الجمعة 2016/04/01

آخر تحديث: 15:13 (بيروت)

قوات النظام تستولي على تدمر وتنهبها

الجمعة 2016/04/01
قوات النظام تستولي على تدمر وتنهبها
صورة لـ"سوق السنة" وثّقها نشطاء بشكل مخفي في حي عكرمة عام 2013 (ارشيف)
increase حجم الخط decrease
ما أن عادت مدينة تدمر في محافظة حمص، إلى الهدوء، بعد القصف الذي استمر على مدار ثلاثة أسابيع، حتى شهدت فصلاً جديداً من الانتهاكات بحق أهالي المدينة. فبعد استيلاء قوات النظام على المدينة وطردها تنظيم "الدولة الإسلامية" منها في 27 أذار/مارس، راقب سكان المدينة من مخيمات نزوحهم شوارع مدينتهم وهي تستباح بعمليات النهب والسرقة.

تحولت المدينة وأحياؤها إلى "كعكة كبيرة" تقاسمتها المليشيات الموالية للنظام؛ فاستولت كل مليشيا على عدد من شوارع المدينة كـ"غنيمة" لها من ممتلكات الناس الخاصة. وأقدمت مليشيات "الدفاع الوطني" و"مغاوير البحر" و"صقور الصحراء"، على سلب وسرقة ممتلكات الأهالي الذين فروا نازحين إلى المناطق الحدودية مع تركيا شمالاً والأردن جنوباً. ونقلت المليشيات المسروقات إلى خارج تدمر عبر الشاحنات، وجُمّعت على طريق تدمر-حمص، قبل أن تعرض وتباع إلى تجار الأثاث، الذين أقاموا "سوق السنّة"، ثمّ نُقلت المنهوبات بعد ذلك إلى مدينة حمص.

وشهد "سوق السنّة" انتعاشاً بعد تزويده بالمسروقات القادمة من تدمر، خاصة في حي الزهراء ذي الغالبية العلوية في مدينة حمص، حيث عاد تجار هذا السوق لعرض المسروقات وبيعها. وذكر مدني مقيم على طريق "الستين" في مدينة حمص، على مدخل حي الزهراء، بأن أهالي الحي "استقبلوا بفرح وتهليل للجيش السوري والرئيس الأسد، 6 شاحنات تحمل مسروقات، فضلاً عن عبور شاحنات متتالية بين الحين والأخر". وأضاف قائلاً: "لقد سمعت أبشع الأقاويل بحق تدمر وساكنيها من قبل عناصر الدفاع الوطني، وكأن المدينة ليست مدينة سورية، أو لم تكن مقصداً لهم قبل الثورة".

وكان "سوق السنّة" في حمص، قد ظهر في مطلع العام 2012، مع بداية اقتحام قوات النظام لأحياء مدينة حمص المعارضة. وأطلقت تلك التسمية على أمكنة بيع المسروقات من أحياء حمص القديمة. وظهر السوق لأول مرة في حي عكرمة قرب دوار النزهة، ثمّ امتد إلى حي الزهراء.

وأشار مصدر خاص مقرب من "مجلس محافظة حمص"، لـ"المدن"، إلى أن قضية النهب والسرقة حجر يريد منه النظام ضرب عصفورين معاً؛ الأول كمكافأة و"غنيمة حرب" للمليشيات الطائفية، والثاني يُدرجُ ضمن خطة ممنهجة لتهجير المدنيين وضمان عدم عودتهم إلى تدمر مرة أخرى. وقال المصدر إن هناك منازل دمرت بعد دخول قوات النظام إلى تدمر، بغاية إحداث أكبر ضرر للمدينة، وتصوير الهدم على أنه نتيجة الألغام التي تركها تنظيم "الدولة" خلفه.

عملية النهب والسرقة للمناطق المعارضة المتمردة ضد النظام كانت عشوائية ومفتوحة أمام عموم المقاتلين المؤيدين، قبل أن تتحول إلى تجارة يقوم فيها الضباط المتنفذون في قوات النظام بإجراء "مناقصات" يفوز بحق استثمار "نهبها" تجار موالون مقابل مبالغ مادية كبيرة. ومن حق متعهدي النهب استخراج كل شيء من الأثاث إلى كابلات الكهرباء إلى رخام المنازل. والعملية فعلياً هي مصادرة للملكيات الخاصة، تمارسها "الدولة السورية" ضد المنتفضين عليها.

اليوم تحولت مدينة تدمر، بعد "تحريرها" إلى مزرعة تُضمّن/تؤجر عند موعد حصادها. فقد أقدم قادة المليشيات على تضمين المدينة لتجار حرب، عملوا على تشكيل ورشات حدادة ونجارة دخلت المدينة، وفككتها، من أبواب المنازل والنوافذ، إلى صنابير المياه، ونقلتها للبيع في أحياء الموالين الفقيرة.

ولم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد، بل أعدمت قوات النظام عدداً من المسنين وأسرت العشرات من الذين رفضوا الخروج من المدينة. وقال أحد أبناء المدينة، محمد حسن الحمصي، لـ"المدن"، إن هذه الأعمال "تحمل رسالة لنا مفادها هذا مصيركم إن عدتم"، وذلك في إطار إكمال سياسة التهجير وتفريغ المدينة من سكانها الأصليين.

وكان محافظ حمص طلال البرازي، قد قال إن أضراراً كبيرة قد لحقت بالبنية التحتية في تدمر، وسيتم ترميمها بعد الانتهاء من إزالة الألغام. وأضاف البرازي بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، أن المدنيين المهجرين سيعودون للمدينة خلال وقت قريب. البرازي كان قد أعطى وعوداً مماثلة، قبل عامين، حول عودة أهالي مدينة حمص القديمة والخالدية إلى منازلهم، خلال وقت قريب، إلا أن هذا الأمر لم يحدث حتى الآن.

ويرى سكان تدمر أن تنظيم "الدولة الإسلامية" عمل مع النظام على تهجير أهل المدينة، منذ سيطرته عليها منتصف العام 2015، فهاجر المئات من المدنيين إلى مناطق أخرى. بالإضافة إلى انتهاكات التنظيم بحق المدنيين، في ظل تعتيم إعلامي شهدته تدمر خلال سيطرته عليها. وأكمل التنظيم "خدماته" للنظام بإعطاء أوامر للمدنيين بمغادرة المدينة قبل يومين من سقوطها بيد قوات النظام وحلفائها، عبر مكبرات الصوت.

وكانت مدينة تدمر الأثرية بعيدة عن الصراع والمعارك في سوريا خلال السنوات الماضية قبل أن تسقط بيد تنظيم "الدولة الإسلامية" بشكل مفاجئ العام الماضي، ليستعيدها النظام مرة أخرى عقب حملة عسكرية بدعم روسي وإيراني، استمرت لثلاثة أسابيع.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها