الثلاثاء 2016/12/13

آخر تحديث: 14:56 (بيروت)

النظام يواصل اجتياح حلب.. بالمجازر

الثلاثاء 2016/12/13
النظام يواصل اجتياح حلب.. بالمجازر
الغارات الجوية بالصواريخ، والبراميل المتفجرة، لاحقت المدنيين الفارين من منازلهم نحو مواقع المعارضة غرباً (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تواصل مليشيات النظام من "الحرس الثوري" الإيراني و"حزب الله" اللبناني و"حركة النجباء" العراقية والمليشيات الأفغانية والباكستانية و"القوات الخاصة" الروسية، اجتياح ما تبقى من الأحياء تحت سيطرة المعارضة في حلب الشرقية المُحاصرة، مُتبعة سياسة الأرض المحروقة.

وتمكنت المليشيات خلال الساعات الـ24 الماضية من السيطرة على كامل الأحياء جنوبي القلعة التاريخية؛ العقبة والجلوم والجامع الأموي والكلاسة، والأجزاء المتبقية من حيي المعادي وباب المقام. وجاءت سيطرت المليشيات على كامل محيط القلعة من الأطراف الجنوبية، بعدما قطعت طرق إمداد المعارضة، في ظل تقدمها والتفافها على مواقعها من الخلف. الأمر الذي دفع المعارضة للانسحاب تدريجياً نحو الأحياء الواقعة في الجنوب الغربي في الأنصاري والمشهد.

وواصلت المليشيات زحفها نحو مواقع المعارضة في حيي الفردوس وبستان القصر، والأجزاء المتبقية من كرم الدعدع وكرم النزهة، والتي هاجمتها من ثلاثة محاور؛ من الشرق والشمال والجنوب. وتمكنت خلال ساعات قليلة من المعارك والاشتباكات المباشرة من فرض سيطرتها على الأحياء المستهدفة بشكل كامل، وطردت المعارضة المسلحة إلى الضفة الغربية لنهر قويق، وأطراف عقدة جسر الحج.



المليشيات دمرت بشكل شبه كامل الأحياء التي تقدمت فيها، بعدما استهدفتها بآلاف القذائف المدفعية والصاروخية، والهاون، وصواريخ أرض-أرض من نوع "فيل" محلية الصنع، بالإضافة إلى الغارات المتواصلة من المقاتلات الحربية الروسية ومروحي البراميل، والتي استهدفت بشكل مباشر مستودعات ومقرات المعارضة وتجمعات مقاتليها، ما تسبب في مقتل العشرات منهم وجرح آخرين باتوا في عداد القتلى في ظل انعدام المشافي والمستوصفات، والشلل التام في القطاع الطبي.

الغارات الجوية بالصواريخ، والبراميل المتفجرة، لاحقت المدنيين الفارين من منازلهم نحو مواقع المعارضة غرباً، أو نحو مواقع المليشيات. ولقيت عشرات العائلات مصرعها أثناء فرارها، من نساء وأطفال وشيوخ بقيت جثثهم في الشوارع، وآخرين غطت أجسادهم أكوام الركام وأنقاض البيوت المهدمة ولم يجدوا من ينتشلهم. الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" وفرق الاسعاف السريع غابوا عن المشهد، بسبب فقدان المحروقات بشكل كامل، وخسروا معظم المعدات والسيارات التي كانت في الخدمة لحساب المليشيات التي أحرقتها بوابل نيرانها المتواصلة، كما قتل عدد كبير من المُسعفين في محاولات انقاذ يائسة.

بدت المعارضة المسلحة مستسلمة لهجوم المليشيات الوحشي، ولم يكن بمقدورها حتى حماية مقاتليها، وعائلاتهم من مجازر مروعة ارتكبتها بحقهم المليشيات في الأحياء التي دخلتها. وكان الآلاف من عناصر المليشيات قد انتشروا في كامل الأحياء المسيطر عليها حديثاً؛ في الكلاسة والفردوس وبستان القصر، يمشطون الأبنية والأقبية، والمقار التي تركتها المعارضة خلفها، بحثاً عن المدنيين المختبئين خوفاً من القصف.

واعتقلت المليشيات المئات من المدنيين في أحياء بستان القصر والفردوس والكلاسة، وأحياء محيط القلعة، وأعدمت ميدانياً عشرات العائلات من آل سندة وعجم، وغيرهم من العائلات المعروفة بتأييدها للمعارضة. عائلات بأكملها قتلت على يد المليشيات في مستشفى الحياة، وكانت المعارضة قد أخلته قبل ساعات من تقدم المليشيات نحو الكلاسة، ليتخذه المدنيون ملجأ لهم من القصف، فتحول إلى مقبرة جماعية بعد وصول المليشيات إليه.

القائد العسكري في "جيش المجاهدين" النقيب علاء أحمد، قال لـ"المدن": "في حلب نواجه حشداً واسعاً وبربرياً من المليشيات الطائفية، الآلاف من عناصر مليشيات حزب الله، والحرس الثوري الإيراني، والنجباء العراقية يحاولون اجتياح ما تبقى من أحياء محررة، ويستخدمون المدفعية والصواريخ بكثافة، رشقات ورمايات متواصلة من مرابضها داخل الأحياء المحتلة والتي تشرف على المنطقة المحررة من الجهات الأربع".

وأوضح النقيب أحمد، أن مليشيات النظام ترتكب جرائم بشعة بحق المدنيين في الأحياء التي تسيطر عليها، من قتل على الهوية، وحرق جثث، واعتقالات بالجملة. وإذا لم يتدخل المجتمع الدولي لوقف المجزرة الآن فإن كارثة إنسانية سوف تحدث، المليشيات تنوي حرق المعارضة المسلحة، وكل المدنيين المتواجدين في مناطق سيطرتها في الأحياء الأربعة المتبقية. ويزيد عدد المدنيين عن 100 ألف محاصرين في المشهد والأنصاري والزبدية والسكري.

وأشار النقيب أحمد إلى أن المدنيين المتبقين في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، لا ينوون النزوح بعدما سمعوا ورأوا خلال الساعات الماضية، من قتل، وتصفيات، واعدامات ميدانية بحق العائلات النازحة، على يد المليشيات. والمعارضة الآن تحاول بناء دفاعات وحصون لحماية آلاف المدنيين من مصير مشابه، فالحمل ثقيل جداً في ظل التخاذل والصمت الدولي والعربي إزاء محرقة حلب.

كثيرة هي المجازر التي تؤكد المعارضة وقوعها في الساعات الماضية، من جرائم مروعة ترتكبها مليشيات النظام بحق المعارضة في حلب، بشقيها المدني والعسكري. من جرائم اغتصاب، وذبح بالسكاكين، لنساء وأطفال لم يتمكنوا من مغادرة منازلهم، واعدامات ميدانية لمقاتلين بقوا حتى الرمق الأخير يدافعون عن أحيائهم، ومنازلهم، وعائلاتهم في الكلاسة وبستان القصر والفردوس، ممن تم أسرهم جميعاً وقتلوا على يد المليشيات. وتجاوز عدد الضحايا المدنيين خلال الساعات الـ24 الماضية 200 قتيل، عدد كبير منهم أطفال ونساء، بحسب تقديرات النشطاء.

وباتت المعارضة في حلب وحيدة، بعدما تُرك آلاف العسكريين والمدنيين يواجهون مصيرهم في وجه مليشيات النظام التي تنوي قتل أكبر عدد ممكن من المقاتلين وعائلاتهم. لذلك فالمعارضة تستنفر الآن ما تبقى لديها من قوة بشرية وحربية لوقف حمام الدم، ومنع المليشيات من الوصول إلى معاقلها الأخيرة غربي قويق. وقد تقاسمت الفصائل الجبهات المفتوحة من الجهات الأربع، واعادت انتشار مقاتليها في جبهات ومحاور جديدة، وعززت من تواجدها، في ظل ازدياد عدد المقاتلين بعدما انسحبت أعداد كبيرة منهم من أحياء بستان القصر والكلاسة والفردوس.

من جهة ثانية، قام نشطاء، وفعاليات مدنية بتقاسم أعمال التحصين والتدشيم، وخلق خطوط دفاعية جديدة بعد الانحسار الأخير للمعارضة، وتفرغت مجموعات من المتطوعين  للرباط في المواقع، والمحاور الأقل سخونة، وناشدت الفصائل كل راغب بحمل السلاح التوجه إلى أحد مقارها لأخذ بندقية وذخائر، لحماية نفسه وعائلته. مدنيون وعسكريون باتوا يدافعون عن أنفسهم وعائلاتهم من حقد المليشيات التي تنوي التوغل أكثر، وبسط سيطرتها الكاملة على الأحياء المُحررة وإجبار المقاتلين على تسليم أنفسهم.

وفي ريف حلب، عم الغضب الشعبي معظم أرجاء الضواحي الخاضعة لسيطرة المعارضة، وخرجت عشرات التظاهرات المنددة بتخاذل قادة فصائل المعارضة، محملين إياهم مسؤولية الوضع المأساوي في حلب. وامتدت الاحتجاجات المتضامنة مع حلب إلى الريف الإدلبي، في سرمدا التي شهدت هي الأخرى تظاهرات حاشدة نادت رفعت الشعارات نفسها، ودعت الفصائل على تنوعها للتوجه إلى حلب وفتح معركة جديدة لتخليص المحاصرين.

وفي المقابل، كانت الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام في حلب تشهد احتفالات حاشدة، وحفلات رقص، وتجوّل لسيارات الموالين في الشوارع فرحاً بالانتصارات الأخيرة التي حققتها المليشيات الايرانية والروسية والعراقية واللبنانية، على أشلاء وجثث أقرانهم في القسم الشرقي من المدينة. هناك، في حلب الشرقية، لم يبق شيء سوى أطلال بيوت ومبان تاريخية وحديثة، دمرتها طائرات ومدفعية النظام ومليشياته.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها