الثلاثاء 2014/12/09

آخر تحديث: 17:22 (بيروت)

تنظيم الدولة الإسلامية في بئر قصب.. حاجز يحمي العاصمة

الثلاثاء 2014/12/09
تنظيم الدولة الإسلامية في بئر قصب.. حاجز يحمي العاصمة
increase حجم الخط decrease

نشر تنظيم الدولة الإسلامية ليل الاثنين، صوراً لتعزيزات أرسلها إلى منطقة بئر قصب، شمال شرق محافظة السويداء جنوبي البلاد. وكان التنظيم، قبل يومين، قد نشر صور معسكر تدريبي لتجنيد الأطفال في دمشق، من دون أن يعلن عن المنطقة التي التقطت فيها هذه الصور، لكن الترجيحات تشير إلى أنها ملتقطة في حي الحجر الأسود أو ببيلا، بريف دمشق الجنوبي، حيث تعد المنطقتان معقلاً للتنظيم. كما جرت مؤخراً، مصالحة بين التنظيم وقوات المعارضة التي كانت تحاصر مقراته، بسبب مهاجمته مقرات للجبهة الإسلامية وتجمع أجناد الشام، وأصبح بمقدوره التحرك بحرية أكبر في المنطقتين.

صور معسكر التدريب لا تحمل أهمية أمام الصور التي نشرها التنظيم في بئر قصب. فتلك المنطقة، وبمعزل عن الجدل الدائر حول تبعيتها للسويداء أم ريف دمشق، فإن قربها من السويداء، جعل العديد من الأصوات تتصاعد للتحذير من سيناريو مشابه لكوباني، يمكن أن يحصل في معقل الدروز في السويداء.



بالنظر إلى خريطة المنطقة، تظهر قرى ريف درعا الشمالي المحاذي لريفي دمشق والقنيطرة، هي الأقرب إلى بئر قصب من أول منطقة مأهولة بالسكان في السويداء. كما يحد المنطقة من الجهة الشمالية الشرقية البادية السورية الممتدة إلى حمص، ومن الشرق الحدود الأردنية والعراقية، التي لا يمكن أن تشكل معابراً لعناصر التنظيم نحو سوريا. فالجزء الأردني من الحدود يبلغ طوله حوالي 134 كيلومتراً، محمي جيداً من قبل القوات الأردنية. أما الجزء العراقي من الحدود والبالغ طوله 233 كيلومتراً، فيعتبر فيه معبر القائم البؤرة الوحيدة لتسلل عناصر التنظيم، فضلاً عن أن الاشتباكات فيها مستمرة بين تنظيم الدولة والقوات العراقية وعناصر البيشمركة الكردية، ووجهة عناصر التنظيم من تلك الحدود تكون دائماً نحو دير الزور السورية. وبالتالي، فالمنطقة الشرقية، التي تعتبر ظهر محافظة السويداء خالية تماماً من أي تهديد يمكن أن يشكله تنظيم الدولة لخلوها من عناصره أو إمكانية تواجدهم فيه.


يتضح من الخريطة، أن نقطة بئر قصب هي نقطة مركزية بالنسبة للتنظيم للتمدد نحو الجنوب فقط، وبتحديد أكثر إلى ريفي درعا والقنيطرة، حيث ساهمت الاتفاقات بين المعارضة والتنظيم والنظام مجتمعة إلى حشر التنظيم في تلك المنطقة. وعناصره استجمعوا أعدادهم فيها من المناطق التي دخلها النظام في ريف دمشق الشرقي، وأبرزها العتيبة، التي كانت تحت سيطرة الجبهة الإسلامية. كما أنها خط تهريب قديم عرّابوه من البدو، تحوّل مع انطلاق الثورة السورية إلى خط إمداد للغوطة الشرقية. ومع تهالك جبهات محافظة ريف دمشق، وتجفيف منابع الجبهة الجنوبية بخسارة المعارضة سيطرتها على مناطق القلمون وامتدادها في ريف حمص الغربي، مثل القصير، باتت بئر قصب خط إمداد، يكاد يكون الوحيد، للجبهة الإسلامية، بقيادة زهران علّوش، القابض على الغوطة والمنفذ، قبل أن يصل عناصر التنظيم إليه.


لم تصدر أي مؤشرات على نية عناصر التنظيم التقدم نحو السويداء. وهم موجودن في بئر قصب منذ ثلاثة أشهر، وينقسمون إلى مقاتلين من العشائر، بايعوا التنظيم، ومقاتلون أصليون، وصلوا إلى المنطقة مؤخراً من الريف الدمشقي. ذلك الأمر دفع بقوات الجبهة الإسلامية إلى فتح معركة معهم، اتضحت معالمها مطلع الشهر الحالي، وآخر قتيل من الجبهة الإسلامية سقط قبل ثلاثة أيام، ويدعى "أبو جهاد سيف الحق".


الاشتباكات بين الجبهة الإسلامية وعناصر التنظيم بلغت ذروتها في السادس من الشهر الحالي. فبعد تقدم قوات زهران علوش على حساب التنظيم، وسيطرتها على ثلاثة مواقع صغيرة، هي عبارة عن حواجز للتنظيم تسيّر خط التهريب. قام النظام بغارات جوية مكثفة، أدت إلى تراجع مقاتلي الجبهة الإسلامية، واستعادة عناصر الدولة لتلك المواقع الواقعة في منطقة مكشوفة، خالية من أي تضاريس قاسية يمكن يحتمي بها مقاتلو الجبهة.


إذاً، تعزيزات التنظيم التي وصلت بئر قصب، الليلة الماضية، كانت لتدعيم قواته المتواجدة في المنطقة، بمواجهة قوات زهران علوش. وبذلك يتّضح أكثر أن ظهور التنظيم في تلك المنطقة لا يشمل حالياً انتقاله إلى مرحلة الاقتراب من السويداء. فالمنطقة معادية تماماً، ولا يمكن أن تشكّل له أي استقرار، إضافة إلى أنه لا يملك قوة عسكرية ضاربة يمكنها اجتياح السويداء.

مصير قوات التنظيم في بئر قصب الاختفاء في النهاية؛ إما على يد الجبهة الإسلامية، أو على يد قوات المعارضة في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر في درعا والقنيطرة، التي ترسل للسويداء رسائل كثيرة يمكن قراءتها بوضوح، مفادها أنها في الخطوط الأمامية إذا ما شكّل التنظيم تهديداً على درعا من موقعه الحالي، أو إذا اختار التقدم نحوها من بوابة جبل العرب.


عناصر تنظيم الدولة في بئر قصب، بمثابة عائق استباقي دفع له النظام بإجبار عناصر التنظيم على سلوك مخرج وحيد من ريف دمشق نحو بئر قصب فقط، لتأخير أي تقدم من درعا أو القنيطرة نحو معركة كبرى قد تجري على أسوار دمشق، ليس أكثر. بعد وصل المعارضة ريفي درعا والقنيطرة ببعضهما.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها