الثلاثاء 2016/12/20

آخر تحديث: 13:05 (بيروت)

حلب الشرقية.. خالية من أهلها ومقاتليها

الثلاثاء 2016/12/20
حلب الشرقية.. خالية من أهلها ومقاتليها
الأطفال الخمسين كانوا بلا أي معيل حيث فقدوا كل عائلاتهم خلال الفترة الماضية في القصف الجوي (AMC)
increase حجم الخط decrease
تسير عمليات تهجير ما تبقى من المدنيين، والمقاتلين في أحياء شرق حلب، بشكل سلس لليوم الثاني، بعدما بدأ تنفيذ الاتفاق النهائي الذي لبت فيه المعارضة المسلحة مطالب مليشيات النظام بخصوص إدخال ملف بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في ريف إدلب على الاتفاق، وتحسين شروطه بحيث يشمل 4 آلاف شخص من أهالي البلدتين من المدنيين والمرضى.

وتأخر العمل في الاتفاق النهائي بين المعارضة والنظام الذي تم التوصل إليه ليل السبت/الأحد، بعدما أقدمت مجموعات مسلحة تابعة لـ"جبهة فتح الشام" و"جند الأقصى" وعناصر من فصائل مختلفة من أبناء المناطق القريبة من بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، على إحراق عدد من الحافلات التي كان من المفترض أن تدخل إلى البلدتين. وكانت كلفة هذا السلوك كبيرة على أكثر من 1000 من المحاصرين في حلب الذين بقوا لأكثر من 17 ساعة وهم على متن حافلات الترحيل ضمن مناطق سيطرة النظام، وهم أطفال ونساء وجرحى كانوا بحاجة للماء والطعام. فالمليشيات الإيرانية منعتهم من الخروج إلى الحمامات أو مغادرة حافلاتهم، خصوصاً وأن الحادثة تزامنت مع توجه الدفعة الأولى من مدنيي حلب باتجاه الريف الغربي في منطقة الراشدين، وعلق المهجرون كل هذه المدة بانتظار "رحمة" المليشيات التي عرقلت المرور رداً على عرقلة عمليات إخراج أهالي بلدتي كفريا والفوعة.

قائد "غرفة عمليات الراشدين" النقيب أمين ملحيس، والذي يشرف بشكل مباشر على استقبال المهجرين من حلب، والواصلين إلى أولى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة غربي المدينة، قال لـ"المدن" إن عمليات خروج المحاصرين تستمر بشكل سلس ومن دون أي عراقيل تذكر، كما أن مرور الدفعات سريع جداً بالمقارنة مع الدفعات الماضية التي كانت تتأخر حتى تصل وجهتها خارج المدينة بسبب انتشار الحواجز التابعة للمليشيات وتفتيشها الدقيق، وأوضح أنه إذا بقيت الأمور كما هي عليه الآن من سرعة وتسهيل فإن الانتهاء من العملية سيكون خلال الساعات القادمة.

النقيب ملحيس أكد أن أكثر من 150 حافلة وصلت إلى منطقة الراشدين منذ بدء العمل في الاتفاق النهائي قبل 36 ساعة، ووصل قرابة 18 ألف محاصر يضافون إلى أكثر من 10 آلاف كانوا قد خرجوا في وقت سابق مع بدء تنفيذ الاتفاق بصيغته الأولى. ما يعني أن 30 ألفاً من المعارضة المسلحة والمدنيين على الأقل قد خرجوا فعلياً من الأحياء المحاصرة في القسم الشرقي من مدينة حلب حتى الآن.

وأشار ملحيس إلى أن المعارضة المسلحة، والمؤسسات الإغاثية والخيرية والمجالس المحلية في ريف حلب الغربي وريف إدلب القريب من حلب، تبدي تفاعلاً جيداً مع أزمة المهجرين، خصوصاً أن أعدادهم كبيرة ويحتاجون إلى كل شيء. فالمُهجّرون خرجوا بثيابهم التي يرتدونها فقط، ولم يأخذوا أي شيء من أمتعتهم وممتلكاتهم الخاصة.

وأكد ملحيس أن خروج المهجرين من حلب تزامن بشكل متواصل مع خروج دفعات جديدة من بلدتي كفريا والفوعة، وستكون الدفعة الأخيرة من القادمين من كفريا والفوعة مع خروج الدفعة الأخيرة من مهجري الأحياء المحاصرة في حلب. والعمل بهده الطريقة، وفق النقيب ملحيس، حافظ على ضمان سلامة القوافل ومنع عرقلتها.

ويتم نقل المهجرين كمرحلة ثانية، انطلاقاً من منطقة الراشدين نحو وجهتين رئيسيتين؛ الأولى مركز استقبال مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، والثانية نحو المعمل الأزرق في منطقة باب الهوى. كما أن أعداداً كبيرة منهم يتم استقبالهم من قبل أقاربهم فور وصولهم إلى الراشدين. وقبل كل ذلك يتم توزيع وجبة طعام وماء لكل شخص، بالإضافة للألبسة الشتوية، وتنقل الحالات المرضية مباشرة إلى مشافي ادلب ومشفى عقربات.

مدير المكتب الإعلامي في مدينة دارة عزة، في ريف حلب الغربي أكد لـ"المدن"، أن مدن وبلدات ريف حلب الغربي من بينها دارة عزة استقبلت أكثر من 15 ألف مهجر، تم اسكانهم في منازل خالية من سكانها، وفي مبان مهيأة مسبقاً، وتوزع العدد الباقي في مناطق ادلب وريفها.

وتوفي ثلاثة مدنيين محاصرين في حلب، وطفل وليد، الإثنين/الثلاثاء، اثنان منهم عند معبر العامرية بسبب البرد، وسوء التغذية، وآخر كبير في السن توفي أثناء انتظار الحافلات لإذن الخروج من مناطق سيطرة النظام في المدينة باتجاه ريف حلب الغربي، أما الطفل فقد توفي بعد ولادته بساعات في الأحياء المحاصرة بعدما تم إجراء عملية ولادة قيصرية لأمه.

وخرج مع الدفعات الأخيرة من المحاصرين، الاثنين، قرابة 50 طفلاً كانوا في دار أيتام في الأحياء المحاصرة، كثيرون منهم يعانون من سوء ونقص التغذية، تم استقبالهم في منطقة الراشدين من قبل جهات وجمعيات محلية. الأطفال الـ50 ليسوا الأيتام الوحيدين الخارجين من أحياء المعارضة في حلب، بل هناك آلاف الأطفال الأيتام ممن فقدوا أحد أبويهم في القصف الجوي والمدفعي والصاروخي من قبل النظام وحلفائه. لكن هؤلاء الأطفال الخمسين كانوا بلا أي معيل حيث فقدوا كل عائلاتهم خلال الفترة الماضية في القصف الجوي.

استمرار خروج الأطفال والحالات المرضية والجرحى والمصابين من الأحياء المحاصرة في حلب في الدفعات الأخيرة، يدحض ما ادعته بعض أطراف المعارضة التي قالت إنها أعطت الأولوية للمدنيين وذوي الحاجات الخاصة من المرضى والأطفال ليكونوا في الدفعات الأولى أثناء الخروج. كثيرون من المقاتلين تنافسوا مع المدنيين للخروج أولاً.

هي ساعات ويطوى ملف المهجرين الحلبيين العالقين بين فكي كماشة النظام والمليشيات الحليفة له في حلب، ضمن مربع الأحياء الأربعة التي ستنضم أخيراً لمجموع الأحياء التي يتجاوز عددها السبعين والتي تمددت إليها المليشيات خلال الفترة الماضية. الدفعات الأخيرة من المحاصرين في طريقها للخروج. وربما ستكون هذه الليلة الأولى لحلب المدينة من دون أي وجود للمعارضة فيها. فالمليشيات ستحكم قبضتها على كامل المدينة إلى أجل غير مسمى.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها