الأربعاء 2016/10/26

آخر تحديث: 12:02 (بيروت)

المؤتمر الوطني للشباب.. السيسي أب متسلط

الأربعاء 2016/10/26
المؤتمر الوطني للشباب.. السيسي أب متسلط
من الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني للشباب (فايسبوك)
increase حجم الخط decrease

بُمشاركة ٣ آلاف شاب تحت سن الأربعين، ممن ارتأتهم رئاسة الجمهورية أفضل مُمثلي شباب مصر لجلسات الحوار مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، انطلق "المؤتمر الوطني للشباب"، تحت شعار "ابدع.. انطلق"، الثلاثاء، كحلقة أخيرة ضمن استراتيجية الرئاسة لإعداد كوادر شبابية، يدعمون السلطة.

مثّل هذا المؤتمر لألوف من الشباب، ممن رفضت الرئاسة دعوتهم، تمثيلية هزلية تناسب عقلية ومنهجية النظام الذي نشر ثقافة الخوف والذعر والدم في أوساط الشباب، عن طريق حملات الاعتقالات العشوائية، والاختفاء القسري..


هاجر عبدالعزيز، إحدى المتدربات في البرنامج الرئاسي، الذي انطلق منذ عامٍ ونصف، تحت رعاية رئاسة الجمهورية لإعداد الكوادر الشبابية، قالت لـ"المدن"، إن "مؤسسة رئاسة الجمهورية هي  المسؤولة عن تنظيم دورات التوعية السياسية لشباب البرنامج في فترة زمنية امتدت لـ8 شهور، والتي شملت دورات تثقيف سياسي، وتعريف بمبادىء الاقتصاد، وتسويق إعلامي، وتخطيط استراتيجي"، موضحة أن مؤسسة الرئاسة "تصطحبنا مع رئيس الجمهورية بشكل دائم في زياراته الميدانية للمشاريع القومية، أو خلال حضوره المناسبات القومية، لرفع درجة الانتماء الوطني، والتعرف عن قرب علي حجم الانجازات التي حققتها الدولة في ولايته الرئاسية".


تضيف هاجر، التي تشارك في المؤتمر الوطني للشباب المُنعقد في مدينة شرم الشيخ، أن دورة التأهيل البرامجي "أتاحت لنا التعرف علي دورة العمل داخل مؤسسات الدولة، والوزارات، من خلال تنظيم جلسات عمل مستمرة مع الوزراء ومساعديهم طيلة فترة التدريب، مؤكدة أن عدداً منهم عمل كمساعدين داخل هذه الوزارات لكفاءتهم العالية، وصدرت قرارات بتعيينهم في أماكن حكومية أخرى كمجلس النواب". 


وبينما تعتقد هاجر أن المؤتمر المنعقد حالياً يمثل نقلة نوعية على مستوى الحوار بين أعلى سلطة في البلاد والشباب، ورغبة جادة من رئيس الجمهورية في وضع حلول لمشاكل البلاد، ترى الناشطة السياسية منى سيف أن هذا المؤتمر حركة إعلامية سطحية لسلطة "مجرمة وقمعية"، تهدف من ورائه إلى تحسين صورتها أمام العالم الخارجي، وخداع قطاع كبير من المواطنين بالإيحاء أن رئيس الجمهورية يتواصل مع الشباب، ويستمع لهم في مشهد تمثيلي، ويخاطبهم بشكل مُباشر.


حسب وجهة نظر منى، التي تعرضت للاعتقال أكثر من مرة على خلفية مشاركتها في التظاهرات المناوئة للسلطة الحالية، فإن المُشاركة في هذا المؤتمر هي منح شرعية لـ"السلطة المستبدة"، وتلميع لرئيس ديكتاتور، مارس أكبر حركة عنف واعتقال ضد الشباب في تاريخ البلاد.


وأشار منى لـ"المدن"، إلى أن المُشاركين في هذا المؤتمر يتوزعون على مجموعتين؛ الأولى تسعى لكسب صلاحيات وامتيازات من خلال التقرب للسلطة، والثانية لا تزال تعيش وهم أن التفاهم مع السلطة الحالية ربما ينتهي ببعض المكاسب التي تؤدي لتحسين وضع الحريات وحقوق الانسان.


وترى منى، وهي شقيقة الناشطين المعتقلين علاء وسناء عبدالفتاح، أن البرامج الشبابية، المسؤولة عنها مؤسسة رئاسة الجمهورية، أو البرامج الموازية التي تنظمها الوزارات المتخصصة لا تقدم جديداً سوى أنها مؤتمرات شكلية، الغرض منها الترويج لاهتمام الدولة بالشباب، وبيع الوهم لأنصارها. وتشدد على أن مشكلة السيسي الأكبر هي افتقاده لكتلة شبابية فاعلة ومؤثرة على حركة الشارع، وهو الأمر الذي يحاول تعويضه بمحاولات فاشلة كتنظيم مثل هذه الاجتماعات الشبابية.


أستاذ العلوم السياسية في جامعتي القاهرة، والجامعة الأميركية في القاهرة مصطفى كامل السيد، يتفق مع رأي منى في أن المؤتمر لايعدو كونه مظهراً تمثيلياً تهدف من ورائه السلطة لتسويق مسألة اهتمام السيسي بالشباب، وإشراكهم في اتخاذ القرار، موضحاً أن الواقع كاشف لحجم تناقضات هذه السلطة القمعية التي سعت لإقصاء كافة الأصوات المستقلة، وخلق مناخ عام من الخوف.


ويتساءل السيد حول الطريقة التي تم بموجبها اختيار مجموعة بعينها من الشباب للمُشاركة في هذا المؤتمر، أوجلسات الحوار السابقة التي ترعاها رئاسة الجمهورية، واستبعاد شباب الأحزاب السياسية المُعارضة  للسلطة من هذه الجلسات، متوقعاً بروز أعداد من هؤلاء الشباب، ممن شاركوا في المؤتمر الوطني للشباب،  ككوادر قيادية داخل جهاز الدولة، وتعمل لخدمة الرئيس.


ويعتقد السيد أن تنظيم مثل هذه المؤتمرات من جانب السلطة الحالية هو استنساخ لمحاولات الأنظمة السابقة في تأسيس لجان تجنيد شباب يدينون لها بالولاء، كمنظمة "الشباب الاشتراكي"، أو معسكرات "الحزب الوطني" المنحل برعاية نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك، لافتاً إلى أن الفارق بين معسكرات "الوطني" المنحل ومنظمة "الشباب الاشتراكي" عن لجان السيسي الشبابية هي أن منظمة الشباب كانت تضم أفراداً يتمتعون بالتوعية السياسية، كما أن معسكرات "الحزب الوطني" حسب لها قدر أوسع من الحرية، ومساحة أوسع للنقاش، خلافاً لما تتمتع به جلسات الحوار بين السيسي والشباب الذين يتعاملون معه بقدسية، كأنه أب وليس مسؤولاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها