الثلاثاء 2016/12/27

آخر تحديث: 15:27 (بيروت)

النظام والمليشيات يعدوّن لمعركة غربي حلب

الثلاثاء 2016/12/27
النظام والمليشيات يعدوّن لمعركة غربي حلب
لا تبدو المعارضة في حال جيدة لكي تتصدى للهجوم المتوقع الذي سوف تشنه المليشيات في أي لحظة (خالد الخطيب)
increase حجم الخط decrease
اقتربت عمليات التمشيط التي تقوم بها مليشيات النظام في الأحياء التي أخرجت منها المعارضة مؤخراً، من نهايتها. وواجهت المليشيات صعوبات كبيرة أثناء عمليات التمشيط، بسبب كثرة الألغام، خصوصاً في المناطق التي كانت خطوط اشتباك، في أحياء العامرية وسيف الدولة وصلاح الدين، وهي جبهات تقليدية كانت المعارضة قد حصنتها بخطوط دفاعية تعتمد بشكل أساس على تلغيم المباني والأنفاق والخنادق، كما فخخت المعارضة قبل خروجها مخازن الأسلحة التي تعذر إخراجها ضمن اتفاق إخلاء حلب الشرقية، ما تسبب في مقتل العشرات من المليشيات.

وتمنع مليشيات النظام المدنيين من العودة إلى أحيائهم، رغم انتهاء عمليات "التمشيط والتأمين". وينتظر آلاف المدنيين فرصة العودة إلى منازلهم التي غادروها باتجاه مناطق سيطرة النظام في حلب الغربية، بسبب الحملة العسكرية التي شنتها مليشيات "حزب الله" اللبناني و"النجباء" العراقية والأفغان و"الحرس الثوري" الإيراني والقوات الخاصة الروسية، والتي تسببت بتهجير عشرات آلاف المدنيين، وقتل وجرح الآلاف منهم، وتدمير أجزاء واسعة من  أحيائهم السكنية.

وتعرضت الأحياء التي سيطرت عليها المليشيات حديثاً عمليات نهب واسعة، طالت المحال التجارية والمستودعات والبيوت، ونهبت المؤسسات والمكاتب والجمعيات التي كانت تشغلها المعارضة داخل المدينة. وأعدمت المليشيات عدداً كبيراً من الأشخاص في منازلهم لرفضهم الخروج منها، واعتقلت بعضهم، وأجبرت جميع العائلات التي لم تغادر مع المعارضة إلى خارج المدينة بالنزوح عن منازلهم باتجاه مناطق وأحياء أخرى شرقاً.

وبدأت المليشيات تعيد انتشارها من جديد في حلب، بالتزامن مع نهاية العمليات العسكرية داخل المدينة، وإحكام سيطرتها الكاملة على الأحياء الشرقية. وتركز المليشيات انتشارها في الجبهات الغربية في البحوث العلمية ومدرسة الحكمة، والشمالية الغربية في جمعية الزهراء، وتتخذ من المدارس العسكرية في الراموسة مقراً للعمليات وقاعدة اطلاق مدفعي وصاروخي متقدمة.

وحوّلت المليشيات الكثير من عتادها الحربي الثقيل الذي كان في منطقة المطار و"اللواء 80" والمدينة الصناعية، شرق وشمال شرقي مدينة حلب إلى الجبهات الغربية. ونصبت المدافع وقواعد الصواريخ في المدارس العسكرية ومدرسة الحكمة والاكاديمية العسكرية، وتم تحويل قسم كبير منها إلى بلدة الحاضر، التي شهدت بدورها قدوم تعزيزات كبيرة من مليشيات "النجباء" العراقية و"حزب الله" اللبناني و"الحرس الثوري" الإيراني.

الحشود العسكرية للمليشيات لم تقتصر على بلدة الحاضر في ريف حلب الجنوبي، بل توزعت على كامل خطوط القتال هناك، في تليلات وجبل الأربعين والعزيزية وتلتي البكارة والبنجيرة وأبو رويل والسابقية والعامرية، وهي جميعها قرى وبلدات تعتبر خطوط قتال متقدمة في مواجهة المعارضة على الجانب الشرقي من طريق حلب-دمشق الدولي، وإلى الشمال والجنوب من بلدة الحاضر التي تعتبر مقراً لعمليات المليشيات.

مليشيات النظام تُحضر لمعركة كبيرة في الضواحي القريبة من المدينة، والهدف الأبرز للعملية هو تأمين الأحياء الغربية من قصف المعارضة، وإبعادها قدر المستطاع عن محيطها بحيث لا يمكن لقذائف الهاون والصواريخ محلية الصنع الوصول إلى أهدافها في أحياء حلب الجديدة والحمدانية وجمعية الزهراء والمدارس العسكرية، التي استهدفتها المعارضة باستمرار خلال الفترة الماضية، باعتبارها مواقع عسكرية تتمركز فيها المليشيات بكثافة.

وتتوقع المعارضة المسلحة أن يشمل هجوم المليشيات القادم كلاً من مناطق الراشدين الخامسة والرابعة والشمالية، والمنصورة وسوق الجبس، وهي مناطق ومواقع ملاصقة للأحياء الغربية تسيطر عليها المعارضة وتتمتع فيها بتواجد عسكري جيد يمكنها عادة من شنّ هجمات متواصلة ضد المليشيات واستهدافها بالمدفعية والصواريخ.

المليشيات تمهد منذ أسبوع تقريباً في الجبهات الغربية، وتقصف بالمدفعية والصواريخ مناطق وبلدات كفرناها وخان العسل والمنصورة والراشدين وسوق الجبس والجمعيات السكنية القريبة، كما تشهد المناطق نفسها قصفاً جوياً روسياً بمعدل يومي يتجاوز 20 غارة تستهدف مقار ومواقع المعارضة العسكرية، ومخازن أسلحتها وخطوط امدادها، كما تستهدف مدن وبلدات قريبة، وتتسبب بمقتل وجرح مدنيين.

ولدى المليشيات حيز كبير للمناورة والإشغال، وهي تعمل على حشد المزيد من عناصرها وعتادها الحربي في جبهات الضواحي الجنوبية في الحاضر ومحيطها، وفي الجبهات الشمالية في الملاح وجمعية الزهراء والخالدية وبني زيد، وهي جبهات اسناد للمحور الرئيسي الغربي. ويهدف العمل على تلك المحاور بالتزامن مع العملية العسكرية غرباً، إلى تشتيت جهد المعارضة المسلحة التي ستكون في مواجهة جبهة طويلة تمتد لأكثر من خمسين كيلومتراً.

المليشيات لديها القدرة العددية والحربية التي تمكنها من تحويل الجبهات الثانوية في أي لحظة إلى محاور رئيسية للتقدم البري، والسيطرة على مواقع المعارضة. ففي ريف حلب الجنوبي هناك هدف دسم وهو بلدة العيس وتلتها الاستراتيجية التي لم تتمكن من الحفاظ عليها في وقت سابق، وإذا ما تمكنت من إعادة السيطرة على البلدة وتلتها فإن حلمها القديم بالوصول إلى الطريق الدولي وقطعه بهدف التوغل في ريفي إدلب وحلب الغربي سوف يصبح واقعاً.

كذلك لا تقل الجبهات الشمالية والشمالية الغربية أهمية عن جبهات الجنوب، حيث تتواجد مليشيات "حزب الله" و"الحرس الثوري" المتمركزة في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب الشمالي، وفي الجبهات التي تطوق حريتان وعندان وبيانون وحيان، على جانبي طريق الكاستيللو قبل قطعه، وتتمتع هناك بمساندة برية من قبل "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تتمركز في أكثر من موقع ومنطقة في الريف والمدينة وهي مواقع تشرف بشكل مباشر على مناطق المعارضة المسلحة شمالاً.

ربما تباشر المليشيات عملياتها العسكرية في ضواحي حلب الغربية قريباً، ومن الممكن أن يكون هجومها البري المتوقع كاسحاً في حال اشتراك المقاتلات الحربية الروسية في المعركة، وتوفيرها للغطاء الناري الجوي الكثيف الذي يعد العامل الأبرز في حسم المعركة لصالح النظام ومليشياته.

وفي المقابل، لا تبدو المعارضة في حال جيدة لكي تتصدى للهجوم المتوقع الذي سوف تشنه المليشيات في أي لحظة. فالمعارضة بكل أطيافها ما تزال مصدومة من خسارة مواقعها في المدينة، ومنشغلة للغاية بتبعات التهجير وانتقال الآلاف من مقاتليها نحو إدلب وريف حلب الغربي. المعارضة اليوم بحاجة لترتيب جديد لصفوفها لمواجهة الخطر القادم، ومحاولة التمدد الجديد الذي تسعى المليشيات لتحويله إلى واقع، مستفيدة من حالة الفوضى التي تعاني منها المعارضة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها