الأحد 2015/07/12

آخر تحديث: 16:32 (بيروت)

"أحرار الشام" تجادل واشنطن حول مفهوم "الاعتدال"

الأحد 2015/07/12
"أحرار الشام" تجادل واشنطن حول مفهوم "الاعتدال"
القضية الأخلاقية ضد الأسد كان يجب أن تكون كافية لاستثنائه كخيار..الحقائق على الأرض تؤكد الآن أن الأسد قد انتهى.
increase حجم الخط decrease
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الجمعة، مقالاً لرئيس العلاقات الخارجية السياسية في "حركة أحرار الشام الإسلامية" لبيب النحاس، بعنوان "النتائج القاتلة للتصنيف الخاطئ لثوار سوريا". النحاس انتقد الإدارة الأميركية بشدة، واتهمها بعدم امتلاك استراتيجية واضحة لإدارة الصراع في سوريا، وعدم احترام "الخطوط الحمراء" التي سبق ووضعتها الإدارة نفسها، ما تسبب بطغيان "الحلول المؤقتة وقصيرة المدى المستلهمة من تجارب أفغانستان والعراق، على الحلول طويلة الأمد والقابلة للتحقيق، بالإضافة إلى الضجة التي أحدثتها وسائل الإعلام المهووسة بتنظيم الدولة الإسلامية". النحاس لا يرى أن نتيجة فشل الإدراة الأميركية يتلخص بحصيلة القتلى الهائلة في سوريا، وأكثر من 11 مليون مهجرٍ، وعدد كبير من المدن المدمرة، بل تتجاوز ذلك إلى "الطريقة المضللة لتصينف الثوار بين معتدلين ومتطرفين".

النحاس توقف عند تصريح وزير الخارجية جون كيري في كانون أول/ديسمبر 2014، القائل بإنه: "لا يجب أن يختار السوريون بين طاغية وإرهابيين"، وإن هناك خياراً ثالثاً: "المعارضة السورية المعتدلة التي تقاتل كلاً من المتطرفين الإرهابيين وبشار كل يوم". النحاس يعتبر بأن نظرة كيري "الجديرة بالثناء تم تحطيمها بسبب تعريف الولايات الأميركية المتحدة لمفهوم الاعتدال، بطريقة ضيقة واعتباطية استثنت مُعظم التيار الرئيسي للمعارضة".

النحاس، اعتبر بأن "أحرار الشام الإسلامية" هي مثال جيد على عدم الوضوح الأميركي في تعريف "الاعتدال"، ويذهب للقول بإن الأحرار هم "جماعة إسلامية سنية ضمن تيار الأغلبية، يقود هذه الجماعة سوريون يقاتلون من أجل السوريين. نحن نقاتل من أجل تحقيق العدالة للشعب السوري، ومع ذلك تم اتهامنا كذباً بوجود علاقات تنظيمية مع القاعدة وبتبني فكرها".

رئيس العلاقات الخارجية السياسية في "حركة أحرار الشام" رفض تلك الاتهامات، ووصفها بأنها "أبعد ما يكون عن الحقيقة"، فالأحرار تؤمن بأن سوريا تحتاج إلى "مشروع وطني جامع لا يمكن أن تتحكم به أو تنجزه جهة أو جماعة واحدة، ولا يجب أن يرتبط الحل بإيديولوجيا واحدة. نحن نؤمن بتحقيق التوازن بين الطموحات المشروعة للأغلبية في سوريا وحماية الأقليات وتمكينهم من المشاركة ولعب دور إيجابي في بناء مستقبل سوريا. نحن نؤمن بمستقبل وسطي معتدل لسوريا يحافظ على الدولة وإصلاح المؤسسات فيها بما يخدم كل السوريين".

النحاس أكد أن "أحرار الشام" تمكنت من التعافي بعد اغتيال عشرات من قادتها، أواخر العام الماضي، في تفجير بمقر لها. ظهور قيادة جديدة بشكل سريع، أكد على "المستوى العالي للمؤسساتية والحرفية في صفوفنا، والدعم الشعبي العميق الذي نتمتع به بين صفوف الحاضنة المحلية". النحاس قال: "يعتبرنا السوريون جزءاً أساسياً وعنصراً ثميناً في المشهد العام للثورة، ومع ذلك تم تشويهنا ظلماً من قبل إدارة أوباما منذ اليوم الأول".

القيادي في "الأحرار" شنّ هجوماً على صناع القرار الأميركان: "بينما هم عالقون في فقاعتهم الخاصة، قام صناع القرار في البيت الأبيض بتخصيص الملايين من أموال دافعي الضرائب في أميركا لدعم جهود (السي آي ايه) الفاشلة في مساندة قوات اعتبروها معتدلة في سوريا. ولكن هذه الجماعات المعتدلة خيبت الآمال على كل المستويات، بما في ذلك مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية. إن السياسة الأميركية الفاشلة في اعتبار الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية هي حرب مختلفة وفي بعض الأحيان متعارضة مع الجهود الرامية لإزاحة الأسد، منعت من الوصول إلى نهاية في كلا المعركتين".

النحاس أشار إلى أن "القتل والتدمير الممنهج، في كثير من الأحيان عبر أسلحة كيماوية، الذي حل بالمدن والقرى السنية من قبل جيش الأسد ذي الغالبية العلوية، لا يزال من أهم عناصر التجنيد المستمر لصالح تنظيم الدولة، كما كان الحال مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي أدت سياساته الطائفية إلى دفع السنة العوام للارتماء في أحضان هؤلاء المتطرفين. ورغم قيام الولايات المتحدة بالضغط لإزاحة المالكي من السلطة، لا يزال البعض في واشنطن والأمم المتحدة متمسكين بمفهوم سخيف يجعل من الأسد جزءاً من الحل في سوريا". ويكمل: "الانتصارات التي حققها الثوار تؤكد أن النظام السوري ضعيف ويموت. لقد فقد كل قدرته لأي مبادرة استراتيجية على الأرض، ويعاني من نقص بشري يشله. الأسد يعتمد الآن بشكل متزايد على المتطوعين الشيعة الممولين من قبل إيران، حتى هؤلاء المقاتلين الأجانب ـالذين تم إحضارهم من مناطق بعيدة كأفغانستان- لم يتمكنوا من عكس سير الأحداث".

يُجادل القيادي في الأحرار: "إن القضية الأخلاقية ضد الأسد كان يجب أن تكون كافية لاستثنائه كخيار، ولكن الحقائق على الأرض الآن هي التي تؤكد أن الأسد قد انتهى. السؤال الوحيد الذي بقي برسم الإجابة هو؛ من سيطلق عليه رصاصة الرحمة، تنظيم الدولة الإسلامية أم المعارضة السورية؟ هذا السؤال يجب أن يدفع واشنطن للاعتراف بأن الفكر المتطرف لتنظيم الدولة لا يمكن هزيمته إلا عن طريق خيار سني سوري، يقوم فيه السوريون أنفسهم بتعريف الاعتدال وليس السي آي ايه". 

يوضح النحاس "على الرغم من انعدام تواصلٍ حقيقيٍ من طرف المجتمع الدولي، إلا أننا لا نزال ملتزمين بالحوار معه. القضايا التي تحتاج النقاش هي كيفية إنهاء حكم الأسد، وكيف يمكن هزيمة تنظيم الدولة، وكيف يمكن أن نضمن حكومة مستقرة تمثل السوريين في دمشق، من شأنها أن تضع سوريا على طريق السلام والتصالح والتعافي الاقتصادي، بينما نمنع تفكك الدولة".

ويُشير في النهاية إلى أن الفرصة مازالت "سانحة للولايات المتحدة الأميركية لتغيير مسارها. الخيار الثالث الذي طرحه جون كيري موجود، ولكن على واشنطن أن تفتح عينها وتبصره".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها