السبت 2016/11/26

آخر تحديث: 08:03 (بيروت)

مسمار سليمان شاه

مسمار سليمان شاه
اسم العملية يعني بالعربية "كش ملك" (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
قبل يومين من إعلان الأركان التركية عن "تقديرها" بأن طائرة سورية هي التي قصفت مجموعة من جنودها في إطار قوات "درع الفرات" ما أدى إلى سقوط ثلاثة وإصابة عشرة من الجنود، نشرت جريدة "يني شفق" القريبة من الحكومة التركية تفاصيل عملية أسمتها: "شاه مات". ويقوم الجيش التركي وفق هذه العملية بالدخول إلى عمق الأراضي السورية جنوبي عين العرب/كوباني لإعادة الضريح إلى مكانه السابق، وحمايته من قبل الجنود الأتراك.

اسم العملية يعني بالعربية "كش ملك". السبب من وراء إدراج الاسم كما يلفظ بالتركية هو كلمة "شاه" لأنها مأخوذة من اسم سليمان شاه، وقبره الذي كان قريباً من ضفة بحيرة الطبقة بعد أن غمرت قبره الأساسي مياه البحيرة. فهو من الناحية القانونية، أي بموجب الاتفاق بين الحكومتين التركية والسورية لعام 1973 يجب أن يكون على ضفة البحيرة قرب قرية قرة قوزاق جنوبي عين العرب/كوباني. وبمعنى آخر، في المنطقة التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد). هذا يعني أن عملية "شاه مات" (كش ملك) العسكرية ستستهدف قوات حزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي.

كانت تركيا قد نقلت ضريح سليمان شاه إلى أشمة إثر اقتراب "داعش" من مكانه، ولكن رئيس الأركان العامة التركية خلوصي أقار، قام بزيارة للقوات التركية على الحدود قبل عملية القصف المتوقع من طائرة سورية واستهدفت القوات التركية بيوم واحد فقط، وتفقد موقع الضريح الأخير داخل الحدود السورية.

لا ندري إن كان الأتراك الذين جلسوا مع الفرنسيين سنة 1921 من أجل انتزاع هذا الجيب داخل الحدود السورية بعد سايكس بيكو لهم هدف معين من الإصرار على اعتبار موقع القبر أرضاً تركية، وتحت سيادة تركيا، أو أنها مجرد فرض رأي والحصول على موقع قدم كما فعل جحا عندما باع بيته، واشترط على المشتري أن يكون المسمار المغروز في الجدار له، وبات يستخدم ذريعة تفقد المسمار ليتدخل في شؤون أسرة صاحب البيت الجديد، وينكِّد عليه عيشته.

بعد أن أعلنت قوات "التحالف الدولي لمحاربة داعش" سحب دعمها لقوات "درع الفرات"، يبدو أن الأتراك بحثوا عن مبرر قانوني يعطيهم موطئ قدم في المنطقة. لأن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الصراع أصبح بين قوات "درع الفرات" من جهة، و"داعش" و"قوات سوريا الديموقراطية" من جهة أخرى. وبإعلان الأركان التركية أن طائرة تابعة للنظام السوري قصفت موقعاً لقواتها ضمن إطار عملية "درع الفرات"، تشير إلى الجبهة المقابلة قد أصبحت تضم النظام السوري إضافة إلى "قسد" و"داعش".

النقطة التي وصلت إليها قوات "درع الفرات" هي نقطة حرجة. فالهجوم على مدينة الباب يتم من محورين، ويمكن في أي لحظة أن تدخل هذه القوات إلى الباب، وتحررها من "داعش". وفيما إذا حصل هذا الأمر ستتجه القوات إلى منبج لإخراج "قسد" كما تقول الحكومة التركية. ومن الممكن أن تصطدم قوات الجيش الحر مع قوات النظام على الشريط المحيط بحلب كما يسرِّب بعض قادته.

المواقف الرسمية التركية الأخيرة تشير إلى أن الحكومة بعد أن حصلت على دعم من حزب "الحركة القومية" في ما تسميه "قانون مكافحة الإرهاب" على الرغم من معارضة الاتحاد الأوروبي، ستذهب في الحرب ضد حزب "العمال الكردستاني" حتى النهاية، ولن تأبه لتحذيرات الاتحاد الأوروبي، وتهديداته، وقرار برلمانه بتعليق مفاوضات انضمام تركيا إليه. وكانت الدول الأوروبية قد ذهبت من قبل إلى أبعد من هذا بإجراءاتها ضد تركيا، ففرضت عليها حظراً لتصدير الأسلحة. ولعل الحشود العسكرية المتأهبة على الحدود السورية التركية أكبر دليل على أن العملية أكبر من طرد "داعش" من شمال حلب.

حزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي يعي هذا الأمر أيضاً، وقد أصدر بياناً قبل أيام بأنه انسحب من منطقة منبج، ولكن بيانات كثيرة أصدرها من قبل تفيد بأنه انسحب، فالأمر عندما يتكرر كثيراً يفقد طعمه، كما حدث مع الراعي الذي كان يدعي في كل مرة أن ذئباً هاجم قطيعه. لذلك لم يأخذ المسؤولون الأتراك الأمر على محمل الجد. وقد اضطرت الإدارة الأميركية إلى تصحيح بياناتها السابقة حول انسحاب حزب "الاتحاد الديموقراطي" إلى غرب الفرات بأن "القيادات فقط هي التي انسحبت".

ضريح سليمان شاه أرض تركية بموجب اتفاقيات دولية، وموقعه المغمور أيضاً يحمل بموجب الاتفاق صفة معنوية، ومن المفروض أن يشار إلى موقعه داخل البحيرة بواسطة طوافة، وتعلق لوحة تذكارية على شاطئ البحيرة تشير إلى المكان.

ومن أجل إنجاز هذه الأعمال ليس أمام القوات التركية سوى الدخول إلى غرب الفرات.

الإدارة الأميركية اليوم تعيش حالة انتقالية، ويبدو أن تركيا لا تتوقع من هذه الإدارة الوقوف ضد قواتها، ومحاربتها، وستستغل هذه الفرصة من أجل تحقيق أكبر مكاسب ممكنة.

ولكن هناك لاعبين دوليين وإقليميين آخرين يهمهم الأمر بشكل مباشر، فهل ستتقبل هذه القوى توسيع التدخل التركي المتنامي أكثر؟

من الممكن أن تكون التسريبات التي نقلتها الصحيفة القريبة من الحكومة تهدف لجس نبض هذه الدول من أجل أن تتخذ مواقفها أو تعد نفسها من أجل ردود الفعل تلك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها