على المعارضة واستنزفها بشكل كبير. "الدولة" و"الوحدات" باتا يهددان آخر معقلين رئيسيين للمعارضة في الريف الشمالي؛ مارع وإعزاز.

وفي ريف حلب الجنوبي، تبدو قوات النظام ومليشيات "الحرس الثوري" وقوات عسكرية إيرانية نظامية، ومليشيا "حزب الله" والمليشيات متعددة الجنسيات الأفغانية والباكستانية والعراقية، جاهزة لأي تحرك عسكري يحقق مزيداً من المكاسب على الأرض، بهدف حصار المدينة من الجنوب، وتقطيع أوصالها.

وعلى المدخل الشمالي للمدينة، والذي يصل الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة بالريف، عبر الكاستيلو، تتخذ "وحدات الحماية" الكردية من حي الشيخ مقصود المطل على مدخل المدينة، معقلاً لها، وتبدو مستعدة وفي جاهزية كاملة للبدء في معركة الحصار، وتنتظر الإشارة من رأس الحربة المتقدم لقوات النظام والمليشيات بالقرب من منطقة الملاح وتل مصيبين، القريبتين من الكاستللو والمطلتين عليه من الجهة الشرقية.

وعلى جبهات أحياء مدينة حلب الغربية؛ حلب الجديدة، وجمعية الزهراء وضاحية الأسد، عادت قوات النظام وعززت تواجدها هناك، وسلمت قطاعات بأكملها لمليشيا "حركة النجباء" العراقية ومليشيا "حزب الله" اللبناني، كقطاعات هجومية يمكنها التحكم وإعاقة طرق امداد المعارضة القادمة من ريف حلب الغربي وإدلب، أو إشغالها على الأقل في حال بدأت المعركة الكبرى.

وثبتت قوات النظام قواعد مدفعية وصاروخية، روسية جديدة، على كامل جبهات حلب، وفي كلية المدفعية والحمدانية وحلب الجديدة وعلى مشارف الكاستللو، خاصة في القطاعات التي تتولى التأمين وضرب الخطوط الخلفية للمعارضة، وتبقى بمنأى عن نيرانها الثقيلة.





ولم يعد مستغرباً، أن كل القوى والمليشيات والتنظيمات المسلحة، باتت تنتظر نهاية حملة التهجير في المدينة، لتبدأ بتنفيذ مهامها الموكلة إليه، والانقضاض على المعارضة. تنظيم "داعش"، و"وحدات الحماية" الكردية، سيتشاركان بدورهما في مهاجمة المعارضة. فالمشهد القادم يبدو مألوفاً مقارنة بما جرى مطلع شباط/فبراير حين شنّ الجميع، بمن فيهم "الدولة" والـ"وحدات"، هجماتهم ضد المعارضة في حلب وحققوا مكاسب على حسابها، بعد حصارها في مناطق جغرافية محدودة مقطعة الأوصال، وكان ذلك بتغطية ورعاية روسية جوية أمنت لكل هذه القوى والمليشيات تقدمها لسحق المعارضة وضرب امداداتها.

ويركز الطيران الحربي والمروحي من قصفه للأحياء التي لا تزال تحتفظ بنسبة من سكانها الذين لم يغادروا المدينة، بعد حملة التهجير الأولى في العام 2014، والذي سمي بعام "البراميل المتفجرة". الحملة الأولى تسببت بتهجير أكثر من مليون مدني، من أحياء حلب الشرقية والشمالية الشرقية، خاصة من مساكن هنانو والأرض الحمرة والسكن الشبابي والحيدرية والصاخور والشعار والمرجة وبعيدين، وغيرها من الأحياء القريبة من جبهات القتال حينها في مطاري حلب الدولي والنيرب و"اللواء 80".

وبدأت فعلياً الحملة الشرسة التي يشنها النظام في حلب تحقق الأهداف التي قامت لأجلها، بعد تسعة أيام من الاستهداف العنيف للأسواق والتجمعات السكنية المكتظة والمشافي والمستوصفات الصحية والأفران، وغيرها من المرافق الخدمية العامة. وباتت الغارات الجوية تستثني من قصفها طريق الكاستللو لتسرّع من هروب المدنيين وإفراغ المدينة.

وبلغت حصيلة الغارات التي شنها الطيران 400 غارة بعضها طال الريفين الغربي والشمالي، وقصفت الأحياء المستهدفة بأكثر من 150 قذيفة صاروخية، عدد كبير منها من نوع "فيل" واسع التدمير.

وتجاوز عدد القتلى في صفوف المدنيين خلال الحملة 200 شخص، أكثر من نصفهم نساء وأطفال، وجرح وأصيب قرابة 500 مدني معظم الإصابات خطرة وتسببت بإعاقات دائمة. وعلى خلفية المجازر المروعة، بدأ المدنيون تدريجياً مغادرة المدينة من أحياء بستان القصر والكلاسة والصالحين والسكري وباب النيرب وحلب القديمة وطريق الباب، باتجاه ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي ومدينة إدلب، وإلى المناطق الحدودية مع تركيا.

وبرغم موقف المعارضة الحلبية الذي يزداد صعوبة يوماً بعد يوم، وفي ظل تجمهر مخيف للقوى التي تنتظر اللحظة الحاسمة لتنقض عليها في المدينة والريف على حد سواء، إلا أنها غير مستسلمة لمصير يرسمه النظام وحلفاؤه في حشد المليشيات الواسع، ولإرادة دولية تتزعمها روسيا والولايات المتحدة الأميركية اللتان اتفقتا أخيراً على تحييد حلب من أي وقف لإطلاق النار وتركها لمصيرها.

وبرغم صمتها وردود فعلها المتواضعة، على حملتي الإبادة والتهجير اللتين تتعرض لهما وحواضنها الاجتماعية، تبدو المعارضة مدركة تماماً مرارة المرحلة القادمة حين إعلان الحرب البرية ضدها في مختلف الجبهات، والعمل بشكل رسمي على حصارها في مناطق سيطرتها في المدينة وتقطيع جديد لأوصال سيطرتها الجغرافية. مرحلة تحضر لها المعارضة بكل امكاناتها، وتضع نصب أعينها أن النتائج المترتبة هي أن تكون أو لا تكون.

المتحدث الرسمي باسم "حركة نور الدين زنكي" النقيب عبدالسلام عبدالرزاق، بدا غير متخوف إزاء الحملة الجوية العنيفة التي تطال حلب، مؤكداً أن النظام يحاول إظهار قوته باستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين والانتقام بسبب فشله عسكرياً خلال محاولاته العسكرية المتكررة التي شنها في وقت سابق مطلع العام لحصار حلب.

وأوضح النقيب عبدالرزاق في حديثه لـ"المدن"، أن النظام غير قادر على شن عمل عسكري كبير في حلب، وهو يحاول بث الإشاعات في إطار الحرب الاعلامية، لا بل هو متخوف من عمل مضاد من قوات المعارضة على مناطق سيطرته في حلب، والقصف العنيف على حلب هو محاولة إحباط أي عمل من هذا القبيل وأسلوب ردع استباقي.

وأشار النقيب عبدالرزاق إلى أن المعارضة قادرة على التصدي للنظام ومليشياته، لو بدأت المعركة التي يتحدثون عنها، بهدف حصار المدينة. وقال: "نحن قادرون على الدفاع عن أنفسنا، ومنع سقوط حلب في أيدي النظام، برغم الحصار الخانق ووقف الدعم العسكري منذ بداية الهدنة عن كافة فصائل الثورة".  وأضاف: "نحن نقاتل للدفاع عن شعبنا وأهداف ثورتنا النبيلة، وهذا هو السلاح الأكثر فعالية الذي بأيدينا منذ بداية الثورة وهو الرهان الرابح".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها