الخميس 2016/11/03

آخر تحديث: 15:19 (بيروت)

معارك "الزنكي" و"فاستقم كما أمرت".. التوقيت القاتل

الخميس 2016/11/03
معارك "الزنكي" و"فاستقم كما أمرت".. التوقيت القاتل
اشتعل فتيل الاقتتال، عقب اعتقال "تجمع فاستقم كما أمرت"، الأربعاء، للقيادي في "حركة نور الدين زنكي" أبو بشير معارة(انترنت)
increase حجم الخط decrease
كادت المعارضة أن تنساق في اقتتال داخلي قبل ساعات من بدء المرحلة الجديدة من معركة فك الحصار، إذ نشب خلاف حاد، بين "حركة نور الدين زنكي" و"كتائب أبو عمارة" من جهة، و"تجمع فاستقم كما أمرت" من جهة ثانية، وتطور الخلاف إلى اشتباكات مسلحة بين الطرفين، بدأت في الأحياء الشرقية المحاصرة وتوسعت لتشمل ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي.

وقد اشتعل فتيل الاقتتال عقب اعتقال "تجمع فاستقم كما أمرت"، الأربعاء، للقيادي في "حركة نور الدين زنكي" أبو بشير معارة، وهو أيضاً أحد قادة "فتح حلب". وكان معارة، برفقة المدعو "بيشمركة" العضو في "تجمع فاستقم" والمطلوب لقيادة "التجمع". وما هي إلا ساعات حتى انتشرت عشرات الحواجز الأمنية للطرفين في شوارع حلب، وشنّ الطرفان حملة اعتقالات واسعة طالت عناصر منهما، وتطور الأمر إلى مداهمة "زنكي" مقرات "فاستقم" ومصادرتها كميات من الذخائر والأسلحة وطردها مقاتليه من مواقعهم. وتدخلت فصائل لحل الخلاف بين الطرفين، من بينها "الجبهة الشامية" و"الفوج الأول". وأعلنت "الجبهة الشامية" إرسالها قوات فض نزاع داخل وخارج المدينة، لكن دعواتها لم تنجح في وقف الاقتتال.

رئيس "المكتب السياسي" في "تجمع فاستقم كما أمرت" زكريا ملاحفجي، قال لـ"المدن"، إن القيادة العامة لـ"التجمع"، أعطت أمراً للشرطة العسكرية، الأربعاء، لاعتقال أحد القادة العسكريين في "التجمع" لمشكلة داخلية، وصدف أن تواجد معه في سيارته "أبو بشير معارة" أحد قادة فصيل "الزنكي". وأكد ملاحفجي أن معارة أصر على الذهاب مع الشرطة العسكرية إلى مقر "التجمع" لحل المشكلة.

وأوضح ملاحفجي، أن "الزنكي" ادعى أن "التجمع" اعتقل أبو بشير معارة، وبدأ يحشد قواته، وكذلك فعل "التجمع"، حتى وصل معارة إلى "الزنكي" ليتأكدوا أنه ليس معتقلاً لدى "التجمع"، و"تنتهي القصة، أو هكذا اعتقدنا". وبعد ساعات، والكلام لملاحفجي، "فوجئنا بتحرك قطع تتبع فصيل الزنكي وفصيل أبو عمارة، وأفراداً من فصيل فتح الشام رغم إنكار قيادته، وبدأوا اقتحام مقرات التجمع التي لا يتواجد فيها إلا الحرس". وبحسب ملاحفجي، فقد كان المُقتحمون يخيّرون الحرس بين الموت أو تسليم سلاح المستودعات، وحينها "تحرك قادة عسكريون بنية فهم ما يحدث وذهبوا دون سلاح أو حشود إلى مقرات الزنكي وأبو عمارة ليتم احتجازهم ولتستمر حملة سرقة مقرات التجمع بكل مافيها".

المتحدث باسم "حركة نور الدين الزنكي" النقيب عبدالسلام عبدالرزاق، قال لـ"المدن"، إن قتال الحركة للتجمع كان بسبب اعتقال التجمع قادة عسكريين بارزين في معارك حلب ولهم بصمات في الثورة. ولم يقبل التجمع بحل القضية، وإطلاق سراح المعتقلين لديه، "فحصلت اشتباكات استشهد فيها قائد عسكري من الزنكي"، وهناك "قادة في التجمع عليهم اشارات استفهام في كثير من القضايا، لكن بسبب وضع حلب كان الامر متروك، والجميع يغض الطرف لأجل حلب فقط".

وأوضح النقيب عبدالسلام أن "الحركة" تعرف مدى حساسية المرحلة، والتوقيت، لكن الموضوع لم يحتمل التأجيل لأن "التجمع" رفض اطلاق سراح القادة. وأكد عبدالسلام أن سبب الخلاف بين "الزنكي" و"التجمع" هو محاولة اغتيال القيادي قائد "كتائب ابو عمارة" مهنا جفالة، وقرار المحكمة بتكليف "الزنكي" بتنفيذ قرراتها. وأكد عبدالسلام أن الهدف ليس تصفية "التجمع" ففيه قامات ثورية مشهود لها "لكن سنطال بالملاحقة فقط الأشخاص المسيئين".

وتتهم "حركة نور الدين الزنكي" و"كتائب أبو عمارة"، قائد "تجمع فاستقم كما أمرت" صقر أبو قتيبة، بتدبير محاولة اغتيال قائد "كتائب أبو عمارة" مهنا جفالة، التي جرت في العام 2015، والتي أسفرت عن خسارة جفالة لأطرافه بعدما انفجرت عبوة ناسفة بسيارته.

رئيس "المكتب السياسي" في "تجمع فاستقم" ملاحفجي، أشار إلى أن بعض مقرات التجمع حوصرت، و"تأخرت القوات التي يفترض أن تفصل الباغين عنا، وادعى الباغون أن تحركهم بسبب قضية على قائد تجمع فاستقم، وعليه فقد قبلنا بمحكمة شرعية للوقوف على حقيقة ادعاء القوات الباغية، وقبل قائد التجمع تسليم نفسه لحركة أحرار الشام تحت حكم اللجنة الشرعية المتفق عليها. فبدأ الباغون يتململون ويشترطون ذهاب قائد التجمع لمقرات فتح الشام، وهذا ما لن نوافق عليه لاشتراك أفراد من فتح الشام بالبغي علينا". ولأن "المحكمة الشرعية والحكم الشرعي، يتطلب مكاناً محايداً، وما زلنا ننتظر ذلك، حتى خرج علينا بعض أعضاء اللجنة القضائية باشتراط ذهاب قائد التجمع لمقر فصيل فتح الشام، وهذا ما لن يحدث".

وطالب ملاحفجي اللجنة القضائية المشكلة بالبدء بقضية القائد العام لـ"التجمع" للانتهاء منها، فيعرف كل ذي حق حقه. ودعا فصائل المدينة إلى التفاعل السريع حتى تضع هذه المشكلة أوزارها، كما أكد أنهم في "تجمع فاستقم" لم ينسحبوا من "نقطة واحدة ترابط على أعداء الثورة من عصابات الأسد والميليشيات الطائفية، وأن قطاعاتنا لم يتحرك فيها المرابطون قيد أنملة عن واجبهم بحماية أهلنا أهل حلب، حتى لنصرة قيادتهم فيما وقع عليها من جور".

ومع ساعات فجر الخميس، قامت هيئة قضائية شُكلت حديثاً لرأب الصدع وحل الخلاف، وتألفت من قضاة وشرعيين من "جبهة فتح الشام" و"حركة أحرار الشام الإسلامية" و"الفوج الأول" و"الجبهة الشامية"، بإصدار بيان تلزم فيه قائد "تجمع فاستقم كما أمرت" بتسليم نفسه للمحكمة، للرد على الاتهامات الموجهة ضده، والمدعومة بشهادات أشخاص لهم صلة بحادثة الاغتيال. وكلّفت "الهيئة القضائية" الفصائل بجلب أبو قتيبة، باعتبارها الضامن للاتفاق، الذي أوقف اطلاق النار بين الطرفين.

ولم تشارك فصائل حلب الأخرى بما فيها "فتح الشام" رسمياً في القتال بين "الزنكي" و"التجمع". ويتمنى الحلبيون أن تغطي معركة "كسر الحصار" التي استأنفت للتو، على سوداوية المشهد الذي خلفه الاقتتال الداخلي بعدما كاد يطيح بآمالهم في فك الحصار، وينسف كل الجهود المبذولة والدماء المراقة على مدى الشهرين اللذين سبقا المعركة والتحضير لها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها