الإثنين 2016/12/12

آخر تحديث: 17:00 (بيروت)

مصر: استعراض الثقة والقوة على مشهد الكنيسة الدموي

مصر: استعراض الثقة والقوة على مشهد الكنيسة الدموي
AFP ©
increase حجم الخط decrease

تكشف ردة فعل شباب الأقباط الغاضبة على التفجير الذي استهدف الكنيسة البطرسية المجاورة للكاتدرائية والمقر البابوي، بالهتاف ضد النظام، ومنع وزير الداخلية من دخول الكنيسة، عن تردي العلاقة بين الأقباط والنظام المصري، كما تكشف خطر الالتصاق والتماهي التام بين الكنيسة والنظام.

تفجير الكنيسة البطرسية، صباح الأحد، الذي خلف 24 قتيلاً و50 مصاباً، جاء كحلقة جديدة من سلسلة الدم الذي عاد إلى شوارع مصر مرة أخرى، وبدأ بتصفية أربعة شبان من قبل الداخلية، في أسيوط والقليوبية، بينهم 3 من الذين كانوا في عداد المختفين قسراً منذ شهور. وتلا ذلك تفجيرين استهدفا كميناً وسيارة شرطة في الهرم جنوب الجيزة، وكفر الشيخ شمال الدلتا، خلفا 6 قتلى و6 جرحى.


ومؤخراً توترت العلاقة بين النظام والأقباط على خلفية مصرع بائع قبطي، في أحد أقسام الشرطة، أظهر تشريح جثته تعرضه للتعذيب حتى الموت، فيما قالت الداخلية إنه توفي بشكل طبيعي داخل القسم، بعد مطاردته للقبض عليه بتهمة حيازة المخدرات، ما دفع السلطات إلى محاولة تطويق الأزمة بإحالة ضباط وأمناء شرطة إلى التحقيق، بعدما كشف الطب الشرعي عن تعرض الضحية للتعذيب حتى الموت.


وتطبيقاً للقاعدة "فتش عن المستفيد"، فلا يمكن استبعاد أي سيناريوهات حول تورط النظام بتفجير الكنيسة، أو خصومه كذلك من الحركات التي تتبنى المواجهة العنيفة معه، إلا أن نفي جماعتي "لواء الثورة"، و"حسم" التي أدانت التفجير، المسؤولية عن العملية، وغياب المعلومات الرسمية الشفافة حول حقيقة ما جرى، يضع النظام في خانة المتهم الأول.


وعلى الرغم من إعلان السيسي خلال الجنازة العسكرية لضحايا التفجير، الاثنين، أن العملية من تنفيذ انتحاري يبلغ من العمر 22 عاماً واسمه محمود مصطفى شفيق، إلا أن ذلك ليس مطمئناً كفاية، بالنسبة للمصريين، وللأقباط بشكل خاص، لتصديق رواية الرئيس، الذي قال إن التعرف على الانتحاري جاء بعد جمع أشلائه.


للشكوك ما يؤيدها؛ فوفقاً لما جرى في حادث كنيسة القديسين قبل أسابيع من ثورة يناير/كانون الثاني 2011، عندما استهدفت سيارة مفخخة كنيسة القديسين، مخلفة 23 قتيلاً، لتكشف تقارير إعلامية وأوراق ومستندات تسربت إلى المجال العام عقب اقتحام فروع جهاز أمن الدولة، عن تورط وزير الداخلية في عهد مبارك حبيب العادلي في التفجير.


والمفارقة أنه في الوقت الذي حمل فيه شباب الأقباط على النظام وممثليه وأذرعته الإعلامية، الذين طردوا من أمام الكنيسة وعلى رأسهم أحمد موسى، وريهام سعيد، ولميس الحديدي، إلا أن البابا تواضروس أثنى ووافق على كلام السيسي، بأن ما جرى لم يكن تقصيراً أمنياً، وهو ما يكشف عن هوة بين الأقباط والبابا.


حادث بهذا الحجم، وتأثيراته على الصورة الخارجية لمصر، التي يحاول النظام تسويقها وترويجها خارجياً من أجل جذب السياحة، يستفيد منه أيضاً خصوم النظام بالتأكيد على فشله الأمني، وخسارة رهاناته في تطبيق نظرية "القمع مقابل الأمان" التي اعتمدها السيسي منذ وصوله إلى الحكم.

وبالنظر إلى التوظيف الذي جرى للتفجير في التحريض على معارضي النظام، والمطالبة بالمحاكمات العسكرية، يظهر النظام غير بريء من هذا المشهد، على الأقل في الاستفادة منه، خصوصاً مع تحدث السيسي في كلمته عقب الجنازة بكلام ليس له سياق، عن أن الإجراءات القضائية تكبّل الحكومة لبسط سيطرتها ومنع حوادث مماثلة، داعياً البرلمان والقضاء إلى التعامل بشكل حاسم مع هذا الموضوع، ما يولد قلقاً حقيقياً حول نوايا النظام وخطته الأمنية المقبلة.


ومع احتمال أن يكون للنظام يد في ما حصل، يبرز متهمون آخرون إذا ما وضعت أحداث كثيرة تجري مؤخراً في مصر ضمن مشهد أوسع، مثل أن يكون هذا الاستعراض الدموي داخل الكنيسة جزء من حملة انتخابية مبكرة لأحد خصوم السيسي الذين يتحضرون لانتخابات 2018، أو أن يكون للخلافات على المصالحة بين جماعة الإخوان والنظام دور في ما حصل. لكن ما يبقى مؤكداً أن هذا الحادث سيصبح طي النسيان بعد أسبوع ربما، أو عند أول خطاب يتودد فيه الرئيس لجمهوره.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها