الثلاثاء 2016/11/01

آخر تحديث: 15:03 (بيروت)

بلدات الغوطة الشرقية تسقط كأحجار الدومينو

الثلاثاء 2016/11/01
بلدات الغوطة الشرقية تسقط كأحجار الدومينو
غالباً ما يُحمّلُ "جيش الإسلام" مسؤولية تراجعه أمام قوات النظام، إلى "فيلق الرحمن" وفصائل أخرى في الغوطة الشرقية (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أعلن "جيش الإسلام" انسحابه من تل كردي وتل الصوان في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، الإثنين، بعد حملة عسكرية كبيرة شنتها قوات النظام، "أطلق فيها 200 محاولة اقتحام"، وفق ما ذكرمصدر عسكري من "جيش الإسلام" لـ"المدن".

وجاء في بيان الجيش: "بعد معارك على جبهة تل كردي استمرت أكثر من 50 يوماً، استخدمت مليشيا الأسد فيها سياسة الأرض المحروقة اضطر المجاهدون للتراجع عن المنطقة".

مصدر محلي في الغوطة الشرقية، قال لـ"المدن"، إن الجبهات في الغوطة الشرقية تسقط في يد النظام كأحجار الدومينو، منطقة تلو الأخرى. ففي أواخر أيلول/سبتمبر سيطرت قوات النظام على رحبة الإشارة في الريحان وانتقلت بعدها لتضغط على تل كردي.

من جهته، قال الناطق باسم هيئة أركان "جيش الإسلام" حمزة بيرقدار، لـ"المدن"، إن النظام استخدم في معاركه على جبهة تل كردي، كل ترسانته العسكرية من قذائف مدفعية وهاون وطيران حربي، واستخدم قبل أيام صواريخ محملة بالنابالم الحارق، ما أدى إلى احتراق المعامل في تل كردي وأجبرنا على التراجع.

وأضاف بيرقدار أن جبهات "جيش الإسلام" في الجهة الشرقية، والشمالية، والشمالية الشرقية، مشتعلة منذ ستة شهور، و"نظراً لهدوء جبهات الفصائل الأخرى وعدم إطلاقها لمعارك مع النظام، انفرد النظام على جبهاتنا".

وغالباً ما يُحمِّلُ "جيش الإسلام" مسؤولية تراجعه أمام قوات النظام، إلى "فيلق الرحمن" وفصائل أخرى في الغوطة الشرقية، متذرعاً باستيلاء "جبهة فتح الشام" و"فيلق الرحمن" على مخازن ومصانع أسلحة تابعة له. لكن ذلك، لا يعفيه، بحسب مراقبين، من مسؤولية توتر الأوضاع الداخلية في الغوطة، وعدم رغبته في تسليم المتورطين من كتائبه الأمنية في عمليات اغتيال طاولت قادة في فصائل أخرى.

ولم تعد المسألة في الغوطة الشرقية تحسب بتراجع الثوار عن منطقة أو تقدمهم في أخرى، فالوضع العسكري في الآونة الأخيرة يهدد وجود المعارضة ككل في الغوطة الشرقية، ويجعل المدنيين أمام مصير مجهول. ناشط إعلامي من مدينة دوما قال لـ"المدن"، إن القضية أكبر من "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، وأخطر من خسارة تل كردي أو غيرها، مشيراً إلى أن استمرار الخلاف الفصائلي بين فصائل المعارضة سيؤدي إلى مزيد من الانحسار في رقعة سيطرتها وفرض النظام تهديداً مباشراً على مدينة دوما.

وفي السياق، أطلقت "الهيئة السياسية في الغوطة الشرقية" مبادرة "جيش الإنقاذ الوطني في الغوطة الشرقية"، وجاءت بعد الحراك الثوري لأهالي الغوطة ومطالبتهم للفصائل بإنقاذها، "بعد حالة الاستعصاء التي وصلت إليها الخلافات الفصائلية"، وفق بيان الهيئة.

وتنبثق "الهيئة السياسية في الغوطة الشرقية" عن "الهيئة العامة في الغوطة الشرقية" التي تأسست في 22 كانون الثاني/يناير 2015، وشارك في تأسيسها شخصيات عسكرية ومدنية بهدف حماية الغوطة الشرقية من النظام والإشراف على إدارة شؤون أهلها في مختلف مناحي الحياة. وكان "جيش الإسلام" من أهم مكونات "الهيئة العامة للغوطة الشرقية"، وأبرز المؤسسين لها، إلا أنه انسحب منها قبل شهرين.

وتدعو الهيئة في بيانها إلى اندماج الفصائل العاملة في الغوطة الشرقية ضمن جيش واحد بقيادة جديدة تؤول إليه كافة الأسلحة والمقرات والإمكانيات المادية والبشرية، يحمل علم الثورة، ويتبنى أهدافها ويعمل على تحقيقها.

وتنص المبادرة على تمثيل "جيش الإسلام" بـ40 في المئة من الجيش الجديد، و"فيلق الرحمن" بـ40 في المئة أيضاً، و10 في المئة لكل من "أحرار الشام" و"فجر الأمة"، وهو ما اعتبره أحد أعضاء "الهيئة العامة" مجحفاً بحق "جيش الإسلام".

وقال عضو "الهيئة العامة" لـ"المدن"، إن النسب قد تكون غير عادلة، لكننا أمام مشكلة أخرى، فإذا حددت نسبة لأحد الفصيلين المتخاصمين أقل من الآخر اتخذها ذريعة لعرقلة أي حل.

واتهم مصدر عسكري من "جيش الإسلام" في حديثه لـ"المدن"، "الهيئة العامة" بمحاباة "فيلق الرحمن"، ووجود شخصيات فيها مقربة من "الفيلق" على حساب "الجيش". وأشار إلى أن فكرة تشكيل جيش موحد للغوطة أطلقتها "رابطة إعلاميي الغوطة الشرقية" في وقت سابق، ووافق عليها "جيش الإسلام" وحضر فعالياتها التي غابت عنها قيادات "الفيلق" آنذاك.

مصدر محلي، مقرب من "فيلق الرحمن"، قال إن "جيش الإسلام" يحاول الالتفاف على "الفيلق" بهدف إنهائه، وما شهدته الغوطة الشرقية من انشقاق فصيل "أبو موسى الأشعري" عن "الفيلق"، وتأسيس "ألوية المجد" الذي بدأ أول أعماله بالاشتراك مع "جيش الإسلام" هو دليل على ذلك.

وكان من المقرر انعقاد اجتماع بين ممثلي "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، الاثنين، في القطاع الأوسط الواقع تحت سيطرة "الفيلق"، إلا أن وفد "الفيلق" لم يحضر، ومُنع وفد "جيش الإسلام" من الدخول إلى المنطقة، وفق ناشط إعلامي مقرب من "جيش الإسلام".

مصدر في القطاع الأوسط، قال لـ"المدن"، إن حاجز "الفيلق" لم يمنع مرور قادة "جيش الإسلام"، وإنما رفض دخولهم قبل وصول مسؤول التنسيق عن الاجتماع، خشية حدوث مشكلة أمنية من دون تنسيق، ما دفع قادة "جيش الإسلام" إلى العودة إلى دوما. وأشار المصدر إلى أن قادة "الفيلق" لم يحضروا بدورهم، وهذه نقطة تسجل عليهم، ولكن بعض الشخصيات المحسوبة على "الجيش" لو أرادت "بصدق" العمل على الإصلاح والحل لعملت على التقارب لا على تعزيز الخلاف.

تزاحمت البيانات والبيانات المضادة في الغوطة الشرقية بين "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، وهما الفصيلين الأكبر، وكلاهما من أبرز مؤسسي "القيادة الموحدة" في العام 2014. بينما ينتظر المدنيون تحقيق مطالبهم بإشعال الجبهات النائمة، وإعادة الحقوق لاصحابها، ومنع تقسيم الغوطة، وتشكيل غرفة عمليات مشتركة. مطالب يبدو أنها غير قابلة للتحقق في الوقت الحالي، في ظل استمرار التناحر الداخلي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها